بقلم - هالة العيسوي
أول أيام العيد شرفني بالاتصال الريس زكريا.. اللواء عبد السلام »المحبوب» عفوا اللواء عبد السلام المحجوب وزير التنمية المحلية ومحافظ الإسكندرية السابق والأهم من ذلك رجل المخابرات المصرية الذي دوخ إسرائيل واشتهر بصائد الجواسيس. أخجلني اللواء المحجوب بإشادته بما كتبته الأسبوع قبل الماضي في مقالي بعنوان »الملاك وغواية السبق الصحفي» عن كتاب »الملاك» الإسرائيلي وتنبيهي لأغراضه الخبيثة حين زعم أن أشرف مروان صهر الزعيم الراحل جمال عبد الناصر والسكرتير السابق للزعيم الراحل أنور السادت لشئون المعلومات كان جاسوساً لإسرائيل.
اللواء المحجوب أكد علي اتفاقه مع موقفي الرافض للتعامل السطحي وتناولنا الإعلامي المتساهل مع هذا الكتاب وما احتواه من أكاذيب ومزاعم ونبهني إلي جملة جولدا مائير الخطيرة في شهادتها التي أدلت بها أمام لجنة »أجرانات» الإسرائيلية التي حققت في التقصير الذي أدي إلي هزيمة إسرائيل العسكرية في حرب أكتوبر حين قالت: »إنها كانت الوحيدة التي تشككت في صدق المعلومات التي أبلغها مروان لإسرائيل لكنها لم تقو علي مجابهة المستويين العسكري والمخابراتي في مجلس الوزراء حينها».
لا يخفي أنه في الوقت الذي أتهم فيه أشرف مروان بالتجسس لصالح إسرائيل، خرج المحجوب لينفي تهمة التجسس عن مروان، كاشفًا أنه هو الذي دربه ودفع به إلي الموساد. ومعروف أن المحجوب كان من أهم ضباط المخابرات الذين استطاعوا اختراق الأجهزة السيادية لدي أعداء مصر، وكان له دور كبير في انتصار أكتوبر، فهو الذي تمكن من الحصول علي أسرع وأصغر جهاز لاسلكي كان يستخدمه الموساد في التراسل، ولم يكن منه في ذلك الوقت سوي أربعة أجهزة في العالم كله.
»الريس زكريا» هو الاسم الحركي لضابط المخابرات المصرية الذي كانت مهمته توجيه البطل المصري الهوان أو »جمعة الشوان» في مسلسل »الدموع في عيون وقحة». لم يقتصر دور المحجوب علي تلك العملية، فكان له العديد من المهام الذي نفذها ببراعة، منها أنه من قاد العملية المخابراتية التي أخرجت الزعيم الفلسطيني الراحل »ياسر عرفات» من بيروت في الثمانينيات بعد أن حاصرتها إسرائيل، واستطاع تخليص وتهريب العديد من أسر بعض المعارضين الليبيين، الذين كان يحتجزهم العقيد الليبي الراحل معمر القذافي كرهائن في طرابلس للضغط علي معارضيه في القاهرة، إبان حكم الرئيس السادات، وتردد عندما كان نائب مدير المخابرات المصرية أثناء محاولة اغتيال الرئيس السابق مبارك في أديس أبابا إنه أصر علي أخذ السيارة المصفحة في الرحلة.
حين يتكلم اللواء المحجوب إذاً وقد كان شاهدا علي أحداث جسام بل صانعاً لبعضها، وبطلا لنجاحات سجلها التاريخ للمخابرات المصرية ينبغي علينا أن ننصت. وهو حين يتحدث فإنه يتحدث بحساب ويزن كلماته بميزان الذهب، وليس من المقبول - من منطلق المصلحة الوطنية - الضغط عليه أو الإلحاح علي أجهزة الدولة المصرية من أجل الكشف عن أسرار وتفاصيل ربما لم يحن الوقت المناسب للكشف عنها. ومن الضروري أن ندرك أن الحملة الإعلامية المحمومة للترويج لكتاب الملاك الإسرائيلي والفيلم الأمريكي الصهيوني بنفس الاسم الذي أوشك علي العرض في دور السينما الإسرائيلية والأمريكية إنما تكشف في رأيي أن ثمة خللا وحلقات مفقودة في الرواية الإسرائيلية وأسئلة مازالت بلا إجابات يريدون التشويش عليها وإخفاء حقائقها، وهذا هو دور عقولنا المستنيرة في التدبر وفضح الخلل وكشف التناقضات في الرواية الإسرائيلية إلي أن يأتي الوقت المناسب للإعلان الرسمي عنها.
نقلا عن الاخبار القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع