توقيت القاهرة المحلي 10:59:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لا نفرق بين شهيد منهم

  مصر اليوم -

لا نفرق بين شهيد منهم

بقلم : أحمد الصاوي

 قبله كان طابور الشهداء منتظماً حتى عمق تاريخ هذا البلد، ومن بعده واصل الطابور انتظامه، فيما يتأهب كثر لحجز أماكنهم، ليبدو الطابور جسراً تعبر به الأجيال دائماً نحو المستقبل، ويعبر معها الوطن مكملاً رسالة بقائه ووجوده وارتكازه على تلك الأرض.

فى يوم الشهيد، تتذكر الصحف ووسائل الإعلام الفريق عبدالمنعم رياض، الذى استُشهد فى مثل يوم أمس قبل خمسة عقود على جبهة القتال، متصدراً الصفوف فى قلب المواقع الأمامية، وهو قائد الجيش الأهم، الذى تنحصر مهمته فى التخطيط وتحريك الجنود والضباط على الأرض، فإذا به يموت فى وسطهم على مرمى بضعة أمتار من خطوط العدو.

بعد ذلك بسنوات كان قائد أعلى يحتفل بانتصاره وانتصار بلاده وجيشها، فوقف مواجهاً للغدر بصدر مفتوح خالٍ من قميص واقٍ، فنال الشهادة، ربما ليتحدد بوضوح من خلال مسيرة القائدين مصدرا الخطر والتربص، اللذان يحيقان بهذا الوطن، ويجدر أن نبقى دائماً منتبهين لهما، سواء كان العدو قادماً من الخارج يستهدف الأرض والإخضاع، أو ذلك المتوغل من الداخل يستهدف كذلك إخضاع مَن على الأرض.

طوال مسيرة وطنية طويلة لهذا الجيش لم يبخل على بلاده بقائد أو ضابط أو مجند، وطوال ذات المسيرة لم يبخل الشعب على بلاده بتضحيات وشهداء تحملوا كذلك كل خطر، وصعدت أرواحهم مع تلك الأرواح الحية عند ربها، شيوخاً وشباباً ونساء ورجالاً وأطفالاً، عمالاً ومهندسين وموظفين وتلاميذ ورجال شرطة، ربما سجلتهم سجلات الحروب فى تلك التوقيتات أرقاماً للضحايا، لكن الشهادة ومعناها وما فيها من تضحية تبقى قائمة ومتجسدة.

ومع دخول مسيرة هذا البلد مرحلة مواجهة العدو المتخفى فى الداخل، قدم هذا الشعب فى مراحل أولى من رجال شرطته وأبنائه المدنيين الكثير من الشهداء، مجندين وضباطاً وعناصر شرطية، قضت أجمل سنوات العمر تطارد الخطر القاسى فى مزارع القصب بالصعيد وفى الصحراوات المتاخمة لشريط النيل وفى قلب المناطق الشعبية، خلال فترة لم تُسجَّل بعدُ بنزاهة تضحياتها وجهدها، امتدت فى عقدى السبعينيات والثمانينيات حتى أوائل التسعينيات، وفى هذه المدة كان الشهداء المدنيون كذلك يواجهون مصائرهم القادمة من حقائب مجهولة على المقاهى أو فى محطات الأتوبيس، لم تكن هناك فوارق فى العدو والاستهداف والمصير بين الشيخ «الذهبى» والعميد شكرى رياض والدكتور «المحجوب» والطفلة «شيماء».

تماماً كما كان العدو واحداً والاستهداف والمصير بين رجال الجيش والشرطة فى مواقع كثيرة بسيناء والصحراء الغربية، ومعهم المستشار هشام بركات و«قويدر»، ابن سيناء، والطفل «فارس»، ابن البواب، وأسماء كثر تعددت فيها الخلفيات المهنية والاجتماعية للشهداء.

فى يوم الشهيد، آن لنا أن نتذكر صاحب كل تضحية وكل مَن أدى واجباً كان ثمنه حياته، وكل مَن دفع حياته ثمناً لانتفاض هذا البلد ضد ما يحيق به من خطر، وإذا كان البرلمان قد انتهى من قانون رعاية أسر الشهداء دون أن يفرق بين شهيد عسكرى وشهيد مدنى، أتمنى أن يمتد أثر القانون الطيب إلى كل الشهداء، غير مقتصر على حقبة السنوات السبع الأخيرة.

وإذا كان لى أن أقترح مع هذا القانون، فالأهم هو إطلاق مؤسسة رسمية للشهيد، تتولى الحصر والتسجيل والتوثيق والتنسيق والمتابعة وتوجيه الدعم، تماماً كجمعية المحاربين القدماء وضحايا الحرب.

هذا وطن غنى بشهدائه السابقين، وبالجاهزين للحاق بمَن سبقوهم، مُقبِلين غير مُدبِرين، وأضعف الإيمان أن نتذكرهم كلهم ونخصهم بالدعم والتكريم والتأبين والدعاء، لا نفرق بين أحد منهم، وهم جميعاً عند ربهم يُرزقون.

نقلاً عن المصري اليوم القاهرية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا نفرق بين شهيد منهم لا نفرق بين شهيد منهم



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 00:01 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

"لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا"
  مصر اليوم - لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا

GMT 14:55 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 07:29 2020 الأربعاء ,17 حزيران / يونيو

ارمينيا بيليفيلد يصعد إلى الدوري الألماني

GMT 13:03 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

"فولكس فاغن" تستعرض تفاصيل سيارتها الجديدة "بولو 6 "

GMT 18:07 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الإيطالي يتأهب لاستغلال الفرصة الأخيرة

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 22:13 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

بسبب خلل كيا تستدعي أكثر من 462 ألف سيارة

GMT 00:02 2023 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات فولكس فاغن تتجاوز نصف مليون سيارة في 2022

GMT 08:36 2021 الخميس ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أيتن عامر تحذر من المسلسل الكوري «squid games»

GMT 20:44 2021 الأربعاء ,15 أيلول / سبتمبر

شيرين رضا تتعرض للخيانة الزوجية من صديقتها المقربة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon