توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الاستقرار له متطلبات

  مصر اليوم -

الاستقرار له متطلبات

بقلم - عطيــة عيســوى

 ليس الذى يده فى الماء كالذى يده فى النار،فقد انتقدت الإدارة الأمريكية فرض حالة الطوارئ فى إثيوبيا من جديد دون أن تقدِّر مدى اضطرار حكومتها لذلك لمواجهة التدمير والتخريب والنهب المتوقع للممتلكات العامة والخاصة كما حدث فى احتجاجات الأعوام الثلاثة الأخيرة،فليس كل الذين يقومون بالاحتجاجات أشخاصاً واعين بأحكام القانون والحقوق والواجبات مثلما هم فى الولايات المتحدة وإنما  يريد بعضهم الانتقام بأية وسيلة لما تعرضوا له وقادتُهم من قمع وتنكيل وتهميش سياسى واقتصادى واجتماعى وهضم للحقوق.أما المنطقى فهو أن تطالب واشنطن السلطات الإثيوبية بعدم استغلال حالة الطوارئ فى مضايقة الناس أوقمعهم أواعتقالهم عشوائياً لمجرد الاشتباه والزج بهم فى السجون لأن هذا الأسلوب ثبت فشله فى وقف الاحتجاجات حتى بفرض الطوارئ مع ضرورة التفاوض مع قادة الجماعات المعارضة والإفراج عمَّن بقى معتقلاً منهم لتهيئة الأجواء للتهدئة ولإقناع الناس بأن تغييراً فعلياً سيحدث بعد استقالة رئيس الوزراء المفاجئة مع الحفاظ فى الوقت نفسه على أمن واستقرار البلد ومقدَّراته وممتلكات أبنائه والمستثمرين الأجانب.

  هذا الموقف من أمريكا حليفة إثيوبيا الوثيقة التى تعتبرها ذراعها اليمنى لمكافحة الإرهاب فى شرق إفريقيا جاء على العكس من موقف مصر التى تمنت لها الاستقرار وتفهمت ظروفها حتى بعد أن أدت الاستقالة إلى تأجيل مباحثات سد النهضة التى كان مقرراً استئنافها اليوم بالخرطوم بين وفود مصر والسودان وإثيوبيا مما أدى إلى عدم الوفاء بتنفيذ اتفاق زعماء الدول الثلاث فى اجتماعهم على هامش القمة الإفريقية فى أديس أبابا نهاية يناير الماضى على إنهاء المشاكل التى أعاقت المباحثات الثلاثية خلال شهر واحد من تاريخه.هذا لا يعنى أننا نؤيد القمع أو الاعتداء على الناس المسالمين أو سلب حرياتهم باستغلال قانون الطوارئ الذى فشل مرةً أخرى فى منع تجدد الاحتجاجات الأسبوع الماضى وإنما الحفاظ على أمن واستقرار إثيوبيا وجيرانها، حيث يتأثر أمن بعضها ببعض عند حدوث اضطرابات.ولكى يتحقق الهدفان،حفظ أمن واستقرار الدولة وحقوق وحريات المواطنين،على الحكومة الإثيوبية الجديدة أن تسارع باتخاذ وتنفيذ عدد من الإجراءات التى تثبت جديتها فى إحداث تغيير حقيقى فى أسلوب معالجة مشاكل الناس وتحقيق سلام وديمقراطية حقيقيين كما قال رئيس الوزراء هيلى مريام ديسالين فى تبريره استقالته من رئاسة الحكومة وحزب الجبهة الثورية الحاكم حتى يتم تهدئة خواطر الناس ومنع تجدد الاحتجاجات لإعطاء فرصة لها للقيام بمهمتها كما ينبغي.

  فى مقدمة الإجراءات المطلوبة الإفراج الفورى عن جميع المعتقلين السياسيين وأولئك الذين شاركوا فى الاحتجاجات ضد اعتقال قيادات المعارضة وضد مصادرة أراضِ واسعة من قومية الأورومو أكبر العرقيات(28%)لتوسيع العاصمة وإقامة مشروعات استثمارية وضد اقتطاع جزء من إقليم أمهرا الذى تقطنه ثانى أكبر جماعة عرقية فى البلد(22%)وضمه إلى إقليم تيجراى معقل قيادات الجبهة الثورية مع تخفيف القيود عن الحريات الشخصية.أما الإجراء الثانى فأن يشركوا فى الحكم ومؤسسات الدولة المختلفة شخصيات قيادية تمثل الأورومو والأمهرا والإثيوبيين من أصل صومالى بإقليم أوجادين وغيرهم من شعوب القوميات البالغ عددها نحو 80 عرقية بالقدر الذى يتناسب مع حجم كل منهم السكانى لإنهاء شكاواهم المتكررة من التهميش وهيمنة أبناء التيجراى على المناصب القيادية فى الحكومة والجيش والأمن ومؤسسات القطاع العام رغم أنهم لا يمثلون سوى 6% فقط من سكان إثيوبيا.والإجراء الثالث هو إلغاء خطة مصادرة نحو 120 كيلومتراً مربعاً من أراضى الأورومو الزراعية لتوسيع أديس أبابا وتنفيذ مشروعات استثمارية بعضها للأجانب والبحث عن بديل مناسب مثل الاكتفاء بشراء الأرض بأسعارها الحقيقية وليس بالمصادرة ممَّن يوافق على بيعها لأن هذه المشكلة كانت السبب الرئيسى وراء اندلاع الاحتجاجات وعدم توقفها على مدى ثلاث سنوات وفشل فرض حالة الطوارئ طوال عشرة شهور فى إخمادها.

 أما الإجراء الذى لا يحتمل الانتظار أيضاً فهو التخلى عن فرض أئمة غير مرغوب فيهم على أبناء الأورومو الذين يشكل المسلمون ما بين 50% و 80% من عددهم بحجة مكافحة الفكر المتطرف والإرهاب حتى يشعروا باستعادة حريتهم واحترام إرادتهم مع احترام العادات والتقاليد الخاصة بكل قومية ومساعدتها على حفظ تراثها فتهدأ النفوس وتتوقف الاحتجاجات.وأخيراً التزام مبدأ العدالة فى التنمية بتنفيذ مشروعات لتحسين مستويات المعيشة وخدمات التعليم والصحة والبنية الأساسية وتوفير فرص العمل والكهرباء والعلاج ومياه الشرب النقية للجميع والحد من الفساد من خلال خطة طويلة الأمد يتم تنفيذها فى كل الأقاليم فى وقت واحد بقدر ما تسمح به ميزانية الدولة لكى ينتهى تدريجياً الشعور المتجذر بالتهميش وهضم الحقوق الاقتصادية والتنموية.

  يتبقى الأمل فى أن تلتزم الحكومة الجديدة بما وافقت عليه سابقتها من الإسراع بإزالة العقبات من أمام مفاوضات سد النهضة بأسرع وقت وأن يأتى تصرفها مكذباً ما أتوقعه بأن تستهلك وقتاً طويلاً فى إعادة دراسة الملف خاصةً إذا تم تغيير وزير الرى أو أن تتنصل من تعهدات سابقتها بإنهاء العقبات خلال الشهر المحدد وهو الأسوأ.

نقلا عن الأهرام القاهرية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاستقرار له متطلبات الاستقرار له متطلبات



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:36 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 11:46 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

مبابي أفضل لاعب فرنسي في موسم 2023-2024 ويعادل كريم بنزيما

GMT 08:09 2024 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

مميزات كثيرة لسيراميك الأرضيات في المنزل المعاصر

GMT 05:00 2024 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

بوجاتي تشيرون الخارقة في مواجهة مع مكوك فضاء

GMT 05:50 2024 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

تسلا تنشر صور للشاحنة سايبرتراك باختبار الشتاء

GMT 13:06 2021 الأحد ,03 تشرين الأول / أكتوبر

منة شلبي عضو لجنة تحكيم الأفلام الطويلة بمهرجان الجونة

GMT 20:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

رسميًا إيهاب جلال مديرًا فنيا لنادي بيراميدز
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon