توقيت القاهرة المحلي 05:21:31 آخر تحديث
  مصر اليوم -

موسم «السبهللة»

  مصر اليوم -

موسم «السبهللة»

بقلم - هالة العيسوي

»السبهللة»‬ ثقافة سائدة في مجتمعنا. الكلمة منحوتة من لفظ »‬سيبها لله» القصد منه التوكل علي الله ولكن هذا التوكل يسبقه ويلزمه العزم علي الفعل والأخذ بالأسباب ثم تكون الإرادة الإلهية هي الخاتمة الحتمية. إلا أن هذا القصد الإيجابي تحول لدينا بقدرة قادرة إلي الدلالة علي التواكل والعشوائية في الأداء. وفوضي التفكير والإهمال؛ تلك الجريمة الكبري التي تؤدي بنا إلي معظم الحوادث الكارثية.

خذ عندك موسم الحرائق الطبيعية المواكب لاشتداد الحرارة في عز الصيف وتعاني منه العديد من البلاد باندلاع الحرائق غير المبررة في الغابات، أو موسم السيول المعروف بمواعيده المناخية. تلك مواسم معروفة سلفاً وفي الدول المتقدمة تجري الاستعدادات لاستقبالها قبلها بوقت كاف وبأقل الخسائر الممكنة. هذا بخلاف النوازل المفاجئة كالأعاصير والزلازل. لكن حتي هذه المفاجآت أوجد لها العلم حلولا وأتاح التنبؤ بها.

عندنا الأمر يختلف. فقد تعودناعلي المفاجآت حتي في المواسم ذات المواعيد شبه الثابتة، حرائق هائلة غير مبررة في منطق الدول المتقدمة »‬النِمَكية»، ولو تأملت قليلا في الأسباب المؤدية لتلك الحرائق فستجد أنها جميعا تعود لأسلوبنا المحبب »‬سيبها لله». فالاحتياط غائب والتأمين المسبق مفقود والقدرة علي التعامل السريع وتلافي الخسائر صفر. ولن أتمادي بالتفكير في الدوافع الجنائية التي قد تدفع إلي حرائق متعمدة تواكب موسم الجرد الذي يتواري تحت عباءة فصل الصيف مثلاً أو انتهاء مدة التأمين دون الاستفادة منه أو تجديد مدة الإعفاء الضريبي أو تراخيص العمل.

في الفترة الماضية شهدت أنحاء البلاد عدة حرائق صيفية؛ مطعم نقابة التجاريين كان البداية ليمتد الحريق إلي كامل المبني. وفي ذات الأسبوع نشهد حريقا هائلا آخر في مبني تجاري بوسط العاصمة. وقبل عدة سنوات كان حريق مسرح أسيوط ومن قبله حريق في عربات قطار السكك الحديدية ومن قبل كل ذلك حرائق متعددة في مصانع ومخازن المدن الصناعية؛ خسائر مادية وبشرية مؤلمة ناهيك عن الإضرار بالثروة العقارية.

منطقة الموسكي والرويعي والعتبة هي صرة البلد التجارية مكدسة ببضائع وعقارات تساوي المليارات بخلاف المعمار التاريخي الفريد للقاهرة القديمة، ومع ذلك تجدها من أكثر المناطق المعرضة للحرائق. أصحاب الأعمال والمخازن يصرخون: »‬بيوتنا انخربت، وشقا عمرنا ضاع»! وتجد هؤلاء هم أول من تسبب في خراب بيته بإهماله الالتزام بأساليب التخزين الصحيحة خاصة للمواد القابلة أو سهلة الاشتعال ولامبالاته بحيازة وسائل التأمين الذاتي الكافية من طفايات حريق وخلافه من طرق الأمن الصناعي المعروفة، وتجاهل الصيانة الدورية للمنشآت، وأهم من كل هذا كفاءة التوصيلات الكهربائية وعدم تحميلها بأكثر من طاقتها طلباً للأرخص وتوفيرا للنفقات.

لا يمكن تحميل المسئولية لأصحاب القطاع الخاص وحدهم، فالهيئات الحكومية المنوطة بمراقبة هذه النشاطات شريكة في المسئولية. في الغرب حيث البلاد »‬نمكية» أكثر مما ينبغي تجد الصيانة الدورية إجبارية علي صاحب المنشأة، كذلك الحال فيما يتعلق بالتأمين المالي، وتجد التدقيق في التفتيش علي وسائل الحماية المدنية، ولا تمنح تراخيص تشغيل المنشأة إلا إذا كانت تلبي شروط السلامة وقد يسحب الترخيص وتتوقف المشروعات نتيجة الإخلال ببعض أو أحد هذه الشروط.

قد تكون هذه المعايير مطبقة عندنا أو منصوص عليها في لوائح وقوانين علي الورق، أما التطبيق والخضوع التام لتلك القوانين أو الشروط فللتهرب منها أساليب أخري خفية ومعلنة.

لا يختلف الأمر كثيرا في المنشآت والنشاطات والخدمات العامة المتعلقة بالمال العام، الإهمال هو سيد الموقف و»سيبها لله» هو شعار كل المراحل، حوادث قطارات، انهيار طرق حديثة الإنشاء، انفجار مواسير الصرف الصحي، تكسير أرصفة وإعادتها عدة مرات في فترة قصيرة لمد شبكات متنوعة من كهرباء أو صرف صحي أو مياه دون تنسيق وبما يؤدي إليه ذلك من مضاعفة التكاليف، وغيره مما يستوحي مشهد شيء لزوم الشيء أو »‬الخروف والمقطف» من فيلم الراحل العظيم نجيب الريحاني. الخلاصة أن »‬السبهللة» أصبحت أسلوب حياة. ودون التزام بأي مواسم أو مواعيد..

نقلا عن الاخبار القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

موسم «السبهللة» موسم «السبهللة»



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon