توقيت القاهرة المحلي 10:20:41 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الحل الودي

  مصر اليوم -

الحل الودي

بقلم - سمير عطا الله

كنت أنزل خلال السفر إلى القاهرة في فندق «عمر الخيام - الزمالك» ليس لأن الجزء القديم منه كان قصراً منيفاً في سالف الأوان، بل لأن أسعاره، آنذاك، كانت تتناسب مع ذي الدخل المحدود. ولم أكن قد بلغت من العمر الذوق والمعرفة والمقارنة التي تمكنني من التمتع بقصر حط به الدهر، لأن المتعة أيام الشباب لا ترتبط كثيراً بالسلالم الرخامية العتيقة. والأعذب منها كانت رفقة عاملة المصعد في الهيلتون. مثلاً.

عندما أصبحنا في سن تقدير السقوف العالية المكرزة، والسلالم الرخامية الهائلة، عرفت أن الفندق كان قصراً يملكه ثري من لبنان، وقد اشتراه من الخديوي إسماعيل، الذي كان بناه خصيصاً لإقامة الإمبراطورة الفرنسية أوجيني خلال احتفالات افتتاح قناة السويس.

كان لبنان تحت الانتداب الفرنسي (أواخر العشرينات)، وبالتالي، كان على جورج لطف الله أن يسافر إلى بيروت عن طريق باريس حيث وزع كمية الجنيهات. ووصل إلى بيروت فوجدها كلها في استقباله. واستأجر قصراً فخماً في حي السراسقة الأرستقراطي ملأه بالخدم والحرس والرياش والذهب. ورث القصر وثروة طائلة نجل الشاري، جورج لطف الله. وتحلق من حوله اللبنانيون في مصر والقادمون من لبنان ضيوفاً على حياة القصور. وذات مأدبة، سأله الصحافي أنطون الجميل، لاحقاً رئيس تحرير «الأهرام»، لماذا لا يستكمل هذا الجاه برئاسة الجمهورية في لبنان، ومن ثم يعلنها إمارة ومملكة. كان إسكندر الرياشي صاحب جريدة «الصحافي التائه» من أبرز وأظرف صحافيّي المرحلة. وكان موظفاً في المفوضية السامية الفرنسية، مكلفاً المهام الصعبة غير المستحيلة، أي التي يمكن شراؤها بالذهب. وقد عثر الرياشي في لطف الله على ثري يريد أن يدفع، لا أن يقبض. وبلا حساب. ويروي في كتابه «قبل وبعد» أن أحوال الصحافة كلها تحسنت بعودة مهاجر مصر، وليس «الصحافي التائه» وحدها. وكذلك، أحوال عدد كبير من السياسيين والتجار والوجهاء. ولم يبقَ سوى إرضاء رئيس الوزراء خير الدين الأحدب، والمفوض السامي الفرنسي. وبعث جورج لطف الله مع الرياشي بهدية قدرها 30 ألف جنيه مصري إلى الأحدب. لكن الأحدب رفض، وأصر على الرفض رغم كل محاولات الإقناع. أدرك الرياشي ساعتها أن البلد سوف يخسر مورداً «محرزاً». وأدرك لطف الله أن مواطنيه بالغوا في ري أحلامه وتجفيف مواده، فحمل نفسه وعاد إلى مصر، هذه المرة بطريق الإسكندرية. وأقام الدعوى على بعض المستفيدين مطالباً باستعادة المال. ولم يكن قد عرف بعد «الكازينو» الشهير. لكن الرياشي كان قادراً على تحويل أي سهرة يذهب إليها إلى «مقمرة»، فمن أين يسدد المال المطلوب؟ أخيراً، أقنع لطف الله بأن ينسى الرئاسة والإمارة والمملكة، ومعها ماله!

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحل الودي الحل الودي



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 10:20 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن
  مصر اليوم - فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن

GMT 11:22 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 09:15 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أهم 3 نصائح لاختيار العباية في فصل الشتاء

GMT 02:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"الزراعة" تؤكد البلاد على وشك الاكتفاء الذاتي من الدواجن

GMT 13:41 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو جديد لـ"طفل المرور" يسخر من رجل شرطة آخر

GMT 02:57 2020 الإثنين ,06 إبريل / نيسان

رامى جمال يوجه رسالة لـ 2020

GMT 02:40 2020 السبت ,22 شباط / فبراير

المغني المصري رامي جمال يحرج زوجته على الملأ
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon