توقيت القاهرة المحلي 11:54:09 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إهانة رموز الأمة

  مصر اليوم -

إهانة رموز الأمة

بقلم - هالة العيسوي

بعيداً عن الجدل الدائر الآن حول قانون عقوبة إهانة رموز الأمة المقترح وحول تحديد هوية هذه الرموز ومن الذي له الحق ولديه القدرة علي تقييم الشخصيات وإدراجها في قائمة الرموز من عدمه، اعتملت في نفسي عدة تساؤلات أثارها منشور علي الفيس بوك لصديقتي وزميلتي العزيزة ناهد حمزة وهي تتأمل أعمال الهدم الجارية الآن في منطقة مثلث ماسبيرو ومنطقة أبو العلا وتتذكر المعالم الرئيسية للمكان التي أصابها الهدم وانمحت من علي وجه الأرض؛ معالم ارتبطت في ذاكرتها طوال فترة مرورها اليومي في هذا الشارع في طريقها إلي الجريدة علي مدي خمسين عاما.

تساءلت تري هل فكر شخص أو جهة ولو بمبادرة فردية في تصوير وتوثيق معالم المكان قبل إزالته؟ التوثيق الذي أقصده تصوير فوتوغرافي وفيديو وفي أوقات متفرقة من اليوم والسنة. فملامح الشارع في الصباح الباكر وأيام الإجازات تختلف تماماً عنها في أيام العمل العادية.

ي الأولي كان الشارع يخلو من المارة ومن وسائل النقل ومن الباعة الجائلين ومن إشغالات الرصيف التي تقوم بها محلات الملابس المستعملة ليبدو بهاء الشارع وشخصيته رغم شيخوخته البادية تكون لديك الفرصة لتأمل المعمار القديم ودقة مشغولاته وزخارفه وفي الأوقات الثانية تتبدي كل تجليات العشوائية الخانقة والصادمة. كنت أتمني أن يكون هناك مثل هذا التوثيق لنتذكر إن أمد الله في أعمارنا أو لتتعرف الأجيال الجديدة والقادمة علي ما كان عليه الشارع في السابق. ذاكرتي البصرية تحتفظ بلافتة محل الساعات العتيق س.هنهيات الذي تأسس عام 1863، ولافتة البار المتواضع كان يؤمه صنايعية المكان، ربما اختلف حاله وحال رواده عن زمان وربما كان له عصر ذهبي تتباهي به مخيلة أصحابه.

الشاهد أننا حين نناظر الأفلام السينمائية القديمة نفاجأ بمشاهد لأماكن أو معالم مهمة تختلف عما هي عليه في حينه. تذكر فيلم الوسادة الخالية ومشهد شارع الحجاز ومترو مصر الجديدة مع لبني عبد العزيز وعبد الحليم حافظ، وحديثا نسبيا فيلم شقة مصر الجديدة ومشهد شوارع الحي والمترو العجوز الذي كان من معالمها. تذكر فيلم غروب وشروق ومشهد سعاد حسني في عمارة الشباب بالزمالك التي ماتزال قائمة حتي الآن ولله الحمد. وفيلم معبودة الجماهير وغيره من الأفلام القديمة التي صورت دار الأوبرا التاريخية التي تعرضت للحريق وباتت كأن لم تكن ولا دليل علي وجودها سوي مثل تلك الأفلام وقام بدلا منها جاراج متعدد الطوابق يمثل دليلا علي انحطاط الذائقة العامة ونموذجا صارخا للقبح المعماري.

شكل ميدان التحرير نفسه اختلف عشرات المرات في الحقب التاريخية المتوالية ودليل ذلك الوحيد هو تسجيلات السينما والفيديو المختلفة.

سؤالي التالي: ما هو المقصود برموز الأمة؟ هل يقتصر المعني علي الشخصيات أم المعالم أيضا؟ أليست أهرامات الجيزة رمزا لمصر وبرج القاهرة أليس رمزا للعاصمة؟ شجرة مريم بالزيتون أليست من معالم رحلة العائلة المقدسة؟ منازل عظماء الفن والأدب والثقافة أليست رموزا ودلالة حاضرة علي مدي تمسكنا بقيمنا وإجلالنا لقوتنا الناعمة؟ ألا يعتبر ما حدث لمنزل أم كلثوم إهانة لها ولرمز من رموزنا؟ أليس من الواجب الحفاظ علي ما تبقي من تراثنا ولو بالتوثيق؟. ثمة طرز معمارية لم تعد مستخدمة لكن مجرد وجودها يدل علي الحقب التاريخية التي استخدمت فيها ويشير إلي تواريخ بناء الأماكن. الكثير من ممارساتنا ينطوي علي إهانة لرموز الأمة من معالم وحجر وشجر وليس فقط البشر.

أظننا ندين بالفضل للحملة الفرنسية التي وثقت بالرسوم لشكل مصر في ذلك الزمان ولولا كتاب وصف مصر ما كنا عرفنا أو تخيلنا أشكال أجدادنا ولولا جداريات الفراعنة ما كنا عرفنا سيرة حياة هؤلاء العظماء الذين نتمسح فيهم ونباهي بهم وبآثارهم الأمم وهم منّا براء.
أتمني أن أسمع أو أعرف عمن اهتم بتسجيل معالم شارع 26 يوليو (فؤاد سابقا) ومنطقة أبو العلا لنحيي ذاكرة الأمة بدلا من إصابتها في مقتل، وإن لم يوجد هذا الشخص أو الجهة أتمني علي كل فنانينا ومخرجينا القيام بمبادرات فردية لتسجيل الأماكن المهمة قبل أن يصيبنا فيروس العولمة ويمحو كل ذاكرتنا وقاعدة البيانات المحفورة في عقولنا في عملية »ديليت»‬ ممنهجة.

نقلا عن الاخبار القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إهانة رموز الأمة إهانة رموز الأمة



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان

GMT 12:50 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

علالو يؤكّد الجزائر "تعيش الفترة الأهم في تاريخ الاستقلال"

GMT 04:46 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

اتجاهات ديكور المنازل في 2020 منها استخدام قطع أثاث ذكي

GMT 00:42 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بدء تصوير فيلم "اهرب يا خلفان" بمشاركة سعودية إماراتية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon