توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عيد بلا محتفلات

  مصر اليوم -

عيد بلا محتفلات

بقلم - عطيــة عيســوى

 مرَّ اليوم العالمى للفتاة «11 أكتوبر» على فتيات إفريقيا دون أن يشعر به أحد، فليس لديهن ما يحتفلن به فى تلك المناسبة، لأن شيئا جوهريا لم يتغير فى حياتهن إلى الأفضل منذ العيد السابق، بل حدث الأسوأ لكثيرات منهن إما بالتشرد نتيجة الصراعات وما يترتب عليها من قتل لعائل الأسرة أو بعض أفرادها وجوع وسوء تغذية وحرمان من التعليم وأمراض لا يوجد لديهن لها علاج أوالتعرض للاختطاف والاغتصاب والزواج بالإكراه وربما البيع بثمن بخس تسديدا لديون أثقلت كاهل الوالدين أو رغبةً فى الحصول على بعض المال لتوفير متطلبات معيشية أساسية كالطعام .فأحوال الأطفال فى معظم الدول الإفريقية بائسة ولا يمر شهر إلاَّ وتطلق منظمة خيرية أو أممية تحذيرا من عواقب استمرار هذا الوضع أو صرخة للإسراع بالعمل لإنقاذ حياتهم. وأوضحت دراسة نشرتها مجلة لانسيت الطبية لفريق من جامعة ستانفورد أن النزاعات المسلحة وما ترتب عليها من جوع وأمراض ربما تسببت فى هلاك خمسة ملايين طفل إفريقى لا تتجاوز أعمارهم السنوات الخمس فيما بين عامى 1995 و 2015.

إحصاءات الأمم المتحدة أوضحت أن الحروب تزيد عدم التحاق البنات بالتعليم بمقدار الضعفين وأن جنوب السودان تصدرت قائمة أسوأ مكان لتعليم الفتيات فى العالم، حيث لا يلتحق 75% منهن بالتعليم الابتدائى بسبب الحرب والعنف وتدمير المدارس والتشريد وأن 38% فقط من بنات مالى يُكملن التعليم الابتدائى ولا يجد ثلثا أطفال ليبيريا فرصة للالتحاق به وأن 1% فقط من بنات بوركينافاسو يُكملن التعليم الثانوى وتحول عقبات اجتماعية واقتصادية كثيرة دون تعليم بنات تشاد وأن 83% من نساء النيجر بين 15و24 عاما غير متعلمات.

وأعلنت منظمة «بلان انترناشيونال» أن الفتيات الصغيرات فى منطقة بحيرة تشاد التى تضم نيجيريا والكاميرون وتشاد والنيجر يواجهن العنف والاختطاف والزواج بالإكراه والرفض من عائلاتهن عند تعرضهن للاغتصاب فيتحولن إلى بغايا،كما ذكرت منظمة «أنقذوا الأطفال» أن 25% من حالات زواج الأطفال فى العالم تحدث فى إفريقيا وهو ما ينتهى بالحمل وانقطاع الطفلة عن التعليم وضربت مثالا بالنيجر، حيث يتم تزويج 67% من البنات قبل بلوغ السن القانونية، مشيرةً إلى أن تشاد وإفريقيا الوسطى ومالى وغينيا وسيراليون تشهد معدلات مرتفعة أيضا. وتوقعت اليونيسيف أن يبلغ عدد القاصرات المتزوجات فى إفريقيا 310 ملايين بحلول عام 2050 مقارنةً بنحو 150 مليونا حاليا إذا استمرت التوجهات الحالية.

ومن أمثلة بيع الأطفال بثمن بخس واختطاف واغتصاب الفتيات إحباط شرطة موزمبيق مؤخرا بيع فتاتين لرجلين فى جنوب إفريقيا مقابل 64 دولارا فقط واختطاف مئات التلميذات من مدارسهن فى شمال شرق نيجيريا وتكليف ضابطات شرطة بالخدمة داخل معسكرات المشردين فى ولاية بورنو معقل بوكوحرام بعد اتهام منظمة هيومن رايتس ووتش مسئولى أمن رجالا بابتزاز الفتيات والنساء جنسيا، بل إن هناك ما هو أشد مرارة، حيث كشفت منظمة حقوق المعاقين الدولية عن أن معظم النساء اللائى سألهن مندوبوها عن أطفالهن المعاقين أجبن بأنه قد طُلب منهن قتلهم، لأن أسرهن تعتبرهم لعنةً وعارا عليها. وحذرت منظمة «أنقذوا الأطفال» من أن 200 طفل يمكن أن يلقوا حتفهم جوعا يوميا فى شمال شرق نيجيريا بسبب الصراع مع بوكوحرام وأن نصف الأطفال تحت سن الخامسة فى المناطق التى تمكَّن مندوبوها من دخولها هناك يعانون بشدة سوء التغذية المصحوب بأمراض مثل الأنيميا والملاريا والإسهال وأن الأرقام يمكن أن تكون أسوأ فى المناطق التى لم يستطيعوا دخولها.

يحتاج أطفال إفريقيا الذين لا يبدو هناك أمل فى حدوث تحسن ملحوظ فى حياتهم فى المستقبل المنظور- إذا استمرت الأمور على وتيرتها- إلى الأمان من الحروب والاختطاف والبيع للغير وتزويج الإناث منهن مقابل مبالغ زهيدة أو تسديدًا لديون وإلى التخلص من الفقر المدقع والأمراض وسوء التغذية والتشرد لأنها من الأسباب الأساسية للتسرب من التعليم، بينما أعلنت منظمة اليونيسيف الدولية على سبيل المثال أنها لم تحصل إلا على 13% من احتياجاتها لمساعدة المتضررين فى تشاد ونيجيريا والنيجر والكاميرون. وإن كانت جولة ميلانيا ترامب قرينة الرئيس الأمريكى فى أربع دول إفريقية قبل أسبوع قد سلطت إلى حد ما الضوء على معاناتهم إلاَّ أنه من غير المحتمل أن تسفر حملتها لتحسين الرعاية الاجتماعية والتعليم للأطفال عن تحسن ذى مغزى ما لم تتغير سياسة زوجها بتحجيم المساعدات للدول الإفريقية التى وصف بعضها فى يناير الماضى بالحثالة والأوكار القذرة بسبب تدفق المهاجرين منها وألغى بعض برامج المساعدات الحيوية لإفريقيا واكتفى بالمساعدة فى مكافحة الإرهاب ونشر قوات فى مناطق تنشط فيها الجماعات الإرهابية.

زارت ميلانيا غانا ومالاوى وكينيا ومصر، وهى الدول التى قالت إنها عملت مع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية لإحداث تقدم في مواجهة أكبر التحديات التي تواجه حملتها «كن الأفضل»، لكن الهدف الذى أعلنته وهو تربية الجيل المقبل ليكونوا سعداء وأصحاء ومسئولين على خلق لن يكتمل إذا استمر تخفيض المساعدات الأمريكية وإذا لم تزد الدول المانحة الأخرى والمنظمات الدولية المختصة مساعداتها وتُحسن الحكومات الإفريقية استخدامها ولا تتركها نهبًا للفاسدين والمرتشين. فقد حذر معهد تنمية ما وراء البحار فى بريطانيا من أن أطفال إفريقيا سيشكلون نصف أطفال العالم الفقراء بحلول عام 2030 بدلا من ربعهم حاليا إذا سارت الأمور على وتيرتها وهو ما يحتاج إلى جهود مضاعفة لتوفير ولو الحد الأدنى لرعايتهم، وهذا لن يتحقق إلا بتقديم الدول والهيئات المانحة مساعدات كبيرة والتأكد من إنفاقها فى الغرض منها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عيد بلا محتفلات عيد بلا محتفلات



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon