توقيت القاهرة المحلي 16:08:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هدف محمد صلاح التاريخى

  مصر اليوم -

هدف محمد صلاح التاريخى

بقلم : أحمد الصاوي

 لا يتحدث اللاعب الدولى المصرى محمد صلاح فى إنجلترا عن الإسلام. لا يخاطب الجمهور الإنجليزى باعتباره ممثلاً للدين أو متحدثاً باسمه أو مبعوثاً من السماء للتعريف به.

لا يخاطب وسائل الإعلام باعتباره مسلماً ويركز فى كل كلمة يقولها على ذلك. لا يترك التدريبات ليؤدى الصلاة. لا يطيل الشورت ليقترب من الركبة ليصبح متوافقاً مع بعض الفتاوى عن عورة الرجل. لا ينظر لزملائه فى الملعب من غير المسلمين باعتبارهم أغيارا أو خارجين عن دين الحق. لا يحاول دعوتهم للإسلام وهدايتهم لرسالته. لا يلح فى انتقاد أخطاء الغير أو يعلق على سلوكيات من حوله أو ينشغل بإقبال غيره على الخمر أو الجنس أو التعرى.

لا يفعل صلاح كل ذلك، لكن كل الجمهور المهتم به فى العالم كما انشغل به انشغل بالإسلام، ليس فقط لأن جمهور ناديه الإنجليزى تغنى له وللإسلام ووعده تحفيزاً بأنه كلما استمر فى إحراز الأهداف كلما فكر جدياً فى اعتناق الإسلام، وإنما لأن مراكز الدراسات والباحثين النفسيين المرموقين فى الغرب يدرسون ظاهرته، تأثيره الهائل على مكافحة الإسلاموفوبيا، وكراهية المسلمين المنتشرة فى العالم، دوره فى التصدى للأفكار العنصرية فى مجتمع - تصفه «واشنطن بوست» - بأنه كاره ومعاد للأجانب بفطرته.

ماذا فعل صلاح للإسلام إن لم يكن قد تحدث عنه؟

الإجابة أنه عاشه كما ينبغى ولم يتحدث عنه.

أخلص لعمله دون ضجيج، واستمر بتركيز مذهل يطور موهبته ويبنى أدواته ويعزز كفاءته وينمى مهاراته، ويرفع وعيه بكرة القدم وتكتيكاتها وأساليبها، ويملك كل ما يساعده على الاندماج السريع فى الملاعب والتواصل مع زملائه ومدربيه بتعلم اللغات والالتزام الاحترافى بقواعد هذا العمل الشاق.

عاش إسلاماً يدعوه لإتقان العمل، وإسلاماً يدعوه للاندماج والتعايش والتعارف والتواضع وعدم التعالى على الآخرين. مارس تدينه وحده وبهدوء غير صاخب. سجد بعد كل هدف كما يختار كل لاعب طريقة فرحته بالهدف. انتظم فى صلواته دون أن يقول للناس تعالوا وشاهدونى وأنا أصلى. أحسن لجيرانه. مارس البر مع جمهوره مقدراً ومحترماً وداعماً للأطفال منهم الذين تعلقت أمانيهم بتوقيع منه أو قميص فيه عرقه.

وتحسس طريق الخير وحق الفقراء والمحرومين من الخدمات فى نصيب من عوائده.

مضى صلاح فى طريقه يفعل ويترك الحديث لغيره، يسجل الأهداف ويترك الجماهير والإعلام ومراكز الأبحاث تتحرك خلفه لتبنى التصورات وتحلل الرسائل ترصد النتائج.

ووسط المئات من أهدافه المؤثرة جالبة الفرحه يبقى هدفه الأسطورى فى مرمى التطرف بعملتيه، الرافض للعالم المستعلى بإسلامه، والرافض للإسلام المخوف منه والمشوه له، ليعيد لصورة الإسلام كدين الكثير مما فقدته بفعل الممارسات الوحشية للدواعش، ويزيل عن المسلمين الكثير مما لحق بهم بفعل التشويه الممنهج الذى حاول ربطهم جميعاً بممارسات إجرامية لبعض من ينتسبون بفهم مختلف لذات الدين.

قيمة هذا الهدف أنه لم يسدده بينما تشاهده الجماهير بترقب وتحفز، ولم يجر فرحاً بعد تسجيله، هو لم يقل حتى إنه سجله، فقط عاش قيم الإسلام ومقاصده، وترك نمط حياته فى الملعب وخارجه وحده يشرح للناس ما هو الإسلام، أو على الأقل يحفزهم على مراجعة أفكارهم المسبقة عنه، بتأثير ناعم بلا جيوش ولا ميليشيات ولا ترسانات من الفتاوى والشاشات.

هذا هو الهدف.. وتلك هى القيمة.. لا تتحدثوا عن الدين لكن عيشوه، ولا تتكلموا عنه واتركوا الناس يرونه فى معاملاتكم وفى كل نموذج مهنى تقدمونه للعالم، وهذا النموذج الذى يعد صلاح أبرز تجلياته لن يحدث دون ثقافة تعزز الاندماج فى العالم، وفى نفس الوقت تطمئن إلى أن هذا الاندماج لا يعنى الذوبان، وإنما يعنى أن المرء المسلم يمكن أن يتعايش مع العالم بوعى محمد صلاح المنفتح بلا تربص، المجتهد بلا تكاسل، المتفوق بلا تعال، الملتزم بلا تفريط، والمؤمن فى ذاته دون انشغال بإيمان الآخرين..!

نقلاً عن المصري اليوم القاهريه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هدف محمد صلاح التاريخى هدف محمد صلاح التاريخى



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon