توقيت القاهرة المحلي 10:59:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

البعد الاجتماعي للضريبة العقارية

  مصر اليوم -

البعد الاجتماعي للضريبة العقارية

بقلم - هالة العيسوي

ذات يوم حدثني توني خبير السياحة المالطي عن فرص الاستثمار في بلاده وعناصر الجذب الاستثماري برغم تكلفة الضرائب الباهظة فقال: »نحن بارعون في التهرب الضريبي والتحايل لتجنيب المستثمر الدخول في دوامة نفقات وإجراءات منفرة»‬ ولما تعجبت واستنكرت هذا التحايل الذي يحرم خزينة الدولة من مورد مهم كان رأيه أن ما يدخل نفس الخزينة من عوائد الاستثمار الجسور الواسع يفوق كثيرا ما كان سيدخلها من عوائد ضرائب عالية تؤدي إلي استثمار مرتجف محدود».

لم ترقني كثيرا فكرة التهرب والتحايل لأنها تصَّرُف يقترب من الفوضي ويخاصم النظام العام لكني استسلمت لمنطق النفس البشرية التي تتفنن في مقاومة الفرض والإجبار وتستمتع أحيانا بخرق القانون وتحطيم القيود خاصة تلك القيود التي لا تقتنع بعدالتها وتستشعر منها قدرا من الظلم أو التمييز السلبي.

تذكرت هذا الحديث مؤخرا بعد البدء في تنفيذ قانون الضريبة العقارية وما لاحظته من سرعة البشر في ابتكار آليات ووسائل تدخل أصحابها في جنة الإعفاءات المقررة.

القانون حدد قيمة مليوني جنيه كسقف للإعفاء من الضريبة العقارية، كما فرض ضرائب أخري علي مبيعات العقارات وجعل من البائع والمشتري مسئولين متضامنين. المشتري يشعر بالظلم في حالة عدم دفع البائع الضريبة السابقة المقررة عليه ويري أن القانون يلزمه بتحمل عبء إضافي لسنوات سابقة لم يستفد فيها بالعقار وبأثر رجعي.

المشترون منذ سنوات قريبة يصرخون »‬يعني ماقدروش علي البائع الذي أخذ الفلوس وجري وقدروا علي المشتري اللي دفع دم قلبه؟»

نفس البند أدي إلي أن يُحَمِّل بائع العقار مقدار الضريبة المقررة عليه علي سعره الحالي يعني المشتري في كل الأحوال مغلوب علي أمره. وأصبح كل من يفكر في بيع أو شراء أي وحدة سكنية أو أرض يتحسب من الضريبة المفروضة علي البيوع ومن قانون السجل العيني المزمع صدوره في الدورة البرلمانية القادمة مادام تنفيذ القوانين يتم بأثر رجعي مما يؤثر علي السعر الحقيقي للوحدة أو الأرض المبيعة.

في ظل هذا الارتباك تفتق ذهن الناس عن حيلة لطيفة للتخلص من عبء الضرائب أو لتخفيف هذا العبء وهي الاتفاق علي سعر معين مع النص في عقد البيع علي سعر أقل كثيراً، وهو ما يعني بالنسبة للدولة ببساطة حركة مالية ودوران نقدي خارج النص وهو نوع من الاقتصاد السري أو الموازي. كما دفع بعض الملاك للتنازل عن ممتلكاتهم لواحد أو أكثر من الأبناء أو أفراد الأسرة لنقل إعفاء الوحدة السكنية الأولي لهم بما يؤدي إليه ذلك من إفساد للعلاقات الأسرية وتغيير في خريطة الميراث الشرعي. في هذا المشهد يظل السمسار هو المستفيد الوحيد من كل الأطراف وفي كل الأحوال دون أن يؤدي للدولة واجبه عما ربحه.

قطاع كبير من الورثة يعدون أنفسهم من مظاليم قانون الضريبة العقارية. فليسوا جميعا ممن هبطت عليهم كنوز السماء بحصولهم علي هذا الميرات بل إنه في حالات كثيرة يمثل هذا الميراث عبئا لو كان مدينا أو محملاً بأقساط لا طاقة للورثة بها ويكون البيع هو الحل الوحيد للتخلص من هذا العبء وفي حالات أخري يكون بيع هذا العقار الموروث هو الغوث الإلهي لأسرة فقدت عائلها وهو سبيلها الوحيد لاستمرار الحياة.

إن تجاهل البعد الاجتماعي عند فرض أي ضريبة أو زيادة في الأسعار أو حتي عند رفع الدعم عن بعض الفئات دون غيرها من الطبقات المحتاجة يؤدي إلي احتقان النفوس التي لا تتحمل إضافة أعباء جديدة عليها في وقت مايزال قانون الضريبة التصاعدية أو الضريبة علي الأثرياء يتعثر في أروقة البرلمان، بينما تسير القوانين الأخري التي تمس حياة أغلبية الكادحين بسرعة الصاروخ

نقلا عن الاخبار القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

البعد الاجتماعي للضريبة العقارية البعد الاجتماعي للضريبة العقارية



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 00:01 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

"لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا"
  مصر اليوم - لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا

GMT 14:55 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 07:29 2020 الأربعاء ,17 حزيران / يونيو

ارمينيا بيليفيلد يصعد إلى الدوري الألماني

GMT 13:03 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

"فولكس فاغن" تستعرض تفاصيل سيارتها الجديدة "بولو 6 "

GMT 18:07 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الإيطالي يتأهب لاستغلال الفرصة الأخيرة

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 22:13 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

بسبب خلل كيا تستدعي أكثر من 462 ألف سيارة

GMT 00:02 2023 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات فولكس فاغن تتجاوز نصف مليون سيارة في 2022

GMT 08:36 2021 الخميس ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أيتن عامر تحذر من المسلسل الكوري «squid games»

GMT 20:44 2021 الأربعاء ,15 أيلول / سبتمبر

شيرين رضا تتعرض للخيانة الزوجية من صديقتها المقربة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon