بقلم : أحمد الصاوي
لو سألتنى ما الذى ينقص العرب ليكونوا قوة ذات تأثير فى العالم؟ سأجيبك بسؤال أيضاً يقول: ما الذى ينقص الفرق الأفريقية للفوز بكأس العالم فى كرة القدم؟!.
من جانب تمتلك هذه الفرق لاعبين على مستوى عال جداً فى الكفاءة والمهارة، تعتمد عليهم أنديتهم الكبرى فى الدوريات الأوروبية، وتدفع فيهم ثمناً باهظاً للفوز بمجهوداتهم، وتشاهدهم بنفسك يقودون هذه الأندية من فوز إلى فوز ومن بطولة إلى أخرى بأداء رائع ومبهر، كما تمتلك مدربين على مستوى عال أيضاً، خبرات أوروبية كبيرة فى التدريب، إلى جانب بيئة احتراف رياضى يتربى فيها اللاعبون من الصغر، بمعنى أن ما يقوله المدرب الأوروبى لا يبدو غريباً على أذهان لاعبين يقضون معظم أوقاتهم فى الملاعب الأوروبية بنفس «السيستم».
هل هى مسألة انتماء إذن؟. لا يمكن أن تصدر حكماً كهذا على إطلاقه، يكفى أن تنظر لبكاء اللاعبين عقب الخسارة، لتعرف أن فريقاً يضم 11 لاعباً فى الملعب ومثلهم فى الخارج، لا يمكن أن تشكك فى ولائهم لبلادهم على الأقل الغالبية منهم، وبالتالى هى ليست مسألة أموال، فمن جانب هم أغلى وأغنى اللاعبين فى تاريخ كرة القدم بالقارة، ومن جانب آخر قد تبخل حكوماتهم على أى شىء سواء فى خطط التنمية أو فى التعليم والصحة ولا تبخل على نجوم الكرة الذين يسعدون الشعب، ولك أن تتخيل ما الذى يمكن أن تفعله أى حكومة مهما كانت فقيرة لو فاز فريقها بكأس العالم.
المسألة وسط كل هذه التفاصيل لا تحتاج إلى تفكير كثير، ببساطة تذهب فرق البرازيل وألمانيا وإيطاليا والأرجنتين إلى كأس العالم فى كل مرة لتفوز بها، مهما كان أداؤها سيئاً أو صفوفها غير مكتملة، وتذهب فرق مثل فرنسا وإسبانيا وإنجلترا، وهى يحدوها الأمل، خصوصاً إذا كانت فى حالة فنية عالية، لكن الفرق الأفريقية والعربية ينتهى طموحها بمجرد النجاح فى التأهل لكأس العالم، تناضل من أجل هذا التأهل، وتزهو فرحاً به عندما يتحقق، وكأنه نهاية الإنجاز، أو قبلة المحبين فى نهاية أفلام الرومانسية السينمائية المصرية.
ليس شرطاً أن تكون الأفضل لتكون الكبير فى موازين القوى الكروية، المهم أن تمتلك إرادة البطولة، تلك الرغبة فى ألا تكون فى الهامش، أن يستقر فى قرارة نفسك أنك «كبير» وأن تعمل لخدمة ذلك، بعيداً عن الشعارات الجوفاء، لن تكون بطلاً إلا إذا أردت، وإرادتك لابد أن تلحق بها أفعالاً وليس أقوالا، بهذا المنطق تتعامل إسرائيل فى المنطقة، رغم أزماتها الداخلية وصراعاتها الخارجية، وتتحرك إيران غير مكترثة بالأزمات أمام الهدف القومى الذى تحركه إرادة فى الظهور كبطل، وتسير تركيا على ذات المنهج، تناطح الآخرين علانية مؤمنة أنها دولة كبرى وليست «قبيلة»، وتعانى الهند والبرازيل من أزمات فقر وتخلف وأمية وترد فى الخدمات الصحية والتعليمية، لكنهما تتحركان بمعيار الدولة الكبيرة، تعملان على مواجهة الأزمات، ومضاعفة الإنتاج وتحسين الكفاءة وفرض النفوذ الدولى، وفى داخلهما يقين لا يتزعزع أنهما قوتان دوليتان كبيرتان.
البطولة قرار واختيار، وإرادة التأثير والبطولة ورفض التواجد على الهامش هى الفارق بين العرب والأفارقة وبين كثير من دول العالم الناهضة فى كرة القدم وفى السياسة الدولية أيضا!.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع