توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مستقبل غامض فى الصومال

  مصر اليوم -

مستقبل غامض فى الصومال

بقلم : عطيــة عيســوى

فى وقت تكثف فيه حركة الشباب المتطرفة ويعزز تنظيم داعش الإرهابى وجوده فى الصومال بدأت قوات حفظ السلام الإفريقية انسحابها على مراحل تاركةً مهام حفظ الأمن لقوات الجيش التى تكتنف شكوك قوية قدرتها على ذلك لقلة عددها وضعف تدريبها وتعدد ولاءاتها العشائرية وتدنى روحها المعنوية وتأخر صرف رواتب أفرادها لعدة شهور مما اضطر بعضهم لبيع أسلحتهم والانضمام لخصومهم فضلاً عن مقتل الكثيرين منهم فى عمليات إرهابية وصراعات قبلية بين أقاليم صومالية.

هذا الوضع المقلق دفع فرانسيسكو ماديرا رئيس بعثة الاتحاد الإفريقى إلى التحذير من أن سحب القوات الإفريقية بحلول عام 2020 كما هو مقرر يمكن أن يقضى على أى تقدم تم إحرازه لأن الجيش الصومالى غير جاهز للقيام بعمليات أمنية حيث ينقص أفراده الأسلحة وضروريات أخرى ويتجه بعضهم فى النهاية للعمل فى شركات الأمن الخاصة فضلاً عن ضعف التنسيق بين الدول التى تتولى تدريبها.فى الوقت نفسه أعلن متحدث باسم القوات الأمريكية فى إفريقيا أن تنظيم داعش عمل على توسيع نفوذه فى الصومال منذ عام 2015 وأن أكثر من 250 داعشيا موجودون فى إقليم بونتلاند منذ 2017 وأن التنظيم نفذ أول تفجير انتحارى فى بوصاصو فى مايو من العام الماضى.

الهجمات الانتحارية المتبوعة أحيانا بعمليات اقتحام جريئة لمقار أمنية وعسكرية ومنشآت حكومية وفنادق يرتادها مسئولون كبار حدثت على فترات متقاربة فى العاصمة مقديشيو وغيرها وكان أبرزها مصرع أكثر من 500 صومالى فى تفجير يُعد أكثر الهجمات دموية فى السنوات الأخيرة دبرته حركة الشباب فى أكتوبر من العام الماضى، وبعده بنحو أسبوعين نفذت عملية إرهابية ضخمة قُتل فيها 27 شخصا بينهم 12 شرطيا واحتجزت رهائن فى أحد فنادق العاصمة مما تسبب فى إقالة قائد الشرطة ورئيس المخابرات فى محاولة لحفظ ماء الوجه لأن شيئا لم يتغير حيث توالت الهجمات واستمر عجز قوات الأمن والجيش عن إيقافها. وشن تنظيم داعش الذى اختار الصومال كإحدى الوجهات لتعويض هزائمه فى سوريا والعراق هجمات بعضها فى وضح النهار شملت اغتيال أفراد أمن ومخابرات ودارت معارك دموية بين إقليم بونتلاند المتمتع بالحكم الذاتى وإقليم صوماليلاند الذى أعلن الانفصال عن الصومال من جانب واحد عام 1991 حول منطقة سول وسناج المتنازع عليها بينهما الأمر الذى استنزف قدرا لا يستهان به من قدرات الجيش الحكومى.

ومع هذا أعلنت الحكومة أنها وضعت خطة انتقالية ليتولى الجيش مهمة الأمن خلفا للقوات الإفريقية التى انسحب جزء منها بالفعل وأنها تستهدف بناء قوات ذات كفاءة عالية قادرة على إحلال السلام والاستقرار دون أن توضح كيف سيتم ذلك فى الوقت القصير المتبقى وفى ظروف غير مواتية.فهناك إحباط دولى من عجز الحكومة وقواتها عن السيطرة على زمام الأمور رغم كل المساعدات الخارجية للتى تلقتها وغضب لتفشى الفساد الذى سمح بنهب جزء غير يسير من تلك المساعدات وأدى إلى تأخر تسليم الرواتب للجنود لعدة شهور مما دفعهم للفرار وبيع أسلحتهم حتى لأعداء الحكومة، كما أدى هذا الإحباط إلى خلق مصاعب فى التمويل للقوات الإفريقية بعد أن خفض الاتحاد الأوروبى تمويله لها مما عجل بقرار حكومات دول مساهمة فيها مثل أوغندا صاحبة النصيب الأكبر من تلك القوات بسحبها أيًا كانت العواقب.كما أوقفت الإدارة الأمريكية المساعدات الغذائية والوقود لمعظم أفراد الجيش للسبب نفسه.

أحداث كثيرة غير مستبعدة بعد انسحاب القوات الإفريقية البالغ عددها نحو 22 ألف جندى وشرطى بعد نحو 15 شهرا من بينها سقوط الحكومة واستيلاء حركة الشباب على العاصمة والمدن الكبرى بالإضافة إلى المناطق الريفية الشاسعة التى تحت أيديها حاليا، ويساعد على ذلك احتمال تحالف داعش معها أو على الأقل تكثيف هجماته التى تضعف الحكومة وتسهل للشباب المهمة، وإذا استولى المتطرفون على السلطة فمن المرجح أن يدفع ذلك دولًا مثل إثيوبيا وكينيا إلى حماية أمنها بإنشاء مناطق عازلة داخل الأراضى الصومالية فيزداد الصومال تمزقا. ومن المحتمل أيضا أن تتورط الولايات المتحدة عسكريا أكثر فى الصومال بهدف القضاء على حركة الشباب ومنع داعش من الاستيطان هناك حتى لا يهددا حلفاءها ومصالحها الأمنية فى القرن الإفريقى وتجارتها عبر خليج عدن والبحر الأحمر وهو تورط إذا حدث سيخلِّف خسائر هائلة فى صفوف الصوماليين، فقد وسَّع ترامب نطاق العمليات العسكرية ضد حركة الشباب المدعومة من تنظيم القاعدة وزاد عدد جنوده إلى أكثر من 500 وكثَّف الضربات الجوية لقواعد الحركة وعناصر داعش ولقى بعض جنوده مصرعهم أو أصيبوا خلال مشاركتهم قوات حكومية الهجوم على الشباب. ولن تجد تركيا إذا سقطت الحكومة مفرا من إخلاء قاعدتها العسكرية وسحب شركاتها والتخلى عن إدارة مطار مقديشيو ليتوقف حلمها باتخاذ الصومال نقطة انطلاق للتوغل تجاريا واستثماريا وعسكريا فى إفريقيا.

وفى كل الأحوال ستبقى معاناة الشعب الصومالى الجريح إلى حين، فقد أعلن مكتب الشئون الإنسانية التابع للأمم المتحدة أن 6٫2 مليون صومالى (نصف الشعب) بحاجة إلى مساعدات إنسانية منهم ثلاثة ملايين يحتاجون إلى مساعدة عاجلة.

نقلًا عن الآهرام القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مستقبل غامض فى الصومال مستقبل غامض فى الصومال



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon