بقلم : سمير عطا الله
عَرفت الكاتبة لوتس عبد الكريم كبار مصر من خلال صداقات اجتماعية. ووضعت بعناية ومحبة سيَرهم وقصص حياتهم، إما كاملة، كما في قصة فريدة، ملكة مصر، أو مختصرة. ويضم كتابها الأخير «سري وأسرارهم» انطباعات شخصية عن مجموعة من الكتَّاب والفنانين والسياسيين الذين عرفتهم كأصدقاء، واستجوبتهم كصحافية، من محمد عبد الوهاب إلى بليغ حمدي، ومن الدكتور مصطفى محمود إلى الدكتور لويس عوض.
الفصل الأكثر مفاجأة بالنسبة إليّ، كان مصطفى محمود. كنت أعرف عن فكره وعن أدبه وعن المسجد الذي بناه، ومستشفى المسجد، وعن زواره ومقلديه ومعجبيه. لم أكن أعرف أن هؤلاء يبكون بين يديه.
من هم «هؤلاء»؟ رجال مثل محمد عبد الوهاب وإحسان عبد القدوس، وسيدات مثل لوتس عبد الكريم. أشخاص ضائعون، مُحبطون، حائرون، حزانى، كانوا يأتون إليه لكي يرسّخ إيمانهم. وعندما أصيبت الملكة فريدة بمرض، لم تقبل العلاج إلا في مستشفاه، لأن جميع العاملين فيه من المتطوعين.
نحن نعرف أن مصطفى محمود سحر مصر في برنامج «العلم والحياة»، لكن لوتس عبد الكريم تروي لنا أن مسجده تحول إلى ملاذ الفنانات اللواتي هجرن الشاشة والمسرح وانصرفن إلى الصلاة والعبادة، مثل مديحة كامل وعفاف شعيب وشادية. وقد تبرعت شادية بعمارة شاهقة في حي المهندسين لجمعية مصطفى محمود.
كان محمد عبد الوهاب يحدث الطبيب الذي أصبح صحافياً عن أخطائه وهفواته ونقاط ضعفه، ويبكي مثل طفل، طالباً منه أن يعلمه كيف «يطلب من الله الغفران. ولم تكن هذه حال النجوم والكبار فقط، بل شباب مصر أيضاً، فقد كانوا يأتون إليه ليحدثهم في الفرح والجمال وأسباب السعادة في دنيا الخالق».
وعندما وضع كتابه «عظماء الدنيا والآخرة» بكى عبد الوهاب «لأنه من عظماء الدنيا، لكن مصطفى قال له إن «الله أعطى الفنان مساحة من المغفرة لأنه عاشق للجمال، والله خالق للجمال».
تزوجت الدكتورة لوتس عبد الكريم من الوزير عبد الرحمن سالم العتيقي، أحد ألمع الشخصيات السياسية والفكرية في الكويت. وفي جوه الاجتماعي، وموداته العربية الكثيرة، التقت عدداً كبيراً من الشخصيات، وعرفت الحياة السياسية عن قرب. والآن تستعيد تلك المرحلة وأهلها كل أسبوع في «المصري اليوم»، ثم تعيد جمعها في كتب مرجعية وممتعة.
نقلا عن الشرق الآوسط اللندنية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع