توقيت القاهرة المحلي 09:13:59 آخر تحديث
  مصر اليوم -

في حديقة الناطقين

  مصر اليوم -

في حديقة الناطقين

سمير عطا الله
بقلم - سمير عطا الله

تقول الباحثة البريطانية مارينا وارنر إن كتاب كليلة ودمنة لعبد الله بن المقفّع، الذي صدر في القرن الثامن، ترك أثره على كُل ما كُتب في العالم باللجوء إلى الاستعارة من عالم الحيوان للتحدث عن عالم الإنسان. وترى أن المقلدين لهذا الأسلوب لم يكونوا فقط من الشعراء والكُتاب الكبار في العالم، بل تأثر صانعو الرسوم المتحركة مثل والت ديزني، بذلك النمط العبقري الساحر الذي قيل إن ابن المقفع نقله عن الفيلسوف الهندي، بيدبه. تنوّع المقلدون من الشاعر الفرنسي لافونتين إلى الكاتب البريطاني جورج أورويل. وقد نقل لافونتين عن كليلة ودمنة 22 حكاية، بينما وضع أورويل كتابه «مزرعة الحيوان»، أحد أهم مؤلفات القرن العشرين.

أراد ابن المقفع تجنُّب غضب السلاطين فاستعان ببنات آوى وطفق يستنطق الذئاب والحمير والقرود والأسود وحتى الفئران. تقول وارنر إن خرافات ابن المقفع انتقلت من حضارةٍ إلى حضارة، من «بنارسي» إلى بغداد، من البصرة إلى روما، عابرةً كل الحدود في روحٍ انتقاديةٍ ساخرة وجذابة. كمثل السؤال الذي تطرحه كليلة على ثور: «كيف لك أن تجد مكاناً لنفسك في بلاط الأسد، وأنت لم تحتكّ بالحُكام ولا تعرف شيئاً عن خدمتهم أو التصرف في حضورهم؟» تُجيب دمنة أن الإنسان القوي قادرٌ على كل شيء وما من عبءٍ يمكن أن يقف في طريقه. ثم تتذكر شيئاً قد فاتها فتُضيف أنه لا بد من الذكاء أيضاً.

تتنافس وتتزاحم الطباع في دنيا الحيوان. من «طوق الحمامة» إلى «السيدة الفأرة وخيارها من الأزواج». الحيلة هي سلاح المضطهدين الأول. وليس من الضروري إطلاقاً اللجوء إلى العنف، فالسخرية حاضرة دائماً. وثمّة شبهٌ آخر في أدب الخُرافة، هو «ألف ليلة وليلة»، العمل العربي الآخر الذي ترك أثره في جميع آداب العالم. غير أن التخفّي وراء الحيوانات، كان أكثر طرافةً وإبداعاً.

كان ابن المقفع عالماً متعدد المواهب وكان والده عاملاً في جمع الضرائب.

وقد اعتُقل هذا الأخير وعُذّب وقطّعت أطرافه، أما الرجل الذي طغى أثره على آداب العالم، فقط قُتل مثله مثل الكثيرين من المفكرين والعباقرة في عهود الظلام.

ولم تكن الظلمة والقتل حكراً على العرب، فقد قُطعت رؤوسٌ كثيرة في بريطانيا وفرنسا، بل إن أبا الفلاسفة «سقراط» أُرغم على الانتحار بالسمّ في اليونان. واضطهد العالم الإيطالي غاليليو لأنه قال إن الأرض مستديرة وغير مسطحة. عندما نشاهد أطفالنا أمام التلفزيون يضحكون في متعةٍ بريئة أمام عبارات الديك والدجاجة والقرد والغيلم والأسد والثور، يشعر المرء بالامتنان لذلك الرجل الذي سجل باسمه اختراع المنطق من دون نُطق.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في حديقة الناطقين في حديقة الناطقين



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon