توقيت القاهرة المحلي 16:08:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الإسلام والفن فى مكتبة الإسكندرية

  مصر اليوم -

الإسلام والفن فى مكتبة الإسكندرية

بقلم : أحمد الصاوي

 خلال أقل من 8 أشهر فقط، شاركت فى 3 فعاليات بمكتبة الإسكندرية، عنوانها «التطرف»، غير فعاليات أخرى تذهب إلى بحث التطرف، حتى دون أن يكون ذلك مدرجاً فى عناوينها.

منذ اللحظة الأولى لتحمل الدكتور مصطفى الفقى مسؤولية إدارة المكتبة وهو يفرض نمط حركته الدؤوبة وحيوية أفكاره وتصالحها على أدائها، وربما فرضت اللحظة نفسها عليه وعلى زملائه، فى وقت ينشغل فيه العالم بقضايا التطرف والتمييز والعنصرية، وتغرق منطقتنا فى آثار هذا التطرف، فيما كان انشغالها بسنوات التغيير والانفجار بعد الربيع العربى يبعدها عن التعمق فى فهم التطرف ووسائل مواجهته من العمق.

حتى حين أفرغ انفجار (الربيع العربى) ما لديه أو بدا أنه انتهى من ذلك، جرى توظيف عنوان مكافحة التطرف سياسياً، فحرّكت السياسة دعاوى المكافحة، وقادت المجتمع ونخبه فى هذا الاتجاه وليس العكس، ولأنها سياسة تحركها المصالح المباشرة والخطوات الآنية بأكثر من مشروعات الأمة ومستقبلها، التى من المفترض أن تشغل المفكرين والنخب، فقد جاءت الحركة منضبطة على بوصلة السياسة ومَن يديرها من أصحاب القرار والأجهزة، فاتجهت (تلوش) فى أصداء صراعات سياسية مع جماعات وأطراف ومؤسسات.

ما يحدث فى المكتبة شكل مغاير تماماً، خصوصاً بعد أن ترك القائمون عليها العناوين العريضة التى يتسع الكلام فيها لأى مثقف أو شخصية عامة، إلى العناوين العميقة التى لا تناسب إلا المتخصصين المتعمقين، ومن ثَمَّ تختلف النقاشات داخلها عن الرطان العام وانعكاساته فى برامج التوك شو أو مواقع التواصل الاجتماعى.

هذه المرة كان الحديث عن الفن الإسلامى فى مواجهة التطرف.. بعد أقل من الشهرين على فتح ملف الآداب والفنون فى مواجهة التطرف والإرهاب، ونقاشات سابقة عن القوى الناعمة وتأثيراتها.

تستطيع القول إن الفن الإسلامى من القوى الناعمة المسكوت عنها، وهذا ما تجده حاضراً فى نقاشات حقيقية من نخب متخصصة وقادرة على الدخول إلى عمق الأشياء وربطها بالواقع بلغة بسيطة وعروض ممتعة ومدهشة سواء فى عرضها أو محتواها.

قيمة الفن الإسلامى من عمارة وزخارف وخطوط وتصوير وإنشاد كبيرة جداً وفق المعايير الفنية، لكن القيمة السياسية والفكرية فى زمن التطرف أعظم، خصوصاً أن ما تركه الفنان المسلم من أثر فى حد ذاته يمكن أن يكون رداً متجسداً على كثير من فتاوى التشدد والانغلاق ومناهج التحريم المطلق للفنون، خاصة أن الكثير منها نما وترعرع فى ظل الخلافة والخلفاء المتعاقبين، باعتبار نموذج دولتهم هو حلم المتطرفين والمُغرَمين بالتاريخ والمُقدِّسين لهذا النمط من الحكم.

من قلب أثر الفنون الإسلامية، يبدو لك أن الفنان المسلم الذى عاش فى كنف الخلفاء وبجوار صحابة كبار وفقهاء عظام، نجح فى استيعاب الفنون جميعها واستخدام التصوير والموسيقى والتعبير الجسدى لخدمة مشروعه، وترك أثراً يمكن بإعمال العقول التأسيس من خلاله لتصالح كبير بين مفهوم الغالبية العظمى للإسلام وبين الفن، وكأن هناك عداء من هذا الدين للفنون على إطلاقها، بما يتنافى مع تعزيزه ثقافة الاندماج والانفتاح على الحضارات واستخدام كافة الأدوات فى التعبير عن الإنسان المسلم فى حياته الدنيا وفى اعتقاداته عنها وعما بعدها من مصائر.

باحثون مهمون جداً على مستوى التخصص والطرح الجديد وليس على مستوى الإعلام للأسف، اجتمعوا من 13 دولة، لتكون خلاصة رسالتهم أن فهم الفن الإسلامى يمكن أن يسهم فى تفكيك أساطير كثيرة مؤسِّسة لخطاب التطرف على المستويين الفقهى والتاريخى على السواء، وأن الفن الإسلامى عالمى امتزج بالحضارات والفنون الأخرى، وتشارك مع الآخرين كثيراً، ولم يكن مميزاً فقط للمسلمين، بل كان فيه مسلمون ويهود، وحتى الديانات الأخرى، وتفاعل مع كل الفنون وأخذ عصارة هذه الفنون وترك الآثار والفنون الأخرى ولم يدمرها واعتبرها فناً يجب أن نتعلم منه وندرسه، فى إطار فلسفة تربط بين الفنون ومقاصد الشريعة فى تربية إنسان مسلم متزن نفسياً وعقلياً ومنفتح ومحب ومتدبر فى الجمال ومستوعب دينه ومقاصده دون غلو أو تفريط.

كثير مما دار من نقاش وما تم عرضه من دراسات يستحق أن يُنقل وأن يكون جزءاً من خطاب تعليمى وإعلامى مهتم، ولن يحدث ذلك إلا بربط جهود مكافحة التطرف ببعضها، وفق استراتيجية عاقلة، تُنَحِّى المكايدات السياسية والبحث عن المكاسب العاجلة، وتنطلق لتبَنِّى مشروع كامل لأمة، يرتكز على التعليم والثقافة والفنون والفهم الصحيح للدين، الذى يمكنه استيعاب كل ذلك، والأهم البحث عن آليات مبتكرة للوصول إلى الناس وجذب انتباههم إلى عمق القضايا، وإبعادهم عن الرطان الشكلى، الذى يملأ الفراغات لكن لا يخلق فهماً ولا شبعاً

 نقلًا عن المصري اليوم

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإسلام والفن فى مكتبة الإسكندرية الإسلام والفن فى مكتبة الإسكندرية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon