توقيت القاهرة المحلي 05:53:29 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كيف نغضب للقرآن؟

  مصر اليوم -

كيف نغضب للقرآن

بقلم : أحمد الصاوي

 أرجوك لا تغضب كثيراً حين تقرأ أخبار ذلك البيان الذى أصدره بعض الفرنسيين مطالبين بتجميد أو حذف بعض آيات القرآن.. هل تعتقد فعلاً أن ساركوزى والذين معه يمكنهم حذف آيات من القرآن؟.

تلك نصوص مقدسة، وكما تعرف لا يستطيع فرنسى واحد أن يحذف سطراً ليس فقط من كتاب مقدس وإنما من عمل فنى أو إبداعى أو مؤلف بشرى قديماً كان أو حديثاً- فما المطلوب إذن بديلاً عن الغضب؟

مطلوب وبوضوح أن نتحاور مع العالم حول القرآن الكريم وفهمه، إذا كان لدينا الإيمان الحقيقى بأن الفهم المختطف لا يعبر عن جوهر النص، وأن آيات القتال حكمها الرئيس والوحيد والمعتمد أنها شُرعت لرد العدوان وفقط، ومنحت ولى الأمر وحده «الدولة» حق حمل السلاح، هنا يصبح من المهم استثمار هذا الجدل المتفجر حول القرآن لنعيد شرحه بهذا الفهم، ونعيد تأسيس مفهوم الجهاد والاحتكام للسلاح عموما فى حسم أى قضية.

تستطيع أن تحكى طويلاً عن الحروب المسيحية المسيحية التى دارت وضحاياها، وعن النصوص التوراتية التى أبيدت بتأويلها قرى كاملة بسكانها فى الأراضى المحتلة، أو حتى عن منفذ مذبحة فلوريدا الأخيرة الذى زعم أنه قتل نحو 20 نفسا انتصاراً لإيمان بتفوق عرقى، لأن فكرة مناظرة الآخر بأن عنده مثل الذى عندنا من مرض، لن تساعدنا على الأقل فى علاج أمراضنا وأولها أن فهم الخاطفين أوسع انتشاراً من فهم المخطوفين لأسباب متعددة، أهمها أنه فهم مستدعى سياسياً منذ سبعينيات القرن الماضى على يد رجال السياسة وليس رجال الدين ولتحقيق أهداف سياسية ومازال كذلك حتى الآن.

كيف يمكن أن نتعامل إذن مع تلك الدعاوى؟

فى نظرى بأقل قدر ممكن من الانزعاج، هذا إذا كنت بالفعل تعتقد أن بيانا كذلك يمكن أن يمثل تهديداً للقرآن ولنصوصه، لكن بأوسع قدر ممكن من الاشتباك الفكرى والحوار والتناظر واستغلال الزخم الإعلامى حول تلك الدعوة وحول القرآن الكريم كنص مقدس لتقديم الدعاية الصحيحة حول نص دينى يفهمه ملايين المسلمين حول العالم بأكبر قدر من التسامح كما يفهم سائر المؤمنين نصوصهم.

من المهم أن يفهم المسلمون حول العالم قبل غيرهم أنه لا يوجد نص دينى يمنحهم أولوية أو يصعد بهم درجة «دنيوية» داخل دولة وطنية متعددة الأديان، وهو فهم بات مستقراً تماماً على الأقل داخل الأزهر الشريف كمرجعية دينية عالمية، وموثقا فى وثيقته للمواطنة والتعايش المشترك، التى تقر بفهم شرعى ثابت أن الأوطان لكل مواطنيها دون أدنى تمييز بسبب دين أو عرق أو لون أو جنس، فإذا كان المواطنون جميعاً متساوين بالفهم الشرعى قبل المركز القانونى، فكيف يمكن استساغة أن هذا الفهم الدينى الذى استنبطت منه أحكام المساواة بين المواطنين يمكن أن يهدر دماء بعض المواطنين كونهم فقط مختلفين فى الدين؟! كما يستقر مفهوم الجهاد باعتباره مشروطاً بالدفاع ورد العدوان، ولا يجوز إعلانه أو مباشرته إلا من قبل «الدولة» باعتبارها ولى الأمر. ظنى أن أى جدل يكون القرآن الكريم محوره، فرصة لأهل القرآن للذود عنه بمنطق وهدوء وشرح ورد، وليس بغضب وتثوير ونفير، وفرصة لعرض نصوصه على العقول لإزالة الالتباسات لدى الجميع مسلمين وغير مسلمين، حول نص زاخر بدعاوى التعايش والتسامح وتجريم الاعتداء على النفس كونها نفساً وفى تكريم بنى آدم كونه بشراً، وفى مخاطبة الناس كل الناس، وفى الحض على العدل المطلق، والتأكيد على أن اعتقاد البعض بإمكانية جمع كل الناس على دين واحد، ليس فقط مستحيلا وإنما تحد لمشيئة الخالق.

ليكون غضبنا بلا غضب.. وإذا كان لدينا ما نقوله عن النص القرآنى فلنقله بمزيد من الوضوح والحسم فى وجه من يختطفونه ومن يريدون تجميده على السواء.

نقلا عن المصري اليوم القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كيف نغضب للقرآن كيف نغضب للقرآن



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon