توقيت القاهرة المحلي 11:32:50 آخر تحديث
  مصر اليوم -

موسم «السبهللة»

  مصر اليوم -

موسم «السبهللة»

بقلم - هالة العيسوي

»السبهللة»‬ ثقافة سائدة في مجتمعنا. الكلمة منحوتة من لفظ »‬سيبها لله» القصد منه التوكل علي الله ولكن هذا التوكل يسبقه ويلزمه العزم علي الفعل والأخذ بالأسباب ثم تكون الإرادة الإلهية هي الخاتمة الحتمية. إلا أن هذا القصد الإيجابي تحول لدينا بقدرة قادرة إلي الدلالة علي التواكل والعشوائية في الأداء. وفوضي التفكير والإهمال؛ تلك الجريمة الكبري التي تؤدي بنا إلي معظم الحوادث الكارثية.

خذ عندك موسم الحرائق الطبيعية المواكب لاشتداد الحرارة في عز الصيف وتعاني منه العديد من البلاد باندلاع الحرائق غير المبررة في الغابات، أو موسم السيول المعروف بمواعيده المناخية. تلك مواسم معروفة سلفاً وفي الدول المتقدمة تجري الاستعدادات لاستقبالها قبلها بوقت كاف وبأقل الخسائر الممكنة. هذا بخلاف النوازل المفاجئة كالأعاصير والزلازل. لكن حتي هذه المفاجآت أوجد لها العلم حلولا وأتاح التنبؤ بها.

عندنا الأمر يختلف. فقد تعودناعلي المفاجآت حتي في المواسم ذات المواعيد شبه الثابتة، حرائق هائلة غير مبررة في منطق الدول المتقدمة »‬النِمَكية»، ولو تأملت قليلا في الأسباب المؤدية لتلك الحرائق فستجد أنها جميعا تعود لأسلوبنا المحبب »‬سيبها لله». فالاحتياط غائب والتأمين المسبق مفقود والقدرة علي التعامل السريع وتلافي الخسائر صفر. ولن أتمادي بالتفكير في الدوافع الجنائية التي قد تدفع إلي حرائق متعمدة تواكب موسم الجرد الذي يتواري تحت عباءة فصل الصيف مثلاً أو انتهاء مدة التأمين دون الاستفادة منه أو تجديد مدة الإعفاء الضريبي أو تراخيص العمل.

في الفترة الماضية شهدت أنحاء البلاد عدة حرائق صيفية؛ مطعم نقابة التجاريين كان البداية ليمتد الحريق إلي كامل المبني. وفي ذات الأسبوع نشهد حريقا هائلا آخر في مبني تجاري بوسط العاصمة. وقبل عدة سنوات كان حريق مسرح أسيوط ومن قبله حريق في عربات قطار السكك الحديدية ومن قبل كل ذلك حرائق متعددة في مصانع ومخازن المدن الصناعية؛ خسائر مادية وبشرية مؤلمة ناهيك عن الإضرار بالثروة العقارية.

منطقة الموسكي والرويعي والعتبة هي صرة البلد التجارية مكدسة ببضائع وعقارات تساوي المليارات بخلاف المعمار التاريخي الفريد للقاهرة القديمة، ومع ذلك تجدها من أكثر المناطق المعرضة للحرائق. أصحاب الأعمال والمخازن يصرخون: »‬بيوتنا انخربت، وشقا عمرنا ضاع»! وتجد هؤلاء هم أول من تسبب في خراب بيته بإهماله الالتزام بأساليب التخزين الصحيحة خاصة للمواد القابلة أو سهلة الاشتعال ولامبالاته بحيازة وسائل التأمين الذاتي الكافية من طفايات حريق وخلافه من طرق الأمن الصناعي المعروفة، وتجاهل الصيانة الدورية للمنشآت، وأهم من كل هذا كفاءة التوصيلات الكهربائية وعدم تحميلها بأكثر من طاقتها طلباً للأرخص وتوفيرا للنفقات.

لا يمكن تحميل المسئولية لأصحاب القطاع الخاص وحدهم، فالهيئات الحكومية المنوطة بمراقبة هذه النشاطات شريكة في المسئولية. في الغرب حيث البلاد »‬نمكية» أكثر مما ينبغي تجد الصيانة الدورية إجبارية علي صاحب المنشأة، كذلك الحال فيما يتعلق بالتأمين المالي، وتجد التدقيق في التفتيش علي وسائل الحماية المدنية، ولا تمنح تراخيص تشغيل المنشأة إلا إذا كانت تلبي شروط السلامة وقد يسحب الترخيص وتتوقف المشروعات نتيجة الإخلال ببعض أو أحد هذه الشروط.

قد تكون هذه المعايير مطبقة عندنا أو منصوص عليها في لوائح وقوانين علي الورق، أما التطبيق والخضوع التام لتلك القوانين أو الشروط فللتهرب منها أساليب أخري خفية ومعلنة.

لا يختلف الأمر كثيرا في المنشآت والنشاطات والخدمات العامة المتعلقة بالمال العام، الإهمال هو سيد الموقف و»سيبها لله» هو شعار كل المراحل، حوادث قطارات، انهيار طرق حديثة الإنشاء، انفجار مواسير الصرف الصحي، تكسير أرصفة وإعادتها عدة مرات في فترة قصيرة لمد شبكات متنوعة من كهرباء أو صرف صحي أو مياه دون تنسيق وبما يؤدي إليه ذلك من مضاعفة التكاليف، وغيره مما يستوحي مشهد شيء لزوم الشيء أو »‬الخروف والمقطف» من فيلم الراحل العظيم نجيب الريحاني. الخلاصة أن »‬السبهللة» أصبحت أسلوب حياة. ودون التزام بأي مواسم أو مواعيد..

نقلا عن الاخبار القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

موسم «السبهللة» موسم «السبهللة»



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 00:01 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

"لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا"
  مصر اليوم - لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا

GMT 14:55 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 07:29 2020 الأربعاء ,17 حزيران / يونيو

ارمينيا بيليفيلد يصعد إلى الدوري الألماني

GMT 13:03 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

"فولكس فاغن" تستعرض تفاصيل سيارتها الجديدة "بولو 6 "

GMT 18:07 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الإيطالي يتأهب لاستغلال الفرصة الأخيرة

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 22:13 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

بسبب خلل كيا تستدعي أكثر من 462 ألف سيارة

GMT 00:02 2023 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات فولكس فاغن تتجاوز نصف مليون سيارة في 2022

GMT 08:36 2021 الخميس ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أيتن عامر تحذر من المسلسل الكوري «squid games»

GMT 20:44 2021 الأربعاء ,15 أيلول / سبتمبر

شيرين رضا تتعرض للخيانة الزوجية من صديقتها المقربة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon