توقيت القاهرة المحلي 03:52:27 آخر تحديث
  مصر اليوم -

من اغتال الأزرق البهي...

  مصر اليوم -

من اغتال الأزرق البهي

بقلم - سمير عطا الله

نبأ في صحيفة مصرية عن قرية مصرية، وليس في صحيفة سويدية من قرية من قراهم: يقوم السكان، يداً واحدة، بتنظيف القرية قبل وصول الطيور المهاجرة في موعد مرورها السنوي. وقال لي صديق عاد من القاهرة مؤخراً، إن أكثر ما لفت نظره في المدينة، التي يتردد عليها منذ سنوات، نظافة لم يلحظها من قبل.

نحن، في لبنان، بعاصمته وجهاته، ننتظر الطيور المهاجرة كل عام، لكي نُسقطها برصاص رشاشات الرفيق كلاشنيكوف. لا للأكل، فهي لا تؤكل، بل للتمتع بمنظر سقوطها، ثم عرضها مع قاتلها البطل، في الشوارع. والذين يمرون بهذا المشهد نوعان: بشر، أو صنف آخر. واحد يستنكر هذه الوحشية العبثية، وآخر لا يستحي من عالم 2018.

لا أحد يعرف عدد الذين يسقطون بما يسمى «الرصاص الطائش» في الجمهورية اللبنانية، التي قامت فيها مرة أهم مدرسة للقانون الروماني. لكنه عدد مثير للحزن والاشمئزاز. بعد خطاب سياسي، يخرج اللبنانيون برشاشاتهم، ليطلقوا النار في الهواء فرحاً وابتهاجاً بما قيل، أو بمن سيقتل في منزله، أو سيارته، لمجرد أن الخطاب كان حماسياً. ويحدث ذلك في الأعراس والأعياد، وسائر المناسبات التي ينكشف فيها مدى التعلق بهذا التعبير المتوحش، في بلد عبَّر أهله البشر عن الحزن والفرح بصوت فيروز، وشعر «الأخطل الصغير» أو خطب بشارة الخوري، رئيس الاستقلال.

إن لم نرأف بالطيور، لن نرأف بالناس. ولا أعرف نوع الشعور الذي خامرني عندما قرأت في صحيفة عربية مؤخراً، نقاشاً حول تربية الأبناء بالضرب والعنف. والمذهل كان عدد المؤيدين، في هذا القرن «لثقافة» «تربية» الأولاد بالعصي والحجارة والقباقيب، أو ما هو أفظع وأقسى: عضلات الأب وصفعات الأم. وهذا تعبير شائع يُستخدم لتسمية حتى النساء اللاتي يعتدين على فلذات أكبادهن، بالعنف الذي يترك آثاره مدى العمر.

ليت هذه الفئة من الكائنات تشاهد القنوات التي تعرض حياة الحيوانات. وكيف تغمر الأم صغارها، وكيف تطعم القرود مواليدها، وكيف أن جميع أهل الغابة «يدربون صغارهم» بطريقة واحدة، هي أن يقلدوها فيما تفعل.

ثمة جمعية تحمل اسم «تحيا مصر» للعناية بالمحتاجين. فلتحيا أيضاً قرى مصر التي تهيئ سبل الإقامة العابرة للطيور العابرة. لتحيا الشعوب التي صارت تربية الأطفال عندها من بقايا القرون الوسطى. وتحية خاصة إلى القاهرة المزدادة والمزدانة نظافة. فنحن، أهل «المدن» اللبنانية، غارقون في القمامة جبلاً وسهلاً، وخصوصاً بحراً. وذلك المتوسط الذي قال لي نائب المارشال تيتو، إنه يتميز في لبنان بزرقته، أصبح الآن يتميز بزرقة أكياس البلاستيك. يومها قال ميلوفان دجيلاس أيضاً، إنه يتذكر من لبنان أمرين: كمال جنبلاط وزرقة المتوسط. وقد اغتيلا كلاهما.

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من اغتال الأزرق البهي من اغتال الأزرق البهي



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 17:41 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
  مصر اليوم - أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة

GMT 02:00 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

تحذير من عقار لعلاج الربو يؤثر على الدماغ
  مصر اليوم - تحذير من عقار لعلاج الربو يؤثر على الدماغ

GMT 17:46 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تواصل النجاح على المسرح بعد السينما
  مصر اليوم - منة شلبي تواصل النجاح على المسرح بعد السينما

GMT 02:08 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعقد اجتماعًا أمنيًا لبحث التطورات في سوريا
  مصر اليوم - نتنياهو يعقد اجتماعًا أمنيًا لبحث التطورات في سوريا

GMT 04:49 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

"الأرصاد المصرية " تعلن عن درجات الحرارة المتوقعة الأربعاء

GMT 03:57 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

توماس توخيل يتوج بـ11 لقبًا قبل بداية مشواره مع منتخب إنجلترا

GMT 12:10 2021 الأحد ,24 كانون الثاني / يناير

صدام جديد بين مانشستر يونايتد وليفربول في كأس الاتحاد

GMT 12:38 2021 الأربعاء ,20 كانون الثاني / يناير

تفاصيل القبض على والد طفلة التعرية في الدقهلية

GMT 07:05 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

تعرف على أبرز 5 أسباب للشعور بالتعب طوال الوقت

GMT 18:17 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

بسنت شوقي تكشف تفاصيل زواجها من محمد فراج

GMT 06:26 2020 السبت ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

صبحي يطمئن على الأولمبي والفريق يختتم معسكره

GMT 09:26 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

الحكومة المصرية تُقدم تسهيلات وخدمات لكبار السن

GMT 06:08 2020 الإثنين ,28 كانون الأول / ديسمبر

دراسة تؤكد أن نصف البالغين لا يغسلون أسنانهم مساء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon