توقيت القاهرة المحلي 06:28:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

وجوه من رمضان البلاغة في البساطة

  مصر اليوم -

وجوه من رمضان البلاغة في البساطة

بقلم - سمير عطا الله

عملت في الكويت ما بين 1981 و1983، أي عامين. عشت خلالهما شهر رمضان مرتين. وكان عهدي المرزوق يحرص أن أكون أول المدعوين إلى مائدة الشهر الفضيل التي تقيمها أسرة المرزوق كل يوم. بالنسبة إلي كانت تلك تجربة إضافية في المجتمع الكويتي الذي يعيش في تسامحٍ تام وبعيداً عن العصبيات التي راحت تظهر في الخليج فيما بعد. قبيل الإفطار بقليل، كان الصمت يسود على القاعة الفسيحة، إذ يبدأ الشيخ محمد متولي الشعراوي حديثه اليومي عن معاني القرآن. بالنسبة إلي كان ذلك درساً من دروس العمر. فالإصغاء إلى الشيخ الشعراوي متحدثاً لم يكن أقل روحانيةً من الإصغاء إلى الشيخ المنشاوي مرتلاً.

من يصغي إلى الشعراوي مرةً كمن ينهل من ينبوع المعرفة النهلة الأولى، أي لا بد أن يعود إليه على الدوام. ولعله كان يعرف تأثيره على سامعيه فيأخذ في «التجويد» على طريقته وبأسلوبه الذي لم يتكرر. ولعلّ في الصديق الشيخ خالد الجندي شيئاً من أسلوب المعلم الشعراوي. وربما هناك دعاةٌ فيهم بعض ما كان عليه من سعة علمٍ وأفقٍ وإيمان، لكن لم يتسنَّ لي مع الأسف أن أعرفهم. وفي مرحلةٍ ما كنت أتابع برنامج الزميل العزيز عماد الدين أديب كل يوم لأصغي إلى ضيوفه اللآلئ، وخصوصاً المشايخ والمفكرين الإسلاميين، الذين كان يستضيفهم باستمرار. ولا شكّ إطلاقاً بمقاماتهم العلمية ومراتبهم العالية، إلا أنني أشعر أن أسلوب الشعراوي في إيصال المعاني إلى الناس، لا مثيل له. ولعل ميزته الأولى في تقريب الأصول والجذور القرآنية إلى البسطاء أسهمت في حمل القرآن إلى أماكن بعيدة في العالم العربي وخارجه أيضاً.

عاش الشيخ الشعراوي 87 عاماً. لكن عندما تتأمل في كتبه التي فاقت المائة، وفي أعماله ونشاطاته ورحلاته وسنوات التدريس التي أمضاها في السعودية والجزائر، وبرنامجه التلفزيوني الساحر، ومحاضراته حول مصر والعالم العربي، ووظائفه العلمية والرسمية - بما فيها وزارة الأوقاف - عندها يخيّل إليك أن هذا العملاق عاش عشرات السنين. كانت في الشعراوي بلاغةٌ بينة أخرى هي طيبته التي حملها معه من الأرياف والنشأة الصافية. ولعل تلك سمة معظم أقرانه وأبناء جيله من الدعاة وحملة رايات السماح والتقوى. مثل كثيرين أيضاً من أولئك الأقران. صرف الشيخ الشعراوي كثيراً من وقته ومن ماله في عمل الخير، وأقام مؤسسةً خاصة تعنى بالمحتاجين والفقراء كل يومٍ وكل سنة، ولكن تصل أعمالها إلى ذروتها في مثل هذا الشهر، الذي تبرز فيه معالم الطيبة وشغف البر وترتفع فيه النفوس إلى مراتب النقاء والإحسان.

تحولت أقوال الشيخ إلى جزء من حياة عددٍ كبيرٍ من الناس. ولا تزال دروسه في معاني القرآن تعاد وتُستعاد على كثير من الفضائيات العربية. تماماً كما تحفظ التلاوات الجميلة التي لسبب أو لآخر، خرج معظمها من بلاد النيل.

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وجوه من رمضان البلاغة في البساطة وجوه من رمضان البلاغة في البساطة



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 06:28 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

تناول الزبادي الطبيعي يومياً قد يقلل من خطر الإصابة بسرطان
  مصر اليوم - تناول الزبادي الطبيعي يومياً قد يقلل من خطر الإصابة بسرطان

GMT 11:22 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 09:15 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أهم 3 نصائح لاختيار العباية في فصل الشتاء

GMT 02:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"الزراعة" تؤكد البلاد على وشك الاكتفاء الذاتي من الدواجن

GMT 13:41 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو جديد لـ"طفل المرور" يسخر من رجل شرطة آخر

GMT 02:57 2020 الإثنين ,06 إبريل / نيسان

رامى جمال يوجه رسالة لـ 2020

GMT 02:40 2020 السبت ,22 شباط / فبراير

المغني المصري رامي جمال يحرج زوجته على الملأ
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon