توقيت القاهرة المحلي 16:08:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مفكرة القرية: طربوش وجلابية

  مصر اليوم -

مفكرة القرية طربوش وجلابية

سمير عطا الله
بقلم - سمير عطا الله

كان جدّي لأمي، يوسف سلامة، مديد القامة، عظيم المنكبين، يرتدي قمبازاً (جلابية)، ويعتمر طربوشاً قرمزياً بشرابة سوداء، ويعكف شاربين كثّين عريضين مهيبين، تناسقاً مع معالمه. توفي، وأنا في السابعة ولم أعِ أو أذكر عنه الكثير، سوى ما تناقله الناس من أخبار خوارقه وقواه الجسدية. وتناقلوا أيضاً حكايات كرمه الطائي، في جمع المحاصيل، وورشات العمار، وتجارة الحرير عبر شرق لبنان.

وإلى اليوم تتصدر الدار في منزله صورته شاباً، جالساً على كرسي ضخم، يتأمل المصور بشجاعة كمن يقول بتوكيد ومن دون عجرفة، صاحب الصورة هو ملك الحصاد وصاحب الأطيان.

ورث جدي عن جدّه لقب «جرو الأسد»، الذي منحه إياه الأمير بشير الثاني، بعد فوزه بمسابقة هائلة في رفع الأثقال وهو بعد شابٌ. ذهل أمير قصر بيت الدين، وهو يرى هذا الفتى يحمل عامود الحديد كمن يحمل عصا السحر، فناداه من على منصّته العالية هاتفاً: يا شاب، لستَ بشراً بل جرو (شبل) أسد. وتنقل اللقب في أجيال العائلة مرفقاً بالاسم، كأنه جزء منه.

لكن أحداً من العائلة جنى ما جناه: مزارع صغيرة، وأحراج هائلة من الصنوبر، وأرزاق كثيرة، توزعها الورثة وبُدِّدت في البدد.

كانت أمي صغرى العائلة المؤلفة من أربع بنات وثلاثة ذكور. ولما هجرها والدي، انتقلنا معها، شقيقي منير وأنا، للسكن مع جدي، حيث تولت أمي العنابة به في سنواته الأخيرة.

كان «جرو الأسد» قد شاخ وأصبح عملاقاً وحيداً وأسداً منسياً. في الصباح يعدّ لنفسه نارجيلة «عرمرمية» يحملها إلى الساحة القريبة، ويتخذ مقعداً تحت شجرة الزنزلخت العتيقة، ويمازح الأطفال بالحكايات المفزعة.

ولم يكن في الساحة سوى العزلة والملل والهرب إلى ذكريات السنين. لا أعرف بماذا يفكر جدي. لكنه تحت الشجرة يبدو مثل أسد مبلل بالملل. وكما في جميع قصص الملل جاء يوم وشعر بالبرد، ولفّ قمبازه تحت معطفه، وترك الكرسي تحت الشجرة، وعاد سريعاً إلى البيت ودخل في سريره العملاق.

في اليوم التالي التقى أفراد العائلة وتقاسموا الحصص وفق وصيته. وكانت الحصة الكبرى «للصبيان»، وما تبقى للبنات. وحصلت أمي على 2000 متر في أرض بعيدة. وبعد عامين أصيبت أمي بالمرض. وباعت العائلة حصتها كي تسدد تكاليف العلاج.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مفكرة القرية طربوش وجلابية مفكرة القرية طربوش وجلابية



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon