توقيت القاهرة المحلي 06:28:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

وجوه من رمضان هذا الذي تآمروا عليه

  مصر اليوم -

وجوه من رمضان هذا الذي تآمروا عليه

بقلم-سمير عطا الله

سمّاه الحسن الثاني «الملك الورع». أمضى حياته في العدالة والصوم والصلاة والتقوى. بدأ حاكماً على ولاية برقة، لكنه برغم السنوات الصعبة والفقر والاستعمار الإيطالي الذي ناضل ضده طوال عمره، استطاع أن يوحّد ليبيا من حوله، وأن يوّحد الليبيين الذين رأوا فيه نموذجاً للزهد في السياسة والسلطة والمال. ولما توفي محمد إدريس السنوسي، تبيّن أنه كان السياسي العربي الوحيد الذي لم يفتح حساباً مصرفياً في أي مكان خارج بلاده. عندما هجم انقلابيو الفاتح من سبتمبر (أيلول) على السلطة، كان الملك إدريس في رحلة علاج في تركيا. لم يستطع أن يسدد تكاليف العلاج، فسددتها الحكومة التركية. ومن ثم جاء إلى مصر حيث استضافه عبد الناصر مع زوجته. وكان أول ما فعله بعد وصوله إلى القاهرة، أنه أرسل سيارتي مرسيدس باعتبارهما ملكاً للدولة الليبية.
ذلك كان الرجل الذي خلفه قائد الجماهيرية الاشتراكية الشعبية العظمى، الذي يقال إنه ترك في المصارف نحو 150 مليار دولار. أقلّ قليلاً أو أكثر قليلاً. لكن هذا حال معظم الاشتراكيين العرب الذين أرادوا تحرير الأمة من الاستعمار، فأدخلوها جنة الاستبداد والخراب.
حاكمت ثورة الفاتح العظمى إدريس الأول غيابياً، وحكمت عليه بالفساد والتعامل مع الاستعمار. هو الذي بحكمته وهدوئه حرر ليبيا من الفاشية الإيطالية ووحّدها من فزان إلى طرابلس مروراً ببنغازي. ولم تكن له حاشية ولا عسكرٌ ولا لجانٌ تضطهد الناس في البيوت والشوارع وتقيم منصات الإعدام في الجامعات. قد يجد المرء سبباً للانقلاب في أي دولة أخرى كما حدث في العراق أو في اليمن، لكن التطاول على حكم إدريس الأول كان ظلماً صرفاً وجهلاً موصوفاً. همه الأول كان الحفاظ على وحدة البلاد، ومن أجل ذلك، عدل بين القبائل ولم يحرّض بعضها على بعض كما ستفعل الثورة. ورسم خططاً تنموية متواضعة تتماشى مع طاقات ليبيا القليلة في تلك الأيام، وقبل أن يتحول النفط إلى ثروة يبددها الثوار في تمويل الحروب الأهلية - من آيرلندا إلى لبنان - بحثاً عن دورٍ للقائد الملهم يتناسب مع طموحاته وأمانيه بأن يقود العالم العربي، ومن ثم العالم الثالث، ومن ثم العالم بأجمعه.
لم يكن إدريس الأول ملك الورع فحسب، بل كان أيضاً ملك الخفر القومي والوطني. ولم يرزق بأبناء برغم زيجاته الخمس فاكتفى بأن تبنى يتيمة من الجزائر، وكان واضحاً للجميع أن كل الليبيين أبناؤه من دون استثناء. فلم يطلق خلفه المجرمين يغتالونهم في أوروبا. ولم يضع يده على أموالهم وممتلكاتهم. ولم يسكن بعيداً عنهم في ثكنة عسكرية بل عاش بينهم مثل الرعاة والآباء الحقيقيين. وأقام مع الدول العربية علاقات سوية دافئة وبعيدة في وقتٍ واحد فيما عدا مصر والسعودية. الأولى بسبب الجوار المباشر، والثانية بسبب موقعها الديني والرابط الروحي الذي غلب على حياته كلها.
إلى اللقاء.

 

نقلا عن الشرق الاوسط 

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وجوه من رمضان هذا الذي تآمروا عليه وجوه من رمضان هذا الذي تآمروا عليه



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 06:28 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

تناول الزبادي الطبيعي يومياً قد يقلل من خطر الإصابة بسرطان
  مصر اليوم - تناول الزبادي الطبيعي يومياً قد يقلل من خطر الإصابة بسرطان

GMT 11:22 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 09:15 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أهم 3 نصائح لاختيار العباية في فصل الشتاء

GMT 02:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"الزراعة" تؤكد البلاد على وشك الاكتفاء الذاتي من الدواجن

GMT 13:41 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو جديد لـ"طفل المرور" يسخر من رجل شرطة آخر

GMT 02:57 2020 الإثنين ,06 إبريل / نيسان

رامى جمال يوجه رسالة لـ 2020

GMT 02:40 2020 السبت ,22 شباط / فبراير

المغني المصري رامي جمال يحرج زوجته على الملأ
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon