توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حلم طال انتظاره

  مصر اليوم -

حلم طال انتظاره

بقلم : عطيــة عيســوى

 بعد عشرات السنين من تفكير المستكشفين وقادة النضال ضد الاستعمار وسعيهم لربط دول إفريقيا اقتصادياً ومحاولات إقليمية عديدة لتأسيس سوق اقتصادية إفريقية مشتركة، وقَّعت 44 دولة الأربعاء الماضى فى رواندا اتفاقية التجارة الحرة التى إذا تم تنفيذها ستشكل الدول الأعضاء فيها واحداً من أضخم التكتلات التجارية فى العالم يرفع حجم التجارة البينية بينها من نحو 14% إلى 30% من حجم تجارتها الخارجية، ويخفض تكلفة السلع والخدمات بمقدار تريليون دولار، ويجلب المزيد من الاستثمارات الأجنبية التى تحتاجها بشدة ويتيح المزيد من فرص العمل لملايين العاطلين الذين تعج بهم القارة السمراء.

  لكن نجاح هذه الخطوة مرهون بوجود إرادة سياسية قوية وبتنفيذها فى مدة زمنية معقولة وبإصرار من الحكومات على تذليل العقبات وبعدم التحايل على بنودها بإقامة حواجز جديدة بدلاً من التى يتم رفعها أوتخفيفها بدعوى حماية الاقتصاد الوطنى من الإغراق أو الأمن القومى من العمالة الوافدة. فلو حدث ذلك على نطاق واسع سيخبو الأمل ويدب اليأس وينصرف المستثمرون الأجانب وربما يهرب المحليون بأموالهم إلى خارج القارة لاستثمارها فى البيئة المناسبة، وتبقى الاقتصادات الإفريقية قائمة على تصدير المواد الخام والمحاصيل الزراعية بأبخس الأثمان دون مصانع تٌقام لتصنيع ولو جزءا منها لرفع ثمنها والاستغناء بها عن الاستيراد بالعملة الصعبة الشحيحة أصلاً ودون توفير فرص عمل جديدة للملايين الذين ينضمون لسوق العمل سنوياً فتحدث الاضطرابات والاحتجاجات معرِّضةً الأمن القومى للخطر.كما يجب أن يضع القادة فى أذهانهم أن عدد السكان سيتضاعف إلى 2٫5 مليار نسمة بحلول عام 2050 معظمهم شباب  يحتاجون لوظائف وتتزايد تطلعاتهم التى إن لم يتحقق الحد الأدنى منها سيسخطون وتزداد احتجاجاتهم وقلاقلهم ولجوؤهم للتخريب.

  الاتفاقية التى مازالت تحتاج لتصديق برلمانات الدول الموقِّعة عليها لتنفيذها تنشىء سوقاً تجارية حرة تُلغى أوتُخفف الحواجز التجارية داخلها مثل التعريفة الجمركية وحصص الاستيراد المحددة سلفاً، وتسمح بتدفق السلع والخدمات والعاملين بين الدول الأعضاء وتساعد على نمو الاستثمارات خاصةً فى مجال الصناعة لأنها ستتيح للمستثمرين تسويق منتجات مصانعهم فى دول عديدة وليس فقط بالدولة المُقامة فيها فتصبح ذات جدوى اقتصادية أكبر ويمكن أن يحتذى بهم المزيد من المستثمرين فينفتح الباب أمام البنوك لإقراضهم مؤدياً إلى تحرير نشاط التمويل والوصول إلى المزيد من مصادره فتتدفق استثمارات إضافية.فحجم الاستثمارات الأجنبية لدى القارة مازال ضعيفاً إذا قورن به فى دول آسيا أوأمريكا اللاتينية.وكان الأمل أن يستفيد من الاتفاقية 1٫2 مليار إفريقى بدخل إجمالى يُقدَّر بنحو 2,5 تريليون دولار حيث يأمل المتحمسون أن تُطبق خلال ستة أشهر من التصديق عليها، ويحدو بعضهم  الأمل أن يؤدى تنفيذها إلى اتخاذ خطوات أخرى على غرار الاتحاد الأوروبى مثل توحيد التعريفة الجمركية والعُملة وإقامة سوق مشتركة دون أن يأخذوا فى الاعتبار أن ما تم فى الاتحاد الأوروبى احتاج إلى عشرات السنين من المفاوضات المتدرجة مع توافر إرادة سياسية قوية وضغط شعبى جارف قد لا يتوافران بالقدر نفسه فى إفريقيا لأسباب لا تتسع لها هذه المساحة فضلاً عن عدم توافر البنية التحتية اللازمة لتحقيق مثل هذا الطموح.

العقبات كثيرة أمام الاتفاقية..فحالة الطرق البرية والسكك الحديدية وشركات الطيران ــ إن وُجدت ــ والمطارات سيئة وهو ما حال دون تحقيق الهدف من قبل، فضلاً عن الصراعات العرقية والحروب الأهلية والانعدام شبه التام للأمن وانتشار عصابات قطع الطرق التى تهدد انتقال السلع عبر الحدود، وتنهب بعضها..ولم توقع عشر دول إفريقية على الاتفاقية ووافقت 27 دولة فقط تمثل نصف عدد دول إفريقيا على حرية حركة كاملة للسلع والخدمات والأفراد عبر الحدود وفى اللحظة الأخيرة تراجعت نيجيريا صاحبة أضخم اقتصاد وعدد سكان (190 مليوناً)وسوق استهلاكية فى القارة عن التوقيع مما قد يشجع دولاً أخرى على عدم الانضمام للاتفاقية أو حتى الانسحاب منها وفقاً لتغيُّر القادة والسياسات.كما أن انخفاض نسبة التصنيع يجعل دول القارة تعتمد على استيراد حاجياتها من خارجها لاشتراكها جميعاً تقريباً فى تصدير انتاجها كمواد خام مما يقلل فرص التبادل السلعي،ويمكن أن تلتف بعض الحكومات على بنود الاتفاقية بفرض جمارك ورسوم دخول من نوع آخر أو برفض دخول سلع معينة لأسباب صحية أوخشية الإغراق ومنع قدوم أفراد وخدمات من دول إفريقية معينة بدعوى حماية الأمن القومي.وهناك مخاوف من أن تستغل دول غير إفريقية نظم الاستيراد الضعيفة لدى دول إفريقية معينة كنقطة انطلاق لجلب سلع أرخص إلى بقية الدول الأعضاء فى الاتفاقية تغرقها تجارياً وتقتل الصناعة الوطنية الضعيفة لديها ومعها فرص العمل القليلة القائمة التى يتكالب عليها العاطلون الأفارقة.وربما هذا هو ما دفع اتحاد العمال النيجيرى للضغط على الرئيس محمد بخارى لعدم توقيع الاتفاقية خشية زيادة عدد العاطلين البالغ 11٫5 مليون يمثلون أكثر من 14% من قوة العمل لدرجة أن 700 ألف نيجيرى هرعوا للتقدم لشغل 500 وظيفة فقط فى إحدى المسابقات قبل شهور!.ومع ذلك فهى إنجاز تتعلق به قلوب الأفارقة.

نقلاً عن الآهرام القاهرية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حلم طال انتظاره حلم طال انتظاره



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 10:34 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024

GMT 10:38 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر

GMT 10:52 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

GMT 09:38 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 21:45 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

فجر السعيد تفتح النار على نهى نبيل بعد لقائها مع نوال

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 20:43 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

الأمير هاري يتحدث عن وراثة أبنائه جين الشعر الأحمر

GMT 20:11 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

تكريم توم كروز بأعلى وسام مدني من البحرية الأميركية

GMT 09:56 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 12:18 2016 الإثنين ,12 كانون الأول / ديسمبر

الروح والحب والإخلاص " ربنا يسعدكم "

GMT 23:59 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

اتفاق مبدئي على إعادة تشكيل السلطة التنفيذية في ليبيا

GMT 18:11 2024 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

3 تحديات تنتظر الزمالك قبل غلق الميركاتو الصيفي

GMT 07:33 2019 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

"سيسيه يؤكد رفضت عروضا من أجل البقاء مع "الاتحاد

GMT 05:59 2024 الأحد ,14 تموز / يوليو

محمد النني يقترب من الدوري السعودي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon