توقيت القاهرة المحلي 21:26:03 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مفكرة القرية: طربوش وجلابية

  مصر اليوم -

مفكرة القرية طربوش وجلابية

سمير عطا الله
بقلم - سمير عطا الله

كان جدّي لأمي، يوسف سلامة، مديد القامة، عظيم المنكبين، يرتدي قمبازاً (جلابية)، ويعتمر طربوشاً قرمزياً بشرابة سوداء، ويعكف شاربين كثّين عريضين مهيبين، تناسقاً مع معالمه. توفي، وأنا في السابعة ولم أعِ أو أذكر عنه الكثير، سوى ما تناقله الناس من أخبار خوارقه وقواه الجسدية. وتناقلوا أيضاً حكايات كرمه الطائي، في جمع المحاصيل، وورشات العمار، وتجارة الحرير عبر شرق لبنان.

وإلى اليوم تتصدر الدار في منزله صورته شاباً، جالساً على كرسي ضخم، يتأمل المصور بشجاعة كمن يقول بتوكيد ومن دون عجرفة، صاحب الصورة هو ملك الحصاد وصاحب الأطيان.

ورث جدي عن جدّه لقب «جرو الأسد»، الذي منحه إياه الأمير بشير الثاني، بعد فوزه بمسابقة هائلة في رفع الأثقال وهو بعد شابٌ. ذهل أمير قصر بيت الدين، وهو يرى هذا الفتى يحمل عامود الحديد كمن يحمل عصا السحر، فناداه من على منصّته العالية هاتفاً: يا شاب، لستَ بشراً بل جرو (شبل) أسد. وتنقل اللقب في أجيال العائلة مرفقاً بالاسم، كأنه جزء منه.

لكن أحداً من العائلة جنى ما جناه: مزارع صغيرة، وأحراج هائلة من الصنوبر، وأرزاق كثيرة، توزعها الورثة وبُدِّدت في البدد.

كانت أمي صغرى العائلة المؤلفة من أربع بنات وثلاثة ذكور. ولما هجرها والدي، انتقلنا معها، شقيقي منير وأنا، للسكن مع جدي، حيث تولت أمي العنابة به في سنواته الأخيرة.

كان «جرو الأسد» قد شاخ وأصبح عملاقاً وحيداً وأسداً منسياً. في الصباح يعدّ لنفسه نارجيلة «عرمرمية» يحملها إلى الساحة القريبة، ويتخذ مقعداً تحت شجرة الزنزلخت العتيقة، ويمازح الأطفال بالحكايات المفزعة.

ولم يكن في الساحة سوى العزلة والملل والهرب إلى ذكريات السنين. لا أعرف بماذا يفكر جدي. لكنه تحت الشجرة يبدو مثل أسد مبلل بالملل. وكما في جميع قصص الملل جاء يوم وشعر بالبرد، ولفّ قمبازه تحت معطفه، وترك الكرسي تحت الشجرة، وعاد سريعاً إلى البيت ودخل في سريره العملاق.

في اليوم التالي التقى أفراد العائلة وتقاسموا الحصص وفق وصيته. وكانت الحصة الكبرى «للصبيان»، وما تبقى للبنات. وحصلت أمي على 2000 متر في أرض بعيدة. وبعد عامين أصيبت أمي بالمرض. وباعت العائلة حصتها كي تسدد تكاليف العلاج.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مفكرة القرية طربوش وجلابية مفكرة القرية طربوش وجلابية



GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon