توقيت القاهرة المحلي 22:47:21 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ألوان من العذاب

  مصر اليوم -

ألوان من العذاب

بقلم : عطيــة عيســوى

ليس الابتزاز الجنسى وحده كل ما يكتوى به اللاجئون فى أوغندا من جانب موظفين وعمال وحراس مقابل تسجيل أسمائهم فى كشوف الإقامة وصرف حصص الغذاء والدواء، فهناك مآسِ عديدة تحيل حياتهم إلى جحيم وتُهدر آدميتهم فى مخيمات اللجوء فى كل إفريقيا وكأنه لا يكفيهم أنهم هُجِّروا من ديارهم وفقدوا عائليهم أو أعزاء لديهم وقطعوا مئات الكيلومترات سيرا على الأقدام فى الأحراش المكتظة بالضوارى أوالصحارى الموحشة قبل أن يصلوا إلى المخيمات بحثا عن الأمان وما يسدُّون به غائلة الجوع.فإلى جانب الخيام المكتظة وغير الآدمية التى يتم حشرهم فيها لعدم كفايتها وسوء حالتها يتم اختلاس نحو نصف حصص الغذاء المقررة لهم وبيعها فى السوق السوداء وحرمان مَن يجرؤ منهم على الاعتراض ومعاقبته، كما يتعرض الكثيرون منهم لهجمات اللصوص لسرقة متاعهم القليل وزوَّار الليل لاختطاف مَن وقعت عليهن عيونُهم بالنهار فإذا استغاثت لا تجد مَن يغيثها وإذا قاومت قتلوها، فالتواطؤ شائع لدى الحراس الذين يقتسمون معهم الغنائم.!

  فقبل أيام من يوم اللاجئين العالمى (20 يونيو) كشف تحقيق لصحيفة ميل أون صنداى الإنجليزية عن عملية فساد واسعة فى توزيع المساعدات الإنسانية على اللاجئين فى أوغندا حيث يقيم ما يربو على المليون من جنوب السودان وغيره تتمثل فى السرقة وتلاعب فى الإحصائيات وحرمان نساء رفضن ممارسة الجنس مع موظفين وحراس وعاملين من إدراج أسمائهن فى قوائم الإقامة والمساعدات الغذائية وأن نساءً وفتيات هربن من مناطق النزاع فى بلادهن قلن إنهن أُجبرن على ممارسة الجنس مقابل الغذاء وأن أشخاصاً يقومون بجمع المساعدات والأغذية لتخرج بها الشاحنات من المخيمات ضمن صفقات توزيع تتولاها شركات لها علاقة بمسئولين هناك.وأوضح التحقيق أن المساعدات ومعلبات غذاء الأطفال وزيت الطعام وأجهزة الشحن التى تعمل بالطاقة الشمسية تُباع علناً فى الأسواق وأنه جرى تضخيم عدد اللاجئين إلى نحو 1٫46 مليون بهدف الإستيلاء على مخصصات الأعداد الزائدة حيث تبين من فحص موقع واحد مسجل به 26 ألفا أنه لا يوجد فيه سوى سبعة آلاف. هذا فى أوغندا التى وُصفت بأنها أفضل دول العالم معاملةً للاجئين حيث تسمح لهم بالعمل وبتأسيس مشروعات وتمنحهم قطع أراضِ لزراعتها، لإعالة أنفسهم ولا تقيد حركتهم ويحصلون على التعليم والرعاية الصحية بالمجان.

  ما نشرته الصحيفة ربما كان أقل مما يحدث فعلا على أرض الواقع،فخلال مهمة صحفية مع الزميل المصوّر أحمد عبد الرازق عام 2004 فى مخيم اللاجئين المعروف باسم كاكوما فى شمال غرب كينيا قرب الحدود مع جنوب السودان وجدنا أن اللاجئين ومعظمهم جنوب سودانيين يعيشون ظروفاً غير إنسانية وتنقصهم أبسط احتياجاتهم اليومية من غذاء وماء وأمان ولا يخرجون منها إلاّ بتصريح من الأمن وإلاّ فقد الخارج حياته.فالمخيّم كان وقتها يؤوى نحو 100 ألف لاجيء مكدّسين فى خيام تتعرض لهجمات العصابات المسلحة تحت جُنح الظلام بهدف اغتصاب النساء أوالانتقام من الرجال أوسرقة متاعهم القليل.كما أن كميات الغذاء التى يتسلمونها أقل بكثير من المُثبتة فى السجلات ومن يعترض يلق ما لا يرضيه.ولأنه لا يستمع أحد لشكواهم -على حد قولهم-سلّمونى وقتها شكوى مُوقّعة من بعضهم لأنقلها إلى المسئولين، وهو ما فعلته بتسليمها إلى مكتب وكالة غوث اللاجئين بالقاهرة.وبلغ البغى على هؤلاء المساكين حد معاقبة المرأة التى لا تستجيب للإغواء بإنقاص حصتها الغذائية وربما الهجوم على خيمتها ليلاً واقتيادها إلى الأحراش المجاورة لاغتصابها،فإن قاومت قُتلت!.وما حدث فى كاكوما لا بُدّ أنه يحدث فى غيره خاصةً مخيم داداب الأكثر ازدحاماً وبؤساً فى شمال شرق كينيا ومعظم سكانه صوماليون.

  المعاناة أنها لابد ستتفاقم مع إعلان المفوض السامى لشئون اللاجئين التابع للأمم المتحدة فيليبو جراندى فى التاسع عشر من يونيو الماضى أن عدد اللاجئين وطالبى اللجوء والنازحين فى العالم ضرب رقما قياسيا جديدا عام 2017 حيث بلغ 68٫5 مليون بزيادة 3٫1 مليون عنه فى 2016 منهم 24,5 مليون فروا من بلادهم هربا من النزاعات والقمع بزيادة 2٫9 مليون وازداد عدد طالبى اللجوء الذين لا يزالون ينتظرون الحصول على وضع لاجئ بنحو 300 ألف ليبلغ 3٫1 مليون بينما انخفض عدد النازحين داخل بلادهم بمقدار ضئيل لا يتجاوز 300 ألف ليثبُت عند 40 مليونا.وقال إن20% من تلك الزيادة حدثت فى إفريقيا حيث أضافت الحرب فى جنوب السودان إلى جموع المشردين مليون شخص كما تضاعف عددهم إلى 621 ألفا فى الكونغو الديمقراطية التى يقيم بها أيضا نحو 537 ألفا من دول الجوار بسبب الصراعات.

  أشكال المعاناة عديدة ومن غير الممكن القضاء عليها تماما،لكن يمكن  تخفيف وطأتها على هؤلاء المعذبين بالتحرى الدقيق والمستمر عن أحوالهم ومعاقبة الذين يسيئون معاملتهم وعزلهم بالتعاون مع الدول المقيمون على أرضها،فاتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بأوضاع اللاجئين الموقعة عام 1951 تحمِّل حكومة الدولة المستضيفة مسئولية حمايتهم بينما تتولى مفوضية اللاجئين المراقبة وعدم إرغامهم على العودة إلى بلدان يُخشى أن تتعرض فيها حياتهم للخطر.

نقلًا عن الآهرام القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ألوان من العذاب ألوان من العذاب



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:43 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته
  مصر اليوم - عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته

GMT 15:30 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025
  مصر اليوم - ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025

GMT 11:43 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تامر حسني يدعو لتبني طفل عبقري

GMT 14:33 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة رانيا العبدالله تستمتع بوقتها مع حفيدتها

GMT 07:55 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتقاضى 634 ألف دولار يومياً مع النصر السعودي

GMT 09:37 2024 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار السيارات الكهربائية في طريقها لتراجع كبير

GMT 01:56 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

التعليم.. والسيارة ربع النقل!

GMT 05:08 2024 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

مرشح رئاسي معتدل ينتقد سياسة الحجاب في إيران

GMT 05:33 2021 الأحد ,26 كانون الأول / ديسمبر

جالطة سراي يخطر الزمالك بتفعيل بند شراء مصطفى محمد

GMT 03:52 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تدريس الرياضيات يحسّن من مستوى الطلبة؟

GMT 23:31 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

توقيف سيدة تُدير شبكة دعارة داخل شقة سكنية في السويس

GMT 18:19 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

«المركزي» يعلن مواعيد عمل البنوك في رمضان 2021

GMT 12:03 2021 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

قمة نارية بين برشلونة وإشبيلية في نصف نهائي الكأس
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon