توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

7 دروس من الشتاء الفرنسى

  مصر اليوم -

7 دروس من الشتاء الفرنسى

بقلم - محمد صابرين

لو رحل الرئيس الفرنسى ايمانويل ماكرون فلن يشعر أحد بصدمة عنيفة، مثلما لم يتوقف أحد متعجبا أمام قرار تريزا ماى رئيسة وزراء بريطانيا بعدم الترشح ثانية، ولا أحد أصابته الدهشة من تهديد دونالد ترامب بحدوث ثورة إذا ما تم استجوابه أمام الكونجرس. واقع الحال يقول لنا إن المجتمعات الغربية هشة ومأزومة، وتعانى انقسامات حادة ، وأزمة هوية، وأزمة ثقة فى المؤسسات الدستورية، ومراجعة شاملة للمشروعات الكبرى مثل الاتحاد الأوروبي، بل حالة ضيق شديد بالسياسات التقشفية، وبما حملته العولمة، وإذا كانت دول العالم العربى مهددة بالإرهاب والثورات الملونة، فها نحن نشهد أن شتاء فرنسا ومعضلة بريكست وظاهرة ترامب وزعماء اليمين المتطرف يهدد الغرب كله بالشعبوية، والإرهاب.

وأحسب أن المشهد الأهم هو المشهد الفرنسى الذى يقدم لنا سبعة دروس مهمة، وهذه الدروس للقادة ورجال السياسة والنخبة والرأى العام خاصة فى منطقتنا العربية.

الدرس الأول: مراجعة الرهان على الصبر. لقد قدم الشتاء الفرنسى صورا قاتمة محملة بالغضب تكشف عن خزان غضب هائل، وصورا صعبة لأمة منقسمة بين ضرورات الإصلاح، وتوزيع أعبائه. وهنا علينا أن نتوقف أمام حقيقة أن ماكرون جاء بانتخابات حرة مباشرة، ويتمتع حزبه بالأغلبية فى البرلمان، وسبق ان أوضح نواياه فى السباق الرئاسي، ولكن يبدو لنا أن رصيد الصبر لدى الشعوب ينفد بسرعة كبيرة أكبر من قدرة المؤسسات التقليدية على رصدها والتنبؤ بها.ومن هنا فمن الضرورى العمل على الأرض، والتواصل اليومى لشرح السياسات، وتطوير أساليب قياس الرأى العام، وحشد كل الطاقات والوجوه التى تحظى بالمصداقية لتقديم خطاب أمل عقلاني.

الدرس الثانى: أزمة المؤسسات الشرعية من أحزاب ونقابات فى التفاوض وإقرار الصفقات.وبعبارة أخرى نحن أمام إرهاصات انفلات الأمور من الأطر الشرعية المنتخبة بحرية إلى شرعية الشارع، وهنا لابد من الاستعداد لسيناريوهات التعامل مع شارع غاضب بلا رأس يمكن التفاوض معها. بل ربما سنرى ليس جماعات غاضبة بل ذئاب منفردة غاضبة.

الدرس الثالث: يتعلق بضرورة الانتباه إلى أن المعالجات الأمنية لم تعد لوحدها تكفى. فقد ذكرت مجلة ماريان الفرنسية أن قوات مكافحة الشغب فى البلاد تحتفظ بـ سلاح سرى كحل أخير قادر على إيقاف زحف متظاهرى السترات الصفراء. وأوضحت المجلة، أن المدرعات التى تنزل شوارع باريس محملة بسائل، يمكن رشه على مساحة تقارب ملعب كرة قدم، دون تفاصيل بشأن طبيعته أو قدراته. ويقول الخبراء الغربيون أن الحكومة الفرنسية فى ورطة حقيقية، لو استعملت الشرطة هذا السلاح لقمع المتظاهرين فستهدر مبادئ الثورة الفرنسية:الحرية - المساواة - الإخوة، وستتعرض الجمهورية لانتقادات دولية خاصة من قبل الاتحاد الأوروبى وبرلمانه، وبالتأكيد الشعوب الأوروبية ستدعم السترات الصفراء . وفِى حالة عدم استعمال العنف لتفرقة المتظاهرين سيتمسك المحتجون بمطالبهم وفِى مقدمتها إقالة ماكرون ورئيس وزرائه.

الدرس الرابع: التدخل الخارجى..واقع لا محالة. فقد نشرت صحيفة التايمز البريطانية قبل أيام تقريرا يقول إن الأمانة العامة للدفاع والأمن الوطنى الفرنسية المكلفة بمراقبة الأحداث الجارية اكتشفت تزايد الحسابات الإلكترونية المزيفة والتى تهدف لتضخيم حركة السترات السفراء على وسائل التواصل الاجتماعي. وقفز ترامب وكتب فى تغريدة على تويتر، إن المواجهات الأخيرة بين الشرطة الفرنسية والمتظاهرين تثبت عيوب اتفاق باريس للمناخ.ودعا إلى إنهاء الاتفاق السخيف والمكلف جدا، وإعادة المال إلى الناس عن طريق خفض الضرائب. وبسرعة دعاه وزير الخارجية الفرنسى لودريان، إلى عدم التدخل فى الشئون الداخلية لفرنسا وهنا يبدو أن الغرب، خاصة الأوروبيين بحاجة لمن يذكرهم بعدم التدخل فى شئون الآخرين، ولكن التدخل أمر مغر وذو فوائد عدة.

الدرس الخامس: حساب ظاهرة الهجرة وتداعياتها بدقة..وهنا يقول لى احد المسئولين العرب ممن لهم دراية وصلات عميقة بفرنسا،ألم تلاحظ غياب سكان الأحياء العشوائية عن الاحداث؟ ويقصد العرب والأفارقة والمسلمين، وهؤلاء كانوا هم وقود اضطرابات ضواحى باريس زمن ساركوزي. وتتخوف السلطات الفرنسية من هؤلاء، ويقال إن صفقة قد عقدت لإبقائهم بعيدا مقابل مشروعات قريبا. ولعل أهم ما يهمنا هنا أن المهاجرين باتوا قنبلة موقوتة، ويكفى أن نشير إلى المشاكل التى تتعرض لها العمالة العربية فى البلدان العربية، وما يهمس به حتى المصريون من شكوى من السوريين والعراقيين ومن قبلهم الفلسطينيون من أنهم زاحمونا فى أعمالنا.

الدرس السادس: فى كل أزمة فتش عن الاقتصاد. والشتاء الفرنسى فى جوهره يدور حول سياسات ماكرون الاقتصادية، وقد أطلق عليه قطاع عريض من الفرنسيين بأنه رئيس الأغنياء. وقد لجأ مؤخرا إلى زيادة الحد الأدنى للأجور وتخفيف الأعباء الضريبية، وإلغاء زيادة أسعار المحروقات فى محاولة لتخفيض الغضب العام على سياساته وشخصه. ولكن الانقسام حاد والاحتجاجات مرشحة لجولة خامسة السبت المقبل، ثم ماذا عن ضريبة الثروة، التى ألغاها باسم تشجيع الاستثمار، وعدم هروب رأس المال إلى الخارج، واصفا الرؤساء السابقين الذين أبقوا عليها لأربعين سنة بالجبن!.وسواء أبقاها أم ألغاها فهو فى مأزق. وأحسب أن فرنسا ودولا أخرى من بينها دول عربية تواجه المأزق نفسه:لامفر من الإصلاح الاقتصادى وفى المقابل ولكن بأى ثمن ومن يتحمل الأعباء، وذلك فى ظل حقيقة واضحة وهى أن الطبقة الوسطى لم تعد تقوى على الاحتمال، خاصة أنها تتعرض لحملات تحريض يومية.

الدرس السابع: الاعلام والتواصل أهم ساحات معركة المصير.

نقلا عن الاهرام  القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

7 دروس من الشتاء الفرنسى 7 دروس من الشتاء الفرنسى



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon