توقيت القاهرة المحلي 05:30:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

البعد الاجتماعي للضريبة العقارية

  مصر اليوم -

البعد الاجتماعي للضريبة العقارية

بقلم - هالة العيسوي

ذات يوم حدثني توني خبير السياحة المالطي عن فرص الاستثمار في بلاده وعناصر الجذب الاستثماري برغم تكلفة الضرائب الباهظة فقال: »نحن بارعون في التهرب الضريبي والتحايل لتجنيب المستثمر الدخول في دوامة نفقات وإجراءات منفرة»‬ ولما تعجبت واستنكرت هذا التحايل الذي يحرم خزينة الدولة من مورد مهم كان رأيه أن ما يدخل نفس الخزينة من عوائد الاستثمار الجسور الواسع يفوق كثيرا ما كان سيدخلها من عوائد ضرائب عالية تؤدي إلي استثمار مرتجف محدود».

لم ترقني كثيرا فكرة التهرب والتحايل لأنها تصَّرُف يقترب من الفوضي ويخاصم النظام العام لكني استسلمت لمنطق النفس البشرية التي تتفنن في مقاومة الفرض والإجبار وتستمتع أحيانا بخرق القانون وتحطيم القيود خاصة تلك القيود التي لا تقتنع بعدالتها وتستشعر منها قدرا من الظلم أو التمييز السلبي.

تذكرت هذا الحديث مؤخرا بعد البدء في تنفيذ قانون الضريبة العقارية وما لاحظته من سرعة البشر في ابتكار آليات ووسائل تدخل أصحابها في جنة الإعفاءات المقررة.

القانون حدد قيمة مليوني جنيه كسقف للإعفاء من الضريبة العقارية، كما فرض ضرائب أخري علي مبيعات العقارات وجعل من البائع والمشتري مسئولين متضامنين. المشتري يشعر بالظلم في حالة عدم دفع البائع الضريبة السابقة المقررة عليه ويري أن القانون يلزمه بتحمل عبء إضافي لسنوات سابقة لم يستفد فيها بالعقار وبأثر رجعي.

المشترون منذ سنوات قريبة يصرخون »‬يعني ماقدروش علي البائع الذي أخذ الفلوس وجري وقدروا علي المشتري اللي دفع دم قلبه؟»

نفس البند أدي إلي أن يُحَمِّل بائع العقار مقدار الضريبة المقررة عليه علي سعره الحالي يعني المشتري في كل الأحوال مغلوب علي أمره. وأصبح كل من يفكر في بيع أو شراء أي وحدة سكنية أو أرض يتحسب من الضريبة المفروضة علي البيوع ومن قانون السجل العيني المزمع صدوره في الدورة البرلمانية القادمة مادام تنفيذ القوانين يتم بأثر رجعي مما يؤثر علي السعر الحقيقي للوحدة أو الأرض المبيعة.

في ظل هذا الارتباك تفتق ذهن الناس عن حيلة لطيفة للتخلص من عبء الضرائب أو لتخفيف هذا العبء وهي الاتفاق علي سعر معين مع النص في عقد البيع علي سعر أقل كثيراً، وهو ما يعني بالنسبة للدولة ببساطة حركة مالية ودوران نقدي خارج النص وهو نوع من الاقتصاد السري أو الموازي. كما دفع بعض الملاك للتنازل عن ممتلكاتهم لواحد أو أكثر من الأبناء أو أفراد الأسرة لنقل إعفاء الوحدة السكنية الأولي لهم بما يؤدي إليه ذلك من إفساد للعلاقات الأسرية وتغيير في خريطة الميراث الشرعي. في هذا المشهد يظل السمسار هو المستفيد الوحيد من كل الأطراف وفي كل الأحوال دون أن يؤدي للدولة واجبه عما ربحه.

قطاع كبير من الورثة يعدون أنفسهم من مظاليم قانون الضريبة العقارية. فليسوا جميعا ممن هبطت عليهم كنوز السماء بحصولهم علي هذا الميرات بل إنه في حالات كثيرة يمثل هذا الميراث عبئا لو كان مدينا أو محملاً بأقساط لا طاقة للورثة بها ويكون البيع هو الحل الوحيد للتخلص من هذا العبء وفي حالات أخري يكون بيع هذا العقار الموروث هو الغوث الإلهي لأسرة فقدت عائلها وهو سبيلها الوحيد لاستمرار الحياة.

إن تجاهل البعد الاجتماعي عند فرض أي ضريبة أو زيادة في الأسعار أو حتي عند رفع الدعم عن بعض الفئات دون غيرها من الطبقات المحتاجة يؤدي إلي احتقان النفوس التي لا تتحمل إضافة أعباء جديدة عليها في وقت مايزال قانون الضريبة التصاعدية أو الضريبة علي الأثرياء يتعثر في أروقة البرلمان، بينما تسير القوانين الأخري التي تمس حياة أغلبية الكادحين بسرعة الصاروخ

نقلا عن الاخبار القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

البعد الاجتماعي للضريبة العقارية البعد الاجتماعي للضريبة العقارية



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon