توقيت القاهرة المحلي 11:34:47 آخر تحديث
  مصر اليوم -

طريق واحد للحاج والمقدس

  مصر اليوم -

طريق واحد للحاج والمقدس

بقلم : أحمد الصاوي

 من بين البحوث اللافتة للنظر فى مؤتمر مكتبة الإسكندرية عن الفن الإسلامى ومكافحة التطرف، والذى تناولت قيمته وأثره فى المقال السابق، تلك التى تعرضت إلى قضايا الآخر فى الشريعة الإسلامية وكيف عبر عنها الفن الإسلامى بشكل يعزز التعايش والتسامح ويدلل على الاندماج الكامل ويؤكد الفهم المستنير للإسلام الذى ساد فى عصور الحضارات الإسلامية وأسهم فى تفوقها، وكيف كان الفن فى عصور الحضارة الإسلامية مظلة كبرى لم تستوعب فقط الفنان المسلم وإنما أطلقت عنان الإبداع لكل الفنانين «المواطنين» فى الدولة الإسلامية أيا كانت دياناتهم.

الدكتور عبدالرحيم ريحان بركات، مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بوجه بحرى وسيناء، عرض بحثاً فى غاية الأهمية والدلالة عن «الفنون المسيحية والإسلامية بسيناء، وكيف أكدت قيم التسامح والتعانق بين الأديان»، تضمن دراسة للقطع الأثرية المستخرجة من عدة مواقع أثرية مسيحية وإسلامية بطور سيناء، مؤكداً أن منطقة الطور تمثل نموذجًا حيًا للتعايش الحضارى الآمن بين عنصرى الأمة وأنه منذ عام 1885م حين تحول طريق الحج البرى عبر وسط سيناء إلى مكة المكرمة إلى الطريق البحرى كان يركب المقدّس المسيحى مع الحاج المسلم نفس السفينة من ميناء السويس إلى ميناء الطور القديم منذ العصر المملوكى ويتقابل الحاج مع المقدس فى دير الوادى بالطور وفى الأماكن المقدسة المسيحية والإسلامية بالطور ثم يتوجهان سويًا لزيارة دير سانت كاترين وجبل موسى والجامع الفاطمى داخل الدير بعدها يفترقان، المقدس المسيحى يكمل طريقه للقدس والحاج المسلم يعود إلى ميناء الطور ليكمل طريقه عبر البحر الأحمر إلى جدة ومنها إلى مكة المكرمة.

وفى دراسة للدكتور سامى صالح عبدالمالك البياضى، وطارق إبراهيم من وزارة الآثار، حول إسهامات الروم والقبط فى الحضارة والفنون الإسلامية، انطلقا من رصد الفنون القبطية والرومانية فى العصور السابقة للإسلام، وكيف احتك بها الفنان المسلم واندمج معها وتعلم منها، ففى مجال البناء والتشييد والفنون نجد الكثير من العرب ممن تعلموا فنون البناء والتشييد والزخرفة مع الرومان، حتى إن بعض المهندسين العرب بزوا مهندسى الروم أنفسهم، وكثير من المشيدات التى وصلتنا فى بلاد العرب صممها ونفذها مهندسون من أصول عربية، فمدن صالح، والبترا، وبُصرى، وتدمر، ولبدة، ومصراته وغيرها تشتمل على منشآت معمارية شيدها مهندسون عرب خدموا زمن احتلال الرومان لهذه البلاد، وأن من وُجد بعد الفتوحات الإسلامية ساهم فى بناء الحضارة الإسلامية من مهندسين وفنيين وحرفيين فاستمرت التأثيرات الرومانية- البيزنطية فى الحضارة والفنون الإسلامية.

كما كان للسكان الأصليين كالقبط «المصريين» دور مهم فى الحضارة العربية ومن بعدها الإسلامية كما سنرى، ولا أدل على ذلك من إسهام نجار قبطى- حسب الروايات التاريخية- فى بناء الكعبة المشرفة، أقدس مكان عند العرب، وذلك عند بناء قريش لها.

أما بعد الفتوحات الإسلامية فقد كان لأهل البلاد التى تم فتحها إسهامات جد مهمة فى ازدهار الحضارة والفنون الإسلامية، خاصة تلك المشيدات التى شُيدت خلال العصور الإسلامية المبكرة، فعلى سبيل المثال لا الحصر وردت رواية مفادها أن الخليفة الأُموى الوليد بن عبدالملك عندما عزم على إعادة بناء المسجد النبوى الشريف بالمدينة المنورة استعان بصناع من الروم، ومواد خام لعمل الفسيفساء التى تم بها تزيين جدران المسجد النبوى.

كما تمت الاستعانة بصناع من القبط عند تأسيس دور صناعة السفن بالبلاد الإسلامية الواقعة على البحر المتوسط، خاصة فى كل من مِصْر وتونس، لخبرتهم بصناعة السفن.

كما أن الآثار الباقية، خاصة الأُموية منها وبعض العباسية، تُوضح لنا استمرار كثير من التقاليد الفنية السابقة على الإسلام فى الحضارة والفنون الإسلامية مما يُؤكد استمرار أهل البلاد التى تم فتحها فى العمل بمجالاتهم المختلفة مما ساعد على النهضة الحضارية الإسلامية فى شتى المجالات، وبما لا يخالف عادات وتقاليد وثقافة وعقيدة هؤلاء الفاتحين. وتظهر الدراسة أن تلك الروايات التاريخية والآثار الباقية للفن الإسلامى، تظهر قبول الحضارة والفن الإسلامى للآخر، وهذا أمر ليس بالسهل كما تقول الدراسة، ويتطلب فكراً ووعياً ثقافياً ودينياً لا يستهان به فى تلك العصور المبكرة، وبالتالى ظهر دور العنصر غير العربى وغير المسلم فى نهضة وتطور الحضارة والفكر والفن الإسلامى.

نقلاً عن المصري اليوم

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طريق واحد للحاج والمقدس طريق واحد للحاج والمقدس



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان

GMT 12:50 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

علالو يؤكّد الجزائر "تعيش الفترة الأهم في تاريخ الاستقلال"

GMT 04:46 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

اتجاهات ديكور المنازل في 2020 منها استخدام قطع أثاث ذكي

GMT 00:42 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بدء تصوير فيلم "اهرب يا خلفان" بمشاركة سعودية إماراتية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon