بقلم : سمير عطا الله
عندما أكتب بين حين وآخر عن انعدام أي علاقة لي بالرياضة، على جميع طقوسها ومتعها وفوائدها، أرجو أن يُفهم أنني أفعل ذلك بعقدة ذنب تزداد عمقاً مع الأيام. لكن الندم أيضاً يزداد، لا جدوى ولا ليتَ. غير أن هذا لا يعني أنني ألاحظ يوماً تلو آخر مدى أهمية الرياضة، وبالأخص كرة القدم، للناس حول العالم.
في الآونة الأخيرة، اضطرت «النهار» إلى خفض الصفحات في نسختها الورقية. ولا بد أن رئيسة التحرير نايلة تويني، أمضت وقتاً طويلاً مع هيئة التحرير في دراسة ما يمكن الاستغناء عنه: إلا الرياضة! وفي بعض طبعات «الشرق الأوسط» حول العالم يلفت انتباهي أن التخفيض قد طاول شؤون الصفحات الدولية، أو العربية، والعصمة للرياضة وحدها. وفي نشرات الأخبار التلفزيونية، أرى وجوه المذيعين والمذيعات متجهمة تحت نقل الأنباء، فإذا حل موعد الزاوية الرياضية، هل الوعد وحل السعد، وهات يا جماهير ترقص في الملاعب وكأنه احتفال بنهاية الحرب العالمية. لا يهم رقمها التسلسلي.
هل هناك ما هو أهم من الأمور بحلول السلام على العالم أجمع؟ أجل. ولكن رجاء إمهالي إنهاء المقدمة، أو التمهيد، لأنه في المطالعات في أهمية الختام. أنا لا أتابع الرياضة كالمتابعين، ولكن كالمقصّرين والمذنبين. ومع ذلك، ورغم العبور العابر بالعناوين، تكوَّن لدي انطباع بأن نجوم هذا العمر لم يعودوا كما في عصرنا نجوم السينما والطرب ومسرح الأزبكية، وإنما ميسي ورونالدو ومرتضى منصور. وكلما باشرت بقراءة «المصري اليوم»، أو «الأهرام»، باحثاً عن أخبار مصر تطالعني أولاً أخبار السيد منصور: ماذا قال ولماذا غضب ومن توعَّد. وفي البداية ظننت أن الرجل هو الزعيم الجديد الذي سوف يعيد إحياء حزب «الوفد» بعد سعد زغلول ومصطفى النحاس باشا. لكن تبين لهذا الجاهل بأمور الدنيا والحروب العالمية، أن سيادته راعي الزمالك. أو الأهلي. وتأكدت أن الصحف التي تريد الحفاظ على مواليها، يجب أن تحوِّل أخبار مرتضى منصور إلى زاوية من الزوايا اليومية مثل الطقس وارتفاع الجنيه وآخر تصريحات الزميل عمرو أديب.
كان الدكتور بطرس غالي على مودة شديدة مع الرئيس حسني مبارك، يتبادلان دائماً آخر النكات وأخبار الأناقة في «سافيل رو». وعندما رشحت مصر غالي لأمانة الأمم المتحدة وفاز، اتصل به مبارك مهنئاً: «ليتك ترى فرحة المصريين في الشوارع. كأن مصر قد ربحت مباراة في الكرة»!
وهذا هو الجواب عما إذا كانت هناك فرحة أكبر من نهاية الحرب العالمية.
نقلاً عن الشرق الآوسط اللندنية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع