بقلم : هالة العيسوي
أتمني ألا يظهر عطب في كاميرات المراقبة بالمستشفي الذي وقعت به جريمة التحرش بمريضة العناية المركزة وهي تحت أثر التخدير المتهم فيها أحد الممرضين. أتمني أن تكون الكاميرات قد سجلت الحقيقة كاملة فلا تفسد التسجيلات أو يتبين أنها تسجل زوايا لا تبين الموقع المقصود فتميع الحقيقة وتضيع الحقوق سواء حق الضحية أو حق المتهم إن كان بريئاً.
أقول هذا وأرجو ألا يتهمني أحد بالسوداوية أو إشاعة الأفكار السلبية، فالجريمة إن صحت اتهامات المريضة هزت مشاعر الناس وزلزلت ثقتهم فيما تبقي من قيم وخلق قويم مازلنا نتشبث بهما.
سواء صحت الاتهامات أو تبين عدم مصداقيتها فإنها توجه اهتمامنا نحو ضرورة فتح ملف مسكوت عنه نسبيا ومهمل في غمرة الأزمات والمشاكل اليومية التي تستحوذ علي اهتمامنا وهو ملف زرع الكاميرات في أماكن معينة والأهم من زرعها متابعتها بدقة، ففي عدة حوادث لم تساعد الكاميرات المزروعة بالفعل في كشف الحقائق بسبب إهمال صيانتها مما أدي إلي إعطاب جعلها بلا فائدة.
فيما يخص مواقع الرعاية الطبية هناك بالفعل العديد من الأماكن والأطباء الذين يحرصون علي تصوير العمليات الجراحية أثناء إجرائها وإتاحة مشاهدتها مشاهدة حية لأهالي المرضي لاسيما إن كانوا من النساء. ولا يخفي أن لهذا التصوير أهمية قصوي في كشف البراءة أو الإدانة في العديد من الاتهامات بالخطأ الطبي أو سرقة الأعضاء أو التحرش الذي بات يؤرق منام الناس.
إن نظرة جديدة لمعايير العمل في قاعات العناية المركزة وغرف الإفاقة تفرض نفسها الآن بعد تلك الاتهامات الأخيرة خاصة حين يكون المرضي تحت تأثير المخدر العام أو في مرحلة الإفاقة بنصف وعي أو أكثر، لا يملكون من أمرهم شيئا لكنهم يدركون بشكل خاطف ومتقطع ما يدور حولهم.. ولقد لمست شخصياً أثناء زياراتي لبعض المرضي من الوقائع ما يؤكد أن بعضاً من الأطباء والممرضين يتعاملون مع المرضي تحت تأثير البنج علي أنهم جثث ميتة لا يعون شيئاً فيسخرون منهم أو ينتهكون حرماتهم والكارثة أن مرضي آخرين في غرف الرعاية المركزة يشاهدون تلك الوقائع ولا يقوون علي مقاومتها، وأحيانا يتم إغلاق الستائر عليهم بحجة ضرورة استسلامهم للنوم كي لا يشاهدوا ما يجري خلف تلك الستائر. غالبية تلك الوقائع تحدث في النوبة الليلية حين يخفت النشاط في المستشفيات وتطفأ الأنوار.
لقد قرعت الاتهامات الأخيرة لأحد الممرضين بالتحرش جرس الإنذار وكأنها نوبة صحيان تدفعني لتقديم بعض الاقتراحات التي قد يراها البعض متشددة، وقد يحتج آخرون بأنها غير عملية أو أن الإمكانات ربما لا تساعد علي تطبيقها لكني أراها ضرورية في ظل واقع يجثم علي أنفاسنا وينبغي علينا التعامل معه علي وجه السرعة. من أهم هذه الاقتراحات ضرورة الفصل بين الجنسين في المرضي نزلاء الرعاية المركزة والمتوسطة فيجب ألا تنكشف عورات المرضي وأنينهم علي بعضهم البعض حتي لو كانوا نصف واعين أو نصف غائبين، كذلك ضرورة تخصيص هيئة تمريض لكل نوع من المرضي فلا يليق مهما سمت المهمة الإنسانية أن يقوم ذكر بتمريض أنثي والعكس صحيح في الغرف العادية مهما كان فارق السن بينهما، ومهما كانت حالة المريض أو المريضة جيدة. أيضا ضرورة عدم اشتراك الجنسين في نوبة تمريض واحدة خاصة في النوبات الليلية.
لقد أبديت امتعاضي وملاحظاتي علي وقائع وسلوكيات معينة أثناء زياراتي لبعض الأصدقاء في المستشفيات فما كان منهم سوي إساءة معاملة المرضي الذين ناشدوني بالصمت حتي لا يعانوا من الإهمال المتعمد عقابا لهم علي ملاحظاتي.
لو كنا نتبني حملة قومية لمكافحة التحرش للمتيقظين المتمتعين بكامل صحتهم والقادرين علي مقاومة المتحرش، أو حتي بإمكانهم الاستغاثة وطلب المساعدة فما بالنا بالضعفاء المنهكين خائري القوي من المرضي وذوي الإعاقات الذين يستغلهم شياطين الإنس ؟
محيي عبد الرحمن
سبقنا الزميل الصبوح هادئ النفس شفيف الروح محيي عبد الرحمن إلي بارئه راضياً مرضياً مستسلماً لابتلاء المرض بنفس مطمئنة وغادرنا في هدوء كما عاش بيننا في هدوء.. إلي رحمة الله وغفرانه يا محيي.
نقلًا عن الاخبار
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع