توقيت القاهرة المحلي 05:32:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مهمة رئيس فى ولاية «أخيرة»

  مصر اليوم -

مهمة رئيس فى ولاية «أخيرة»

بقلم : أحمد الصاوي

 يختار كل رئيس بديله، إما بشكل مباشر، أو تدفع سياساته وممارساته إلى بديل بعينه.

فى مصر حكم نظام يوليو لأكثر من ستين عاماً بآليات متشابهة، الجمهورية التى أسسها الضباط الأحرار بعد أن أطاحوا بالملكية وغيروا النظام الحاكم برمته، برؤوسه وقياداته وأحزابه ونخبه وثقافته وانحيازاته، ظلت متماسكة وحاكمة، قد تتغير السياسات والانحيازات، لكن يبقى الملمح الرئيس نظام حكم يرتكز على ثقل ونفوذ وتأثير وضمانة القوات المسلحة، وعلى رأسه أحد أبناء المؤسسة العسكرية.

اختار عبدالناصر السادات، بعد سلسلة من التبديل والصعود والهبوط لرفاق السلاح، لكن كان السادات من داخل النظام، تولى موقعه بحكم الترتيب الهرمى فى هذا النظام، واختار السادات مبارك، وأمّن وجود مبارك كنائب لحظة اغتيال السادات استقراراً سريعاً واستمراراً لنظام يوليو بملامحه الأساسية، والأهم تجنيب البلاد صراعاً على السلطة.

جاء الرئيسان التاليان لعبدالناصر وفق منهجٍ فيه قدرٌ كبيرٌ من الوصاية واحتكار فهم المصلحة وتعزيز مفهوم الاستقرار.

لكن مبارك لم يختر بديله، وإن كان خيّرنا بين بديلين: توريث، لكن هذه المرة ليس لرفيق سلاح فى إطار يوليوى، وإنما توريث فى إطار عائلى لنجله، أو بين الإخوان كجماعة هى الأجهز لملء فراغ سقوط حكمه، بعد أن عمدت سياساته إلى إزاحة وتهميش وإضعاف أى بدائل أخرى كان يمكن أن تكون أكثر أمناً وانتماءً للدولة الوطنية، سواء كان ذلك رموزاً من داخل الدولة نفسها أو أحزاباً قائمة.

قبل لحظة التخيير هذه مضت سنوات كسر فيها مبارك كل قيم جمهورية يوليو ومبادئها فيما يخص الحفاظ على حد أدنى من العدالة الاجتماعية مقابل التفويض السياسى، والأهم تمكين نجله من ماكينتى الاقتصاد والتنظيم السياسى.

لكن هذا النظام الوصائى سقط مرة فى عهد ما بعد الثورات والانفتاح السياسى ودساتير تداول السلطة، لأنه كان نظاماً لم يمنح الناس حق التغيير ولم يخلق أمامهم البدائل الآمنة للتغيير، وبالتالى كانت كلفة التغيير فادحة، لأن البدائل الجاهزة المأمونة كانت غير متوفرة، وبما أننا عدنا لصورة يراها البعض استعادة لدولة يوليو، النظام الراسخ على دعم الجيش، والرأس القادم من صفوفه لكن فى إطار انتخابى وإجراءات دستورية وشكل ديمقراطى، اعتبر البعض الولاية الأولى للرئيس السيسى استثنائية تماماً، ومعهم الكثير من الحق، الهدف منها استعادة الدولة وإعادة تثبيتها واستعادة الأمن وتحريك ماكينة الاقتصاد وإعادة العافية إلى جسد الدولة، وفى الوقت نفسه تخفيف حدة الاستقطابات والجدل العام.

ربما نجحت الولاية الأولى فى ذلك إلى حد إغلاق المجال العام تماماً سياسياً، وإعادة وضع البلاد على قضبان النمو اقتصادياً، واتخاذ إجراءات جريئة وغير مسبوقة فى اتجاه الإصلاح الإدارى والاقتصادى.

والطبيعى فى الولاية الثانية أن يستكمل الرئيس هذا الاتجاه، لكن تبقى مهمته الأهم قبل نهاية ولايته الثانية أن يختار خَلَفه، أو بمعنى أصح يُمكّن المصريين من هذا الاختيار فى جو صحى فيه قيمة الاختيار بين بدائل والنظام الداعم لهذا الاختيار.

ظل المبدأ المهمل فى مبادئ ثورة يوليو باستمرار هو مبدأ «إقامة حياة ديمقراطية سليمة»، وما يعنيه إنشاء نظام سياسى قائم على حياة ديمقراطية سليمة أنك تخلق للناس بدائل آمنة للتغيير عبر فتح المجال وتسهيل عملية التنظيم لتكوين هذه البدائل من داخل النظام وفى إطار الدستور.

يملك المواطن فى أوروبا والدول المتقدمة البدائل الآمنة للتغيير، حين يسأم رئيساً أو يحب أن يعاقب حزباً حاكماً أو يتخلى عن سياسة سائدة بعد تجربتها وثبوت فشلها، يستطيع أن يختار من بين هذه البدائل دون أن يكون باختياره يُعرّض استقرار الدولة للخطر أو يغير فى هويتها واعتباراتها الوطنية.

لم يساعد مبارك المجتمع على خلق البدائل الآمنة تحت مظلة الدولة الوطنية، لأنه كان يفكر فى نفسه فقط، لذلك كانت فاتورة إزاحته باهظة، ونتيجتها أخطر على الدولة الوطنية وسياق التطور الطبيعى للمجتمع المصرى.

ولديك مصادفة جرت فى انتخابات رئاسية أعقبتها انتخابات على رئاسة حزب تاريخى كحزب الوفد، ما يعنى أننا نملك مؤسسات يمكن إصلاحها ونستطيع بناء أخرى يمكنها توفير هذه البدائل وبناء السياسات فى إطار نظام سياسى نستطيع أن نبنيه.

هذه مهمة رئيس فى ولاية ثانية، وبحكم الدستور الحالى هى ولاية أخيرة، والتنمية السياسية وبناء نظام التداول الآمن للسلطة بنفس أهمية التنمية الاقتصادية واستعادة عافية الدولة، وكما اتخذ قرارات اقتصادية جريئة فى وضع صعب، عليه أن يتخذ قرارات سياسية ليست أصعب وليست أقل أهمية.

نقلاً عن المصري اليوم

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مهمة رئيس فى ولاية «أخيرة» مهمة رئيس فى ولاية «أخيرة»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon