توقيت القاهرة المحلي 20:52:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

انتخابات رئاسية تنافسية

  مصر اليوم -

انتخابات رئاسية تنافسية

بقلم : د. هالة مصطفى

 عادة ما تحظى الانتخابات الرئاسية باهتمام خاص, وتتضاعف أهميتها عقب الأحداث الكبري, التى تمر بها دولة من الدول, كالحروب والاضطرابات والثورات, أو فى المراحل المفصلية فى عمليات التحول الديمقراطى التى نُسميها بالفترات الانتقالية, ويكون لكل حالة منها خصوصيتها وفقا للظرف التاريخى والسياسى المعبر عنها والتحديات التى يفرضها, ما يجعل من كل انتخابات مختلفة عن الأخري, وقد مرت مصر خلال السنوات القليلة الماضية بكل ذلك منذ ثورتى 25 يناير و30 يونيو وما صاحبهما من عدم استقرار سياسى وأزمات اقتصادية وحرب على الإرهاب إلى جانب المشكلات الاجتماعية المزمنة .

كانت الحاجة فى الانتخابات الرئاسية الأولى 2014 إلى قائد ورجل دولة يعبُر بمصر من الحالة الثورية الاستثنائية إلى الحالة الطبيعية المستقرة, ولأنها جاءت عقب حكم جماعة سياسية ذات طابع أيديولوجى (جماعة الإخوان ) أرادت فرضه على الدولة والمجتمع. فضلا عن امتداداتها الخارجية وتحالفاتها الإقليمية التى وظفتها لصالح تنفيذ أجندتها الخاصة, فقد كان المعيار الحاكم فيها هو الحفاظ على هوية الدولة الوطنية المدنية, وهى الانتخابات التى فاز فيها الرئيس عبد الفتاح السييسى بأغلبية كاسحة 96% أمام المرشح الآخر وقتئذ حمدين صباحي, لأنه كان هو الأقدر على إعادة إرساء دعائم الدولة والحفاظ عليها, وبالتالى لم يكن هناك مجال للمنافسة.

الانتخابات الحالية المقرر إجراؤها فى مارس القادم وإعلان نتائجها مايو 2018, تأتى فى سياق مختلف بعد أن تم وضع دستور جديد وتحققت درجة عالية من الاستقرار, رغم استمرار الحرب على الإرهاب, لذلك فقد ركزت معظم الكتابات هذه المرة على مسألة التنافسية, لتكون السياسات العامة داخليا وخارجياهى المحور الرئيسى فيها من خلال البرامج الانتخابية.

تتضمن التنافسية أكثر من عنصر, ولا تقتصر فقط على الناحية العددية للمرشحين (أن يكون هناك أكثر من مرشح) وإنما أن يكون كل منهم قادرا على تقديم خيارات وبدائل للسياسات القائمة دون أن تتشابه برامجهم لأن فى ذلك انتفاء لصفة المنافسة, وأن تتقارب أوزانهم السياسية, رغم أنه شرط لا يؤخذ على إطلاقه, حيث تتفاوت فى الغالب قدرات المتنافسين لكن المقصود ألا تكون الهوة بينهم كبيرة حتى تكون لهم فرص متساوية نسبيا للفوز, ما يتضمن عدم وجود معوقات إدارية من خلال الأجهزة البيروقراطية أو الهيئة المشرفة على الانتخابات, هذا كله من الناحية النظرية, أما من الناحية العملية, وتطبيقا على الواقع المصري, فتثار عدة ملاحظات:

أولا, كانت هناك حالة من الارتباك والتردد بين صفوف المرشحين المحتملين, بدءا بالإعلان عن النية فى الترشح, إلى الترشح فعليا, ثم التراجع, والانسحاب تحت ذرائع مختلفة, انصب بعضها على التشكيك فى نزاهة الإجراءات أو وجود تجاوزات ومخالفات, رغم أن هذه كلها من الأمور التى قد تشهدها أى انتخابات حتى فى الديمقراطيات المتقدمة, وإن كان بالطبع بدرجات متفاوتة, ولذلك فقد نال هذا السلوك من مصداقية المرشحين خاصة أن الإعداد للانتخابات كان من المفترض أن يبدأ مبكرا ولا يكون وليد اللحظة التى يُفتح فيها باب الترشيح.

ثانيا, إن ضعف الأحزاب السياسية وغيابها التام عن المشهد, يلقى بظلاله على درجة التنافسية, باعتبار أن الأحزاب تلعب دورا أساسيا فى تقديم الكوادر والمرشحين ودعمهم ماليا وتنظيميا وجماهيريا فى حملاتهم الانتخابية, لذلك لا تتبقى سوى المبادرات والجهود الفردية, ووفقا لمواد الدستور والقانون المنظم للانتخابات, ينبغى لأى مرشح الحصول على تزكية عشرين عضوا من مجلس النواب, أو تأييد خمسة وعشرين ألف مواطن ممن لهم حق الانتخاب فى خمس عشرة محافظة, وبحد أدنى ألف مواطن فى كل محافظة, وهو أمر قد لا يتوافر للكثيرين, رغم وجاهته القانونية والسياسية.

ثالثا, وفى المقابل, تلعب وسائل الإعلام دورا سلبيا تجاه من يتقدم لترشيح نفسه, إما بالتجريح أو بالاتهام بعدم الوطنية والاغتيال المعنوي, وهو أمر يجب التخلص منه لأنه يكرس واقعا سقيما يضر بالتجربة ككل. باختصار هناك مسئولية تقع على عاتق الدولة والمرشحين على السواء, إذا أردنا أن نمضى قدما فى عملية التحول الديمقراطي.

إن المعركة الانتخابية فى النهاية هى سجال حول الأفكار والبدائل والبرامج, لذلك فقد قدم الرئيس السيسى فى المؤتمر الأخير (حكاية وطن) الذى أعلن فيه عن ترشحه لفترة ثانية للرئاسة، كشف حساب عن الإنجازات التى تمت فى فترة ولايته الأولي, وهى كثيرة تشمل التحرير الاقتصادى وإعادة التوازن إلى ميزانية الدولة, ودفع الاستثمار المحلى والأجنبي, وتجديد البنية الأساسية, خاصة ما يتعلق بقطاع الكهرباء, وإنشاء العديد من الطرق والكباري, ومضاعفة حجم بناء الإسكان الاجتماعى لمواجهة العشوائيات, وتمويل المشروعات المتوسطة والصغيرة لتخفيض معدل البطالة, إلى جانب المشروعات القومية الكبرى (توسيع قناة السويس, والعاصمة الإدارية الجديدة, وزراعة المليون ونصف المليون فدان), وغيرها من إنجازات تمت على الأرض.

لكن أهمية التنافسية السياسية فى الانتخابات تظل فى كونها تسبغ جدية على مجمل هذه العملية, وتسهم فى تنشيط النقاش العام, بالاستماع إلى وجهات النظر الأخري, فربما لا يكون هناك خلاف على الاصلاح, ولكن قد تختلف طرق الوصول إليه, أو ترتيب الأولويات, وهذا شيء لا يُقلق مادام يأتى على أرضية وطنية, على سبيل المثال لا بد من التعرف على آراء المرشحين فى القضايا التى تشكل تحديات أمام صانع القرار, مسألة سد النهضة, العلاقات مع إثيوبيا والسودان, الملفات الإقليمية الشائكة من سوريا إلى ليبيا, صفقة القرن, وكذلك فيما يتعلق بالسياسات الاقتصادية والاجتماعية, وما إذا كانوا يمتلكون حلولا حقيقية لها ,أم مجرد آراء متصورة أو متخيلة, فالديمقراطية لا ترتقى بأسلوب الحكم فقط, وإنما وبالضرورة بأداء المعارضة أيضا. هذا الحوار الانتخابى إذا جرى سيعطى زخما للانتخابات, إذ ليس هناك خلاف على شعبية الرئيس السيسى وشرعيته المستمدة من الإنجاز, بل وفى فرصه الأوفر فى الفوز, ولكن إذا ساد الاعتقاد بأن النتيجة محسومة سلفا, ستتأثر بالسلب نسبة المشاركة فى التصويت, أو يصبح الأمر قريبا من الاستفتاء, وليس الاختيار الديمقراطى من بين المرشحين, وهذه قيمة إضافية للتنافسية السياسية.

نقلا عن الاهرام القاهريه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

انتخابات رئاسية تنافسية انتخابات رئاسية تنافسية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon