توقيت القاهرة المحلي 11:11:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

آثارنا التي في الخارج

  مصر اليوم -

آثارنا التي في الخارج

بقلم - هالة العيسوي

الظروف والملابسات التي صاحبت احتراق متحف ريو دي جانيرو تثبت أننا والبرازيل »إخوات»‬ من حيث الإهمال والفوضي وعدم التحرك قبل وقوع الكارثة برغم التحذيرات المسبقة التي تطلقها الجهات المعنية وقصور الأدوات والإمكانات. المطالع لما تناقلته وكالات الأنباء عن تحذيرات المسئولين للسلطات البرازيلية طوال عام كامل من احتمال وقوع كارثة بالمتحف لكنها كانت تكتفي بإخفاء العيوب بالطلاء الخارجي حتي وقعت الواقعة؛ يتأكد من تآخي القاهرة وريو دي جانيرو دون اتفاقية تآخٍ ولا يحزنون.

الغريب أن مثل هذه الكوارث لا تصيب إلا مراكز الثقافة في دول العالم الثالث مهد حضارات الإنسانية ومخازن ذاكرتها، في حين أن دول العالم الأول تولي اهتماما بالغا وحرصا أكيدا علي الحفاظ علي تلك الكنوز وهي ليست لها، وتعرضها بأقصي معايير التأمين.

ما يهمنا علي وجه الخصوص في هذه الكارثة الأخيرة التي تصيب ذاكرة الإنسانية عموما في مقتل هو آثارنا المصرية التي احترقت بداخل المتحف القومي بالبرازيل والتي مازلنا لا نملك أي بيان رسمي دقيق عن مواصفاتها وأسمائها اللهم إلا أنباء عن احتراق 700 قطعة مصرية. وحسب ما نقله الأستاذ فاروق جويدة في عموده بالأهرام عن المواقع الإخبارية فإن من بين مقتنيات المتحف القناع الذهبي لبطليموس الأول وهو من الذهب الخالص بخلاف تمثال للإله آمون ومومياء لأحد كهنة آمون، وأخري لإحدي أميرات مصر في الحقبة الرومانية وتمثال سيوكاري أحد حكام مصر في الدولة الوسطي وهو ما يعني أن المتحف احتوي علي قطع من حقب تاريخية مصرية مختلفة لا تقدر قيمتها التاريخية والثقافية بثمن ناهيك عن قيمتها المادية.

أما وقد وقعت الكارثة - ولا نظن أنها ستكون الأخيرة من هذا النوع الذي يلتهم كنوزا تاريخية وإنسانية تهم البشرية - فمن الضروري التيقن من امتلاكنا لحصر شامل لآثارنا في الخارج مع وجود توثيق كامل لها سواء بالتصوير أو بتوفر نسخ مكررة من تلك القطع مع بيان تفصيلي لتاريخها والحقبة الزمنية التي تعبر عنها وظروف إنتاجها سواء كانت تلك الآثار من ممتلكات المتاحف الخارجية بالشراء أو الاتفاق مع الحكومة المصرية كجزء من نصيب البعثات الأثرية الاستكشافية أو حتي كانت هدايا من حكام مصريين في العصور المتعاقبة. دعوتي هذه ربما تأتي استكمالا لما كتبته في الأسبوع الماضي تحت عنوان »‬إهانة رموز الأمة» عن ضرورة تسجيل المعالم وتصويرها قبل إزالتها كجزء من توثيق وإثراء ذاكرة الأمة بدلا من محوها وإهالة التراب عليها.

وإذا كان الحفاظ علي التراث المحلي ضرورة علي المستوي الثقافي والمعنوي لنا كمصريين ولخدمة الأجيال القادمة، فإن الحفاظ علي تراثنا الموجود بالخارج لا يقل أهمية عن ذلك في ظل حروب خفية تتضافر فيها دول بأكملها وشبكات لتجارة الآثار وأجهزة استخبارات عالمية تسعي للحصول علي أي دليل يمنحها حقوقا تاريخية أو يحرم آخرين من حقوقهم، ولا مانع لديهم من تزييف الأدلة أو حتي إخفائها بأي طريقة لو كانت تثبت ما يتعارض مع مصالح تلك الجهات. هذه الجهات الخفية لديها قوة إجرامية تستطيع بها ملاحقة الحلقات الضعيفة المعروف عنها فقر الإمكانات أو الإهمال والانشغال بالأمور الداخلية فيصبح من اليسير عليها الحصول علي ما يهمها أو إتلافه في غمضة عين، إما بماس كهربائي أو عقب سيجارة أو تسرب مائي تافه.

من خلال مطالعتي للصحف الإسرائيلية أكاد أجزم أنه لا يمر أسبوع دون النشر عن العثور علي نتائج حفريات أو كشف أثري يلقي الضوء علي مقطع من تاريخ البشرية سواء كانت هياكل بشرية أو قطعا نقدية أو مقتنيات وتماثيل حجرية أو نقوشا جلدية وورقية وتجري علي هذه الاكتشافات عندهم أبحاث ودراسات مستفيضة لاستنتاج ما خفي من هذا التاريخ وتفسيره كل علي هوي صاحبه.

أظننا أولي الناس بالقيام بهذا الدور، ولا تعفينا منه حالة الامتلاء الأثري أو ـ ربما ـ التخمة التي نعاني منها فتصيبنا بأعراض الإهمال والاستسهال واستكثار النعمة التي حبانا الله بها. التي تؤدي في نهاية المطاف إلي التفريط المخزي في حقوق أجيال قادمة.

نقلا عن الاخبار القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

آثارنا التي في الخارج آثارنا التي في الخارج



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 00:01 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

"لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا"
  مصر اليوم - لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا

GMT 14:55 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 07:29 2020 الأربعاء ,17 حزيران / يونيو

ارمينيا بيليفيلد يصعد إلى الدوري الألماني

GMT 13:03 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

"فولكس فاغن" تستعرض تفاصيل سيارتها الجديدة "بولو 6 "

GMT 18:07 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الإيطالي يتأهب لاستغلال الفرصة الأخيرة

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 22:13 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

بسبب خلل كيا تستدعي أكثر من 462 ألف سيارة

GMT 00:02 2023 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات فولكس فاغن تتجاوز نصف مليون سيارة في 2022

GMT 08:36 2021 الخميس ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أيتن عامر تحذر من المسلسل الكوري «squid games»

GMT 20:44 2021 الأربعاء ,15 أيلول / سبتمبر

شيرين رضا تتعرض للخيانة الزوجية من صديقتها المقربة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon