توقيت القاهرة المحلي 14:27:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أجمل من حياته

  مصر اليوم -

أجمل من حياته

سمير عطا الله
بقلم - سمير عطا الله

يروي لي كوان يو، في مذكراته، أن الجندي الياباني المستعمر كان يرغمه على الركوع، وإذا رفض أو تأخر في ذلك «ينقض عليه صفعاً». أما المستعمر البريطاني الذي احتلَّ سنغافورة بعد قسوة اليابانيين، فكان جندياً فاشلاً ومع ذلك يسيء معاملة المواطنين. وهكذا نشأ «لي» مصمماً «لا نسمحُ لأي غريب بأن يَرفُسَنا هنا وهناك». يعني اسم «لي كوان يو»، «الرجل الذي يُرضي أسلافه». تمر الآن الذكرى المئوية لولادة الرئيس الذي صنعَ إحدى أهم المعجزات البنائية في تاريخ العالم.

عندما انفصلت سنغافورة عن ماليزيا عام 1965 كانت عبارة عن مستنقعٍ آسنٍ مليءٍ بالحشرات والأوبئة. وكان ترتيبها بين دول العالم الثالث في أسفل اللائحة. وقرر كوان، العائد من جامعات الاستعمار في أوكسفورد وكامبريج، أنه سوف ينقلها إلى المرتبة الأولى في العالم الأول. وعندما تخلى عن منصبه رئيساً للوزراء عام 1990 كان معدّل دخل الفرد قد ارتفع من 500$ الى 13000$ متجاوزاً الكثير من الدول المتقدمة، بينها كوريا الجنوبية. وعندما توفيَ عام 2015 عن 91 عاماً ألقى 1.5 مليون سنغافوري تحية الوداع على جثمانه المُسْجّى.

عاشَ حياتهُ متقشفاً في منزل متواضع ومكتب متواضع خاليين من أي مظاهر البذخ أو الثراء. وأعطى وزراءه ومعاونيه أعلى الرواتب الممكنة بشرط أن يبقى الفساد في الدولة صفراً، أو تحت الصفر. ومنعَ إقامة النصب لنفسه، خلا تمثالين عاديين. وأوصى بهدم منزله بعد وفاته لكي لا يحوَّل إلى متحف. إلا أن الوصية تحولت إلى موضع خلاف بين أبنائه. وأمرَ ابنه رئيس الوزراء لي هاسيان لونغ، بأن يُكتب على أحد التمثالَين: «إذا كنت تبحث عن نصبٍ لكوان يو فتطلّع حولك في كلِ مكان». قال عنه هنري كيسنجر: «كانت رؤيتهُ لسنغافورة على أنها دولةٌ لا تعيشُ فقط، وإنما تمتازُ بالإنجاز والذكاء الفائق والنظام الكامل والتعويض عن الثروات الطبيعية بالإبداع». ولم يكن كوان يؤمن كثيراً بالديمقراطية. وقد قال مرةً: «لا أعتقد أنك تستطيع أن تفرض الديمقراطية على الدول التي لم تمارسها في الماضي على الإطلاق. كيفَ نطلب من الصين أن تعمل بالديمقراطية بعدما عاشت 5 آلاف عام في ظل حكم الإمبراطور الذي إذا خالفته قطعَ رأسكَ». ومن أقواله الشهيرة أيضاً: «إن على السياسي أن يختصر أقواله إلى الحد الأدنى وأن يترك أعماله تتحدث عنه».

تحتفل سنغافورة بمئوية مؤسسيها، وهي تحتلُّ المرتبة الأولى على جميع المؤشرات الدولية. إنها قصة رجلٍ واحد كان يقول إنه كرس حياته من أجل وطنه، وأن وطنه أجمل وأهم من حياته.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أجمل من حياته أجمل من حياته



GMT 20:59 2023 السبت ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

ليتك بقيت صامتا لكن أفضل !!

GMT 04:28 2023 السبت ,14 تشرين الأول / أكتوبر

الخطر والألق

GMT 04:25 2023 السبت ,14 تشرين الأول / أكتوبر

غزة وسيناريو الخروج من بيروت

GMT 04:23 2023 السبت ,14 تشرين الأول / أكتوبر

خنادق الخوف العالية

GMT 04:17 2023 السبت ,14 تشرين الأول / أكتوبر

أميركا... الأكلاف الداخلية للأزمة الشرق أوسطية

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon