توقيت القاهرة المحلي 03:28:15 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بأكاليل الغار أو أذيال العار

  مصر اليوم -

بأكاليل الغار أو أذيال العار

بقلم - عطيــة عيســوى

 شتَّان بين أن تغادر الحكم طواعيةً مُطوقاً بالورود وأكاليل الغار وبين أن تُطرد منه تجر أذيال الخزى والعار بقدر ما قدَّمته لشعبك من حسنات أو ما اقترفته بحقه من سيئات حتى لو بقى بعضها مجرد شبهات..فى الأولى قلَّما ينساك أحد وتظل الأغلبية الساحقة تتذكر يوم مولدك وساعة تخليك عن حكمهم ولحظة فراقك بعد أن يسترد الله تعالى وديعته،وفى الثانية يكسر وراءك الكثيرون القُّلل مبتهجين بسقوطك من فوق أكتافهم مُشيعينك باللعنات ولا يذكرونك إلاَّ بسوء.تلك سُنَّة الحياة التى يَعيها الحكام جيداً لكن كثيرين منهم يتجاهلونها مغرورين بجبروت السلطة مخدوعين بمكاسبها المادية والمعنوية محاولين إقناع أنفسهم بأن قطوف الدنيا ستبقي لهم دانية ورقاب شعوبهم خاضعة وساعة الحساب غير آتية،ولا حصر للأمثلة خاصةً فى إفريقيا الغنية بمواردها الطبيعية..الفقيرةُ فى حياتها المعيشية.

  فى جنوب إفريقيا التى أنجبت عظماء مثل نيلسون مانديلا الذى يُعَد مثالاً للفخر والاعتزاز بالحاكم حياً وميتاً انتهى مصير الرئيس جاكوب زوما بإجباره على التنحى قبل انتهاء مدة حكمه الثانية بنحو 16 شهراً لكثرة اتهامه بالفساد وتدهور حالة الاقتصاد ومستوى معيشة عامة المواطنين وارتفاع معدل البطالة بينما تفشى الفساد بصورة مقلقة حتى بين أعضاء فى حزب المؤتمر الوطنى الحاكم لدرجة أن سيريل رامافوزا رئيس الحزب نفسه قال إن الدولة وقعت فى قبضة عناصر فاسدة يزعمون أنهم مقرَّبون من الرئيس ويفعلون بمؤسساتها السوء.التنحى بالإكراه استهدف إنقاذ ما يمكن إنقاذه من شعبية الحزب بعد أن هبطت نسبة التصويت له فى الانتخابات المحلية عام 2016 إلى أدنى مستوى منذ توليه السلطة قبل 23 عاماً مما هدد بخروجه إلى صفوف المعارضة  فى انتخابات 2019 التشريعية.

  لم تقتصر المشكلة على تفشى الفساد فى أوساط الحزب بل أحاطت بزوما نفسه منذ أن كان نائباً للرئيس وبدأت بتوجيه اتهامات له بالحصول على 4٫2 مليار دولار رشوة فى صفقة أسلحة قبل أن  يتم اسقاطها فى 2009 خشية أن تكون وراءها دوافع سياسية.ولكن محكمة الاستئناف العليا حكمت العام الماضى بأنه يتعين توجيه 18 قائمة اتهام إليه تتعلق بالفساد والتزوير والابتزاز وغسيل الأموال بخصوصها.كما حكمت المحكمة العليا فى 2016 بأنه انتهك الدستور برفضه تسديد المبلغ غير المشروع من 15 مليون دولار أنفقها على تجديد مقر إقامته الريفى دون وجه حق ووصفته بأنه مهمل بشكل صارخ مما اضطره لإعادته إلى خزانة الدولة فضلاً عن اتهامه بإقامة علاقات مشبوهة بعائلة  رجال أعمال من أصل هندى تُدعي(جوبتا) أتاحت لها فرصة لممارسة نفوذ كبير على الحكومة.

  أما عن الحالتين الاقتصادية والمعيشية اللتين أثَّرَتا سلباً على شعبية الحزب وصعَّدت الاحتجاجات والمطالب بتنحى زوما فأبرزها زيادة نسبة البطالة إلى 28%،ترتفع إلى أكثر من 32٫4% بين النساء،وبقاء 73% من الأراضى فى حوزة البيض رغم أن نسبتهم لا تزيد علي9% من الشعب ما يعنى أنه منذ سقوط نظام حكم الأقلية العنصرية البيضاء وتولِّى حزب المؤتمر السلطة عام 1994 لم يتم إعادة توزيع سوى 12% من الأراضى على المحرومين السود بالإضافة إلى أزمات حادة فى الحصول على المساكن والكهرباء ومياه الشرب والعلاج والتعليم المناسب لدرجة أن ملك قبائل الزولو التى ينتمى إليها زوما وصف حالة بعض المدارس بأنها أسوأ مما كانت عليه فى عهد الأقلية العنصرية البيضاء.

  على العكس من زوما ومع انتهاء مدة حكمها الثانية سلَّمت إلين جونسون سيرليف رئيسة ليبيريا فى غرب إفريقيا السلطة للاعب كرة القدم الشهير السابق جورج وياه بعد فوزه فى انتخابات نزيهة وحرة على مرشح الحكومة فى جولة الإعادة دون أى محاولة منها للتلاعب بإرادة الجماهير أوتعديل الدستور لترشح نفسها لفترة ثالثة-كما فعل كثيرون- بل أيدت انتخاب مرشح المعارضة على حساب نائبها مرشح الحكومة مما دفع قيادة حزبها لفصلها من عضويته.وبسبب تخليها عن الحكم وما حققته من إنجازات فى إعادة بناء بلدها الذى مزقته حرب أهلية سابقة راح ضحيتها ربع مليون إنسان وقيادتها عملية المصالحة منحتها لجنة جائزة(مو إبراهيم)للحكم الرشيد فى إفريقيا جائزة عام 2017 قائلةً:على الرغم من اتهام سيرليف بالصبر على الفساد فإنها أظهرت قيادة استثنائية فى ظروف صعبة وكانت ليبيريا الدولة الوحيدة بين 54 دولة إفريقية تشهد تحسناً فى كل قطاع وقطاع فرعى من القطاعات التى حددها مؤشر(مو إبراهيم)لنيل الجائزة.

  بذلك أصبحت سيرليف خامس حاكم إفريقى سابق ينال الجائزة البالغة قيمتها خمسة ملايين دولار تُدفع على عشر سنوات بالإضافة إلى 200 ألف دولار سنوياً مدى الحياة منذ تأسيسها عام 2007 لتشجيع الحكام على عدم التمسك بالسلطة والعمل على تحسين مستويات معيشة شعوبهم وإنهاء الصراعات وتحقيق المصالحة والنهوض بالاقتصاد وتوفير الخدمات الأساسية واحترام حقوق الإنسان وترسيخ الديمقراطية وسيادة القانون.ولندرة أمثالها سبق حجب الجائزة التى تحمل اسم رجل الأعمال البريطانى من أصل سودانى محمد إبراهيم ست مرات لعدم وجود مَن يستحقها.

نقلا عن الاهرام القاهرية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بأكاليل الغار أو أذيال العار بأكاليل الغار أو أذيال العار



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:43 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته
  مصر اليوم - عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته

GMT 15:30 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025
  مصر اليوم - ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025

GMT 09:44 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جورج وأمل كلوني يحتفلان بذكرى زواجهما في أجواء رومانسية

GMT 12:02 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

نصائح وأفكار لإطلالات أنيقة ومتناسقة

GMT 20:58 2016 الجمعة ,28 تشرين الأول / أكتوبر

لجان البرلمان المصري تستعد لمناقشة أزمة سورية

GMT 23:21 2018 الأربعاء ,21 آذار/ مارس

تعرفي على خطوات للحفاظ على "لون الصبغة"

GMT 23:40 2018 الأحد ,04 آذار/ مارس

تعرف على سعر ومواصفات سكودا كودياك 2018

GMT 19:31 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الشرطة تكشف تفاصيل تجريد أستاذ جامعي من ملابسه

GMT 18:47 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

شركة فيات كرايسلر تكشف عن تراجع ديونها بمقدار النصف

GMT 04:47 2018 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

تعرف على أسعار السمك في الأسواق المصرية السبت

GMT 14:38 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

جاكيتات "جلد النمر" الرائعة موضة العام المقبل

GMT 10:24 2015 الإثنين ,16 آذار/ مارس

"كلام من القلب" يقدم طرق علاج كسور الفخذ

GMT 04:18 2017 السبت ,14 تشرين الأول / أكتوبر

منال جعفر بإطلالة "رجالي" في آخر ظهور لها
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon