توقيت القاهرة المحلي 05:32:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«الملاك».. وغواية السبق الصحفي

  مصر اليوم -

«الملاك» وغواية السبق الصحفي

بقلم - هالة العيسوي

ليس مستغربا أن تحتفي الصحف الإسرائيلية وحليفاتها الغربية بكتاب »الملاك»‬ الذي ألفه أوري بار يوسف أستاذ العلوم السياسية الإسرائيلي فتفرد صفحاتها لتقديم العروض والملخصات وتروج لترجمته إلي اللغة الإنجليزية بعد أن أقامت الأفراح لنسخته العبرية المبكرة. وليس مستغربا أيضا أن تقدم تلك الصحف الإعلانات المتوالية عن قرب عرض فيلم الملاك المأخوذ عن الكتاب في دور العرض الأمريكية والإسرائيلية في آن واحد، والأخبار المتواترة والمتابعات لخطوات ومراحل إخراج العمل الفني إلي النور.

أما الذي يثير الاستغراب والاندهاش الذي يصل لحد الاستياء أن تنجر الصحف العربية والمصرية وراء الصحف الغربية والإسرائيلية في إفراد صفحات لعرض الكتاب المُعادي بـ »‬عَبَلُه» أو ترجمته للعربية دون تعقيب أو تقديم قراءة نقدية له مأخوذين بغواية قراءة الأعمال الأجنبية وبشهوة الاستعراض والسبق الصحفي وصدمة القراءة الأولي، ولا مانع من نشر بضعة سطور تطالب الدولة المصرية بالرد علي الكتاب والفيلم بإحدي الوسائل المتاحة كالإفراج عن الوثائق السرية الخاصة بفترة حرب أكتوبر وما قبلها أو بإنتاج فيلم عالمي يضارع الفيلم الأمريكي الصهيوني. مثل هذا النشر المجرد من أي رؤية نقدية أو تحقيق صحفي علي الجانب المصري يرتكب جناية أخطر من التطبيع مع العدو الصهيوني، وهي الترويج لمزاعمه وخدمة أغراضه الخبيثة ببث روح التشكيك وإفقادنا الثقة في أنفسنا والتباهي بانتصار المخابرات الإسرائيلية في حرب الجواسيس بعد هزيمتهم في حرب أكتوبر وبعد الضربات الاستخباراتية المصرية الموجعة بتجنيد عدد من العملاء في قلب إسرائيل.

الكتاب بنسختيه العبرية والإنجليزية والفيلم الأمريكي يتناول قصة أشرف مروان الذي تصفه الدولة العبرية بالملاك الذي أنقذ إسرائيل بزعم أنه كان أهم جاسوس لدي الموساد وأنه أمد الصهاينة بمعلومات فائقة الخطورة والسرية عن المطبخ الاستراتيجي المصري وجعله كالكتاب المفتوح أمام الإسرائيليين. الكتاب والفيلم يقدمان تفاصيل علاقة مروان بالموساد دون سند أو دليل علي تلك التفاصيل سوي رواية أصحابها مغلفة ببعض الشواهد أو أنصاف الحقائق لتوكيد صحة روايات الموساد.

لعل هذه المرة هي الوحيدة حتي الآن التي أتخلي فيها عن قناعتي بمبدأ حق المعرفة للقارئ وضرورة ترجمة كل الأعمال العبرية المهمة إلي اللغة العربية، لأطالب بضرورة انتقاء وتوجيه حركة الترجمة من العبرية مثلما يحدث عندهم لدي قيامهم بنقل الأعمال الفكرية المؤثرة من العربية إلي العبرية. فرغم أن الإصدار الأول بالعبرية لكتاب الملاك مثّل قنبلة لقارئيه بتلك اللغة إلا أنه لم يحظ بالصيت الواسع إلا بعد خروجه من شرنقة اللغة العبرية وترجمته إلي اللغة الإنجليزية، وفي الوقت الذي ظهر فيه كتاب عبري آخر بعنوان »‬جهاد السادات» يرد علي كتاب الملاك ويفند ما جاء فيه ألفه رجل المخابرات الإسرائيلي السابق شمعون مندس ويؤكد في خلاصته أن أشرف مروان كان عميل السادات لدي الموساد وأنه استطاع عبر مروان تمرير ما يرغب في نقله من معلومات مضللة للجانب الإسرائيلي ضمن خطة الخداع السابقة والممهدة لحرب أكتوبر أو أنه علي أقل تقدير كان عميلا مزدوجاً، إلا أن هذا الكتاب قوبل بتعتيم إسرائيلي منقطع النظير ولم يحظ بالاهتمام الذي قوبل به كتاب الملاك والغرض مفهوم طبعا، من ثم لم يترجم إلي لغات أخري اللهم إلا المرة التي نلنا فيها هذا الشرف في دار أخبار اليوم حين قمنا عبر قطاع الثقافة بنقله إلي العربية والتعقيب عليه تحت عنوان »‬أشرف مروان رجل السادات في الموساد». والمدهش أن الكتاب المتوفر باللغة العربية والذي يفند كتاب الملاك ويرد عليه بقراءة إسرائيلية لم يلفت نظر الكثير من مثقفينا الذين يتبارون في عرض الترجمة الإنجليزية للملاك. ألم أقل لكم إنها غواية قراءة الأجنبي والاستعراض بها دون تروٍ أو روية.

الحرب مع إسرائيل لم تنته، وكانت وماتزال حرب عقول ومعرفة وثيقة وجادة بالآخر وانتباه لأهدافه الخفية وإدراك لكيفية التعامل معها. ولاحظ أنهم وهم يولولون بالشكوي ويتباكون علي السلام البارد مع مصر لا يحجمون عن نشر مثل هذه الكتب وإنتاج الأفلام التي تمجد بطولات مخابراتهم حتي لو كانت بطولات زائفة ربما لرد الاعتبار لأنفسهم ولبث المزيد من عوامل الفرقة والجدل بيننا نحن.

نقلا عن الاخبار القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الملاك» وغواية السبق الصحفي «الملاك» وغواية السبق الصحفي



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon