توقيت القاهرة المحلي 05:49:19 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لا نفرق بين شهيد منهم

  مصر اليوم -

لا نفرق بين شهيد منهم

بقلم : أحمد الصاوي

 قبله كان طابور الشهداء منتظماً حتى عمق تاريخ هذا البلد، ومن بعده واصل الطابور انتظامه، فيما يتأهب كثر لحجز أماكنهم، ليبدو الطابور جسراً تعبر به الأجيال دائماً نحو المستقبل، ويعبر معها الوطن مكملاً رسالة بقائه ووجوده وارتكازه على تلك الأرض.

فى يوم الشهيد، تتذكر الصحف ووسائل الإعلام الفريق عبدالمنعم رياض، الذى استُشهد فى مثل يوم أمس قبل خمسة عقود على جبهة القتال، متصدراً الصفوف فى قلب المواقع الأمامية، وهو قائد الجيش الأهم، الذى تنحصر مهمته فى التخطيط وتحريك الجنود والضباط على الأرض، فإذا به يموت فى وسطهم على مرمى بضعة أمتار من خطوط العدو.

بعد ذلك بسنوات كان قائد أعلى يحتفل بانتصاره وانتصار بلاده وجيشها، فوقف مواجهاً للغدر بصدر مفتوح خالٍ من قميص واقٍ، فنال الشهادة، ربما ليتحدد بوضوح من خلال مسيرة القائدين مصدرا الخطر والتربص، اللذان يحيقان بهذا الوطن، ويجدر أن نبقى دائماً منتبهين لهما، سواء كان العدو قادماً من الخارج يستهدف الأرض والإخضاع، أو ذلك المتوغل من الداخل يستهدف كذلك إخضاع مَن على الأرض.

طوال مسيرة وطنية طويلة لهذا الجيش لم يبخل على بلاده بقائد أو ضابط أو مجند، وطوال ذات المسيرة لم يبخل الشعب على بلاده بتضحيات وشهداء تحملوا كذلك كل خطر، وصعدت أرواحهم مع تلك الأرواح الحية عند ربها، شيوخاً وشباباً ونساء ورجالاً وأطفالاً، عمالاً ومهندسين وموظفين وتلاميذ ورجال شرطة، ربما سجلتهم سجلات الحروب فى تلك التوقيتات أرقاماً للضحايا، لكن الشهادة ومعناها وما فيها من تضحية تبقى قائمة ومتجسدة.

ومع دخول مسيرة هذا البلد مرحلة مواجهة العدو المتخفى فى الداخل، قدم هذا الشعب فى مراحل أولى من رجال شرطته وأبنائه المدنيين الكثير من الشهداء، مجندين وضباطاً وعناصر شرطية، قضت أجمل سنوات العمر تطارد الخطر القاسى فى مزارع القصب بالصعيد وفى الصحراوات المتاخمة لشريط النيل وفى قلب المناطق الشعبية، خلال فترة لم تُسجَّل بعدُ بنزاهة تضحياتها وجهدها، امتدت فى عقدى السبعينيات والثمانينيات حتى أوائل التسعينيات، وفى هذه المدة كان الشهداء المدنيون كذلك يواجهون مصائرهم القادمة من حقائب مجهولة على المقاهى أو فى محطات الأتوبيس، لم تكن هناك فوارق فى العدو والاستهداف والمصير بين الشيخ «الذهبى» والعميد شكرى رياض والدكتور «المحجوب» والطفلة «شيماء».

تماماً كما كان العدو واحداً والاستهداف والمصير بين رجال الجيش والشرطة فى مواقع كثيرة بسيناء والصحراء الغربية، ومعهم المستشار هشام بركات و«قويدر»، ابن سيناء، والطفل «فارس»، ابن البواب، وأسماء كثر تعددت فيها الخلفيات المهنية والاجتماعية للشهداء.

فى يوم الشهيد، آن لنا أن نتذكر صاحب كل تضحية وكل مَن أدى واجباً كان ثمنه حياته، وكل مَن دفع حياته ثمناً لانتفاض هذا البلد ضد ما يحيق به من خطر، وإذا كان البرلمان قد انتهى من قانون رعاية أسر الشهداء دون أن يفرق بين شهيد عسكرى وشهيد مدنى، أتمنى أن يمتد أثر القانون الطيب إلى كل الشهداء، غير مقتصر على حقبة السنوات السبع الأخيرة.

وإذا كان لى أن أقترح مع هذا القانون، فالأهم هو إطلاق مؤسسة رسمية للشهيد، تتولى الحصر والتسجيل والتوثيق والتنسيق والمتابعة وتوجيه الدعم، تماماً كجمعية المحاربين القدماء وضحايا الحرب.

هذا وطن غنى بشهدائه السابقين، وبالجاهزين للحاق بمَن سبقوهم، مُقبِلين غير مُدبِرين، وأضعف الإيمان أن نتذكرهم كلهم ونخصهم بالدعم والتكريم والتأبين والدعاء، لا نفرق بين أحد منهم، وهم جميعاً عند ربهم يُرزقون.

نقلاً عن المصري اليوم القاهرية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا نفرق بين شهيد منهم لا نفرق بين شهيد منهم



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon