بقلم - سمير عطا الله
حللت قبل أيام ضيفاً على برنامج «بودكاست مع نايلة»، الذي تقدمه رئيسة تحرير «النهار» نايلة تويني. غلب على اللقاء التأثر؛ لأنَّ صاحبة الجريدة الأولى في لبنان، كانت هي من يطرح الأسئلة، على أحد القدامى الذي بدأ العمل في الجريدة وهو في العشرين عام 1960. كانت «النهار» يومَها في الجيل الثاني من العائلة، يرأسها غسان تويني. وقد صمدت في وجه الحرب، ثم بعد مقتل جبران (والد نايلة)، وهي الآن في مئويتها.
كانت نايلة دون الثلاثين عندما آلت إليها إدارة الإرث الكبير. وخلال العقد الذي مضى على رئاستها، أغلقت في بيروت بضع صحف من جرائد الصف الأول، واستطاعت «النهار» الصمودَ والتقدم، أو بالأحرى التجدد. أبقت على مصداقيتها، وحافظت على انفتاحها وتعدديّتها، وأضافت نايلة إليها، حداثة التلفزيون والبودكاست. في مثابرة وفي نجاح.
أرادت الحفيدة أن تسمعَ من ضيفها ذكرياتِه مع غسان تويني. وقلت لها إنه طلب مني أربعَ مرات على مدى ربع قرن أن أتولى رئاسة التحرير، وهو أرفع منصب لصحافي لبناني. وفي المرات الأربع هربت وتهربت، بسبب المناخ المسيطر داخل «النهار» والذي كان هو أكثر مَن يعاني منه.
ورويت لها ألمعيتَه الهائلة في متابعة عمل الصحافيين، وكيف يلتقط نقاط الكفاءة لديهم من خلال عنوان، أو جملة عابرة. وكان أول من حوّل المحررين إلى مساهمين، وأول من رفع راتب الصحافي وأعلى دوره ومكانته، بعدما ظلت الصحافة سنوات طويلة مهنة الحرفيين.
كانَ واسع الصدر. بل كان «الصدر الأعظم». واجه مآسي وصعوبات شخصية ومهنية وسياسية من النوع الذي يهد الصخور. وقلت للسيدة المضيفة: الصعوبات التي مرّ بها كانت أقسى بكثير من النوع الذي تواجهينه. وقد تغلّب. وأنا واثق أنك سوف تتغلبين على صعابك أيضاً؛ لأنَّ خلف هذه النعومة إرث من «الصلابة».
سألت: لماذا تردّى الإعلام؟ قلت: «الإعلام مرآة. وليس هو ما تردَّى، بل الحالة السياسية، والحالة الوطنية، وكل شيء آخر». وسألت: ماذا أسمّي هذا العصر؟ فقلت: كما سماه جهاد الزين؛ عصر الانحطاط.
رويت لها ما حدث قبل أيام. التقيت الوزير السابق طارق متري في معرض الكتاب، وسألني: «لماذا لم يعد هناك كتاب؟». قلت له لأنه لم تعد هناك منافسة. المعلم الأول في الصحافة هو المنافسة. وعندما يغيب، تغيب.
منذ تسلمها المسؤولية ضاعفت نايلة تويني علاقة «النهار» بالعالم العربي. وأصدرت جريدة «النهار العربي» (إلكترونياً) يومياً.