توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مَنْ على استعداد للقفز مع أمريكا؟

  مصر اليوم -

مَنْ على استعداد للقفز مع أمريكا

بقلم - محمد صابرين

تظل العلاقة مع الولايات المتحدة ملتبسة، وفى الكثير من الأحوال معقدة وتحيط بها الشكوك، ويرى العديد من خبراء الشئون الدولية أن واشنطن كثيرا ما تصرفت مثل فيل ضخم فى متحف الخزف. وأذكر هنا حوارا دار بينى وبين الجنرال الأمريكى ويسلى كلارك قائد قوات حلف الناتو الأسبق فى المنتدى الاستراتيجى العربى بدبى بعد غزو العراق. حيث كانت واشنطن تحث العرب على مساعدتها، ولقد قلت له لحظتها فى عام 2006 هناك مثل شهير لديكم يقول «إذا كسرت شيئا فعليك إصلاحه»، ولقد فوجئت لحظتها بعاصفة من التصفيق من الحضور، وهو ما كان ومازال يعكس الرأى العام من الغزو الأمريكى غير الشرعى لبلد عربى لأسباب كاذبة، والأمر الآخر أن الشعوب العربية أدركت من اللحظة الأولى أن المسألة كلها لا علاقة لها لا بأسلحة الدمار الشامل ولا بنشر الديمقراطية. بل كان الأمر مرتبطا بالنفط ، وبتهويمات الفوضى الخلاقة التى ستعيد تشكيل الشرق الأوسط الجديد، وسوف تجعله هادئا ومستقرا ومزدهرا، وبالطبع قفز البعض مع الأمريكيين، ولكنها كانت قفزة فى المجهول. والآن يجد الأمريكان صعوبة بالغة فى مشروع الناتو العربى، وفى المقابل تجد الكثير من النخب العربية صعوبة فى الثقة فى حرب أمريكا ضد الإرهاب، أو قدرة واشنطن على توفير الأمن ومواجهة تحديات عدم الاستقرار فى العالم العربي. وهنا نرصد بعض التطورات فى العلاقة مع واشنطن.

..البداية تتعلق بتقييم الجنرال أنتونى زينى قائد القيادة المركزية الأمريكية سابقا لخطط واشنطن الأمنية للمنطقة، فقد قال إن فكرة إنشاء الناتو العربى كانت طموحة للغاية، ويبدو أن علينا التقليل من مستوى الطموحات لدينا، لم يكن هناك أى شخص على استعداد للقفز والمشاركة فى تحالف على غرار الناتو؛ وهو ما دفعنا إلى التركيز على توقعات أكثر واقعية مثل تعزيز التعاون الإقليمى فى مجال الطاقة والتجارة. ومؤخرا كشفت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية عن مغادرة اثنين من المسئولين المشرفين على التخطيط لمشروع إنشاء الناتو العربى، مما أدى إلى عرقلة جهود إنشاء التحالف، وهما: كيرستن فونتنروز، المسئول الكبير فى البيت الأبيض ومدير شئون الخليج بمجلس الأمن القومى وأنتونى زيني، الجنرال البحرى المتقاعد الذى استغله ترامب لقيادة محادثات بناء التحالف ومبعوثه لحل الأزمة الخليجية.

.. ومن هنا نرى نهاية مبكرة لقفزة هائلة أطلقها المسئولون فى إدارة ترامب، وتتعلق بفكرة إنشاء تحالف لمواجهة إيران، كانوا يأملون أن يصبح حجر الزاوية فى ائتلاف واسع النطاق لمواجهة خطر طهران، لكن الفكرة بدأت بحماس شديد ثم ما لبثت فى التلاشى شيئا فشيئا.وكشفت الصحيفة عن أن جهود إدارة ترامب باتت أقل طموحا، ولا ترقى إلى إنشاء تحالف مشترك على غرار الناتو، وصار الحديث مقتصرا على إبرام صفقات تجارية وإنشاء مراكز تدريب عسكرية مشتركة.

وقال مسئول خليجى للصحيفة الأمريكية، إن الرؤية الأصلية التى تلقيناها فى البداية تختلف كثيرا عما تجرى مناقشته حاليا، لقد فقدت الفكرة قوتها. وأحسب أن مؤتمر وارسو لمواجهة طهران، والغيوم التى تحيط بصفقة القرن لحل القضية الفلسطينية هى محطات تدلل بوضوح على مصير القفز مع واشنطن فى سماء المجهول.

.. ومن ناحية أخرى هناك القضية الكبرى المعروفة بالحرب على الإرهاب، وهى ساحة مفتوحة للكثير من الجدل، والشكوك، والاتهامات، بل صارت النكتة السوداء الآن المتداولة أن لكل من الدول إرهابها، وليس المقصود فقط الإرهاب الذى تعانيه بل التنظيمات الإرهابية التى تموله، وقادة الإرهاب الذين تحتضنهم. ألا أن الأخطر أن واشنطن - التى تطولها الاتهامات بتحريك بعض الجماعات الإرهابية مثل داعش- حريصة على إرباك الحلفاء قبل الخصوم. وينتاب الأوروبيون القلق بعد التهديدات الأخيرة لترامب والتى دعا فيها حلفاءه إلى إعادة الجهاديين الأوروبيين، وفى حال لم يفعلوا سيطلق سراحهم. وتنعكس هذه الفوضى على العواصم والمنظمات الكبري، خاصة فيما يتعلق بسوريا والشرق الأوسط. وفى الأثناء يهدد مايك بنس نائب الرئيس الأمريكى من أن تنظيم الدولة بصدد فقدان آخر معاقله فى سوريا، ولم يبق له بديل سوى نشر الفوضى فى أوروبا.

..وأحسب أن التهديد الإرهابى يهمنا نحن أكثر، خاصة أن واشنطن تنفض يدها، أو تعقد اتفاقات، أو تستخدم هؤلاء الإرهابيين لتحقيق أجندة سياسية. فثمة رؤى جديدة ترى أن الجهاديين الجدد لن يركزوا على تصدير العنف للغرب، بل سيعملون على اختراق المجتمعات المحلية وترسيخ نفوذهم، مرجحًا أنَّ جماعاتٍ جهادية، مثل حزب الله، هى التى قد تتسيَّد مشهد التطرف مستقبلًا، وأنَّ تلك الحركات ستخوض الحروب الطويلة، لكنَّها ستركز على الصراعات المحلية. ويرى الكاتب الأمريكى حسن حسن، فى تقريرٍ أخير نشرته مجلة «ذى أتلانتك» الأمريكية تحت عنوان «جبهة النصرة مثالًا.. لماذا تحول الجهاد من العالمية إلى المحلية؟»، أنَّ الطريقة الأمثل لمجابهة هذه الحركات الوليدة هى من خلال مشاركة عميقة تعرقل تصاعد نفوذها على المستوى المحلى؛ أى اتباع استراتيجية مواجهة تشمل حتمًا دعمًا أمريكيًا راسخًا وطويل المدي، وإشرافًا على الحكومات لسد الثغرات فى مناطق الاضطرابات، ولكن بعد مرور18عامًا على بداية الحرب على الإرهاب، فقدت واشنطن شهيتها فى تنفيذ انخراطٍ مماثل. ولهذا سيستمر الجهاديون السُنّة فى تعديل تكتيكاتهم لتعميق وجودهم فى المنطقة، مثلما فعل نظراؤهم الشيعة من قبلهم.

ويبقى أن الحرب ضد الإرهاب هى معركة طويلة ، بل ومفتوحة على كل الاحتمالات، نظرا لأنها مثل جبل الثلج الغاطس منها أكبر وأضخم مما نراه، ويمكن أن نشير هنا إلى تأكيد مصدر طبى تركى لوكالة «سبوتنيك» الروسية أن أبومحمد الجولانى زعيم جبهة النصرة نقل إلى مستشفى بولاية هاتاى التركية إثر إصابته بتفجير فى إدلب الاثنين الماضي، وسبق أن تعهد الجولاني، فى حوارٍ مع قناة الجزيرة فى مايو2015، بأنَّ الجهاديين لن يستخدموا سوريا منصةً للهجمات ضد الغرب، بناءً على تعليمات القيادة المركزية لتنظيم القاعدة الإرهابية،وأحسب أن الذين ليس لديهم معلومات واسعة سيجدون الأمر مربكا، خاصة مع تأكيد ترامب بأن إدارة أوباما صنعت داعش.

وبعد ذلك كله ترى من على استعداد للقفز مع أمريكا؟

نقلا عن الاهرام  القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مَنْ على استعداد للقفز مع أمريكا مَنْ على استعداد للقفز مع أمريكا



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon