توقيت القاهرة المحلي 11:54:09 آخر تحديث
  مصر اليوم -

من وراء النافذة

  مصر اليوم -

من وراء النافذة

بقلم - هالة العيسوي

الاهتمام بصحة المصريين واحد من الأعمدة في مرحلة إعادة بناء الدولة وإقامة نهضتها. توفير الدواء والعلاجات لمكافحة الأمراض التي تنهش صحة المصريين وتعرقل التنمية أصبح علي رأس اهتمامات الدولة الآن حتي أنها عادت بثقلها بعد سنوات من الغياب للتدخل وبمشاركة من القوات المسلحة من أجل تعويض النقص سواء في علاجات فيروس سي أو ألبان الأطفال من خلال الوعي بأن شعبا صحيحاً معافي كفيل بتنمية بلاده وأن الأمراض الخطيرة تفقدنا نسبة هائلة من القوة العاملة المنتجة. ولعلك تتساءل مثلي لماذا عادت الدولة بكل هذا الثقل إلي توفير تلك العلاجات رغم أننا في زمن الاقتصاد الحر والعولمة والترويج لأفكار ضرورة تخلي الدولة ورفع يدها عن المشروعات المكلفة وتركها للقطاع الخاص ونسمع عن دعوات لبيع السكك الحديدية والتخلص من الصحف القومية وتصفيتها وما إلي ذلك من دعوات مريبة. إلا أن موضوع صحة المصريين - تحديدا - مسألة أمن قومي تدخل فيها اعتبارات كثيرة ومنافسات شرسة، واحتكارات وعمليات تجسس وتلاعب.

ما أشبه الليلة بالبارحة.. نقولها ونحن نراقب المشهد الحالي ونتذكر عملية تمصير صناعة الدواء ونتابع بانبهار تجربة حية نابضة وقعت تفاصيلها في الستينيات بعد قيام ثورة يوليو تحكيها الصيدلانية ناهد يوسف علي في كتابها »دواء وعِلل»‬. الكتاب يبدو أنه سيرة ذاتية لصاحبته مع أنه في رأيي شهادة لسيدة شاركت بعلمها وجهدها في نهضة صناعة الدواء ومستلزماته تحكي فيه قصتها مع صناعة الأدوية في مصر منذ تأميم الشركات الأجنبية وتمصيرها بعد قيام ثورة يوليو والنجاح الذي حققته عملية التمصير في نمو هذه الصناعة والوصول بها إلي تحقيق الاكتفاء الذاتي وتوفير 85% من الاحتياجات المحلية من بعض الأدوية ومستلزماتها وتجاوز ذلك إلي تصديره إلي بعض الدول الأفريقية، وتوفير الأمصال والعلاجات اللازمة لجبهة القتال في حرب أكتوبر 1973، وحتي مرحلة التراجع والانهيار التي بدأت بالإفشال المتعمد لبعض الشركات والمصانع الناجحة عبر إهمالها وعدم تطويرها أو توفير الإمكانات اللازمة لتحديثها رغم أنها كانت في متناول اليد، وتسجل في تجربتها كيف أعيقت كل محاولات وخطط التطوير. علي يد مندوبي الحزب الوطني المكلفين بإدارة بعض تلك المصانع ومحاولاتهم الحثيثة لعرقلة أي خطط أو مطالبات بالتطوير.
حدث ذلك كله تمهيداً لبيع شركات ومصانع الأدوية للقطاع الخاص والتخلص من القطاع العام والترويج لفكرة أنه عبء علي الدولة بسبب خسائره المتنامية من أجل عودة سيطرة القطاع الخاص وتسلل رأس المال الأجنبي واحتكاره لصناعة الدواء في مصر مرة أخري وصولا للحظة قاتمة عاشتها صاحبة الكتاب حين شاهدت كيف تحول مصنع العبوات الزجاجية الذي ساهمت في إنجاحه وتوسعته إلي مصنع لزجاجات البيرة. بعد بيعه للقطاع الخاص تخصص نشاطه في صناعة المشروبات، وكيف أعطت الحكومة الملاك الجدد للمصنع أرضه التي تبلغ خمسين فدانا بثمن بخس كهدية سخية كما أعطتهم مصنع الأمبولات فوق البيعة لأنه كان المصدر الأكبر لأرباح الشركة. ترصد الصيدلانية ناهد يوسف علي في مرحلة الخصخصة كيف لجأت الإدارات الجديدة لمصانع الأدوية التي كانت تابعة للدولة للاستعانة بنفس الخبرات القديمة والكفاءات العلمية والإدارية الناجحة التي طالما حققت طفرات في صناعة الدواء بعد أن تسببت الخصخصة في تسريحها والقضاء علي مسيرتهم وتجربتهم الناجحة. استفادت المصانع الخاصة من هذه الثروة البشرية والعلمية الجاهزة في تعظيم أرباحها وإدارة مصانعها وشركاتها.

في نهاية كتابها الذي رصدت فيه وقائع تآكل استقلالية صناعة الدواء المصرية والانسحاق أما طلبات الشركات الأجنبية العملاقة حتي تراجعت نسبة تصنيع الأدوية المصرية الخالصة إلي ما يقرب من الصفر، تعطينا الصيدلانية المخضرمة الأمل في استعادة مكانة تصنيع الدواء المصري وتنصح باستخدام »‬قائمة الأدوية الأساسية» الصادرة من منظمة الصحة العالمية و»الكيماويات الجنيسة» التي انتهت الملكية الفكرية لها من الشركات الدولية العملاقة والتي صارت تنتج بالهند والصين بأسعار رخيصة لإنتاجها في مصر، كما تنصح باستخدام حق الترخيص الإجباري لإنتاج الأدوية الحديثة اللازمة لعلاج الأمراض الخطيرة كالسرطان بتكلفة قليلة وذلك حتي يتم وضع خطة لتصنيع الكيماويات الدوائية وتحقيقها

نقلا عن الأخبار القاهرية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من وراء النافذة من وراء النافذة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان

GMT 12:50 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

علالو يؤكّد الجزائر "تعيش الفترة الأهم في تاريخ الاستقلال"

GMT 04:46 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

اتجاهات ديكور المنازل في 2020 منها استخدام قطع أثاث ذكي

GMT 00:42 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بدء تصوير فيلم "اهرب يا خلفان" بمشاركة سعودية إماراتية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon