توقيت القاهرة المحلي 05:25:13 آخر تحديث
  مصر اليوم -

انتخابات رئاسية تنافسية

  مصر اليوم -

انتخابات رئاسية تنافسية

بقلم : د. هالة مصطفى

 عادة ما تحظى الانتخابات الرئاسية باهتمام خاص, وتتضاعف أهميتها عقب الأحداث الكبري, التى تمر بها دولة من الدول, كالحروب والاضطرابات والثورات, أو فى المراحل المفصلية فى عمليات التحول الديمقراطى التى نُسميها بالفترات الانتقالية, ويكون لكل حالة منها خصوصيتها وفقا للظرف التاريخى والسياسى المعبر عنها والتحديات التى يفرضها, ما يجعل من كل انتخابات مختلفة عن الأخري, وقد مرت مصر خلال السنوات القليلة الماضية بكل ذلك منذ ثورتى 25 يناير و30 يونيو وما صاحبهما من عدم استقرار سياسى وأزمات اقتصادية وحرب على الإرهاب إلى جانب المشكلات الاجتماعية المزمنة .

كانت الحاجة فى الانتخابات الرئاسية الأولى 2014 إلى قائد ورجل دولة يعبُر بمصر من الحالة الثورية الاستثنائية إلى الحالة الطبيعية المستقرة, ولأنها جاءت عقب حكم جماعة سياسية ذات طابع أيديولوجى (جماعة الإخوان ) أرادت فرضه على الدولة والمجتمع. فضلا عن امتداداتها الخارجية وتحالفاتها الإقليمية التى وظفتها لصالح تنفيذ أجندتها الخاصة, فقد كان المعيار الحاكم فيها هو الحفاظ على هوية الدولة الوطنية المدنية, وهى الانتخابات التى فاز فيها الرئيس عبد الفتاح السييسى بأغلبية كاسحة 96% أمام المرشح الآخر وقتئذ حمدين صباحي, لأنه كان هو الأقدر على إعادة إرساء دعائم الدولة والحفاظ عليها, وبالتالى لم يكن هناك مجال للمنافسة.

الانتخابات الحالية المقرر إجراؤها فى مارس القادم وإعلان نتائجها مايو 2018, تأتى فى سياق مختلف بعد أن تم وضع دستور جديد وتحققت درجة عالية من الاستقرار, رغم استمرار الحرب على الإرهاب, لذلك فقد ركزت معظم الكتابات هذه المرة على مسألة التنافسية, لتكون السياسات العامة داخليا وخارجياهى المحور الرئيسى فيها من خلال البرامج الانتخابية.

تتضمن التنافسية أكثر من عنصر, ولا تقتصر فقط على الناحية العددية للمرشحين (أن يكون هناك أكثر من مرشح) وإنما أن يكون كل منهم قادرا على تقديم خيارات وبدائل للسياسات القائمة دون أن تتشابه برامجهم لأن فى ذلك انتفاء لصفة المنافسة, وأن تتقارب أوزانهم السياسية, رغم أنه شرط لا يؤخذ على إطلاقه, حيث تتفاوت فى الغالب قدرات المتنافسين لكن المقصود ألا تكون الهوة بينهم كبيرة حتى تكون لهم فرص متساوية نسبيا للفوز, ما يتضمن عدم وجود معوقات إدارية من خلال الأجهزة البيروقراطية أو الهيئة المشرفة على الانتخابات, هذا كله من الناحية النظرية, أما من الناحية العملية, وتطبيقا على الواقع المصري, فتثار عدة ملاحظات:

أولا, كانت هناك حالة من الارتباك والتردد بين صفوف المرشحين المحتملين, بدءا بالإعلان عن النية فى الترشح, إلى الترشح فعليا, ثم التراجع, والانسحاب تحت ذرائع مختلفة, انصب بعضها على التشكيك فى نزاهة الإجراءات أو وجود تجاوزات ومخالفات, رغم أن هذه كلها من الأمور التى قد تشهدها أى انتخابات حتى فى الديمقراطيات المتقدمة, وإن كان بالطبع بدرجات متفاوتة, ولذلك فقد نال هذا السلوك من مصداقية المرشحين خاصة أن الإعداد للانتخابات كان من المفترض أن يبدأ مبكرا ولا يكون وليد اللحظة التى يُفتح فيها باب الترشيح.

ثانيا, إن ضعف الأحزاب السياسية وغيابها التام عن المشهد, يلقى بظلاله على درجة التنافسية, باعتبار أن الأحزاب تلعب دورا أساسيا فى تقديم الكوادر والمرشحين ودعمهم ماليا وتنظيميا وجماهيريا فى حملاتهم الانتخابية, لذلك لا تتبقى سوى المبادرات والجهود الفردية, ووفقا لمواد الدستور والقانون المنظم للانتخابات, ينبغى لأى مرشح الحصول على تزكية عشرين عضوا من مجلس النواب, أو تأييد خمسة وعشرين ألف مواطن ممن لهم حق الانتخاب فى خمس عشرة محافظة, وبحد أدنى ألف مواطن فى كل محافظة, وهو أمر قد لا يتوافر للكثيرين, رغم وجاهته القانونية والسياسية.

ثالثا, وفى المقابل, تلعب وسائل الإعلام دورا سلبيا تجاه من يتقدم لترشيح نفسه, إما بالتجريح أو بالاتهام بعدم الوطنية والاغتيال المعنوي, وهو أمر يجب التخلص منه لأنه يكرس واقعا سقيما يضر بالتجربة ككل. باختصار هناك مسئولية تقع على عاتق الدولة والمرشحين على السواء, إذا أردنا أن نمضى قدما فى عملية التحول الديمقراطي.

إن المعركة الانتخابية فى النهاية هى سجال حول الأفكار والبدائل والبرامج, لذلك فقد قدم الرئيس السيسى فى المؤتمر الأخير (حكاية وطن) الذى أعلن فيه عن ترشحه لفترة ثانية للرئاسة، كشف حساب عن الإنجازات التى تمت فى فترة ولايته الأولي, وهى كثيرة تشمل التحرير الاقتصادى وإعادة التوازن إلى ميزانية الدولة, ودفع الاستثمار المحلى والأجنبي, وتجديد البنية الأساسية, خاصة ما يتعلق بقطاع الكهرباء, وإنشاء العديد من الطرق والكباري, ومضاعفة حجم بناء الإسكان الاجتماعى لمواجهة العشوائيات, وتمويل المشروعات المتوسطة والصغيرة لتخفيض معدل البطالة, إلى جانب المشروعات القومية الكبرى (توسيع قناة السويس, والعاصمة الإدارية الجديدة, وزراعة المليون ونصف المليون فدان), وغيرها من إنجازات تمت على الأرض.

لكن أهمية التنافسية السياسية فى الانتخابات تظل فى كونها تسبغ جدية على مجمل هذه العملية, وتسهم فى تنشيط النقاش العام, بالاستماع إلى وجهات النظر الأخري, فربما لا يكون هناك خلاف على الاصلاح, ولكن قد تختلف طرق الوصول إليه, أو ترتيب الأولويات, وهذا شيء لا يُقلق مادام يأتى على أرضية وطنية, على سبيل المثال لا بد من التعرف على آراء المرشحين فى القضايا التى تشكل تحديات أمام صانع القرار, مسألة سد النهضة, العلاقات مع إثيوبيا والسودان, الملفات الإقليمية الشائكة من سوريا إلى ليبيا, صفقة القرن, وكذلك فيما يتعلق بالسياسات الاقتصادية والاجتماعية, وما إذا كانوا يمتلكون حلولا حقيقية لها ,أم مجرد آراء متصورة أو متخيلة, فالديمقراطية لا ترتقى بأسلوب الحكم فقط, وإنما وبالضرورة بأداء المعارضة أيضا. هذا الحوار الانتخابى إذا جرى سيعطى زخما للانتخابات, إذ ليس هناك خلاف على شعبية الرئيس السيسى وشرعيته المستمدة من الإنجاز, بل وفى فرصه الأوفر فى الفوز, ولكن إذا ساد الاعتقاد بأن النتيجة محسومة سلفا, ستتأثر بالسلب نسبة المشاركة فى التصويت, أو يصبح الأمر قريبا من الاستفتاء, وليس الاختيار الديمقراطى من بين المرشحين, وهذه قيمة إضافية للتنافسية السياسية.

نقلا عن الاهرام القاهريه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

انتخابات رئاسية تنافسية انتخابات رئاسية تنافسية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon