توقيت القاهرة المحلي 03:27:59 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الفلسفة والفاصوليا

  مصر اليوم -

الفلسفة والفاصوليا

بقلم - سمير عطا الله

كان بيتاغوراس أحد آباء الفلسفة والعلوم في اليونان. وتُنسبُ إليه أيضاً أبوة علم الجيوميتري، بسبب تأثيره على سائر الفلاسفة، ومنهم أفلاطون وأرسطو، صُنِعت من حولِهِ مُبالغات وإشاعات كثيرة، من دون أن يكون معظمها غريباً، أو بعيداً عن التصديق. فالذي كان لا يُصدّق في عقلٍ مثل عقل هذا الرجل، عداؤه الشديد للفاصوليا. وبالذات العريضة منها. وبرغم أنه كان من النباتيين، فقد ظل على عداء مقيم مع الفاصوليا العريضة، مقتنعاً مع المصريين القدامى، وأهل روما، بأنها رمز للموت. ولم يكن الطب قد اكتشف، آنذاك على الأرجح، أن الفاصوليا العريضة المسكينة تسبب بغير قصدٍ منها، الحساسية لدى بعض الناس. 

وكتب المؤرخ الشهير هيرودوتس أن المصريين رفضوا زرع الفاصوليا كلياً. مع أن هذا الخبر مشكوك فيه، كما في أشياء أخرى أوردها أبو المؤرخين. لكن أحداً لم يبلغ الرعب الذي بلغه بيتاغوراس من الفاصوليا العريضة، إذ كان متأكداً من أنها تحمل أرواح الموتى، وذلك بسبب الشبه بينها وبين اللحم البشري. ورأت جماعات كثيرة مثله أن تناول الفاصوليا يوازي أكل اللحوم البشرية. 

وذهب أرسطو في مخيلته أبعد من ذلك بكثير، فكتب أن شكل حبة الفاصوليا يشبه صورة الكون. غير أن عدداً كبيراً من اليونانيين سخروا من قناعات عالمهم الفاصوليتية. وكتب الشاعر أوراسيو قصيدة يصف فيها هذه البروتينيات بأنها «أقرباء بيتاغوراس». وأعرب أرسطو أيضاً عن اعتقاده بأن أتباع بيتاغوراس تمنّعوا عن أكل الفاصوليا كنوع من الاحتجاج السياسي ضد الديمقراطية؛ لأن حبوب الفاصوليا الملونة كانت تُستخدم في عمليات الاقتراع. من أغرب الروايات التي ربطت بين الفيلسوف وبين خرافته التي تبدو مضحكة اليوم، أنه اختبأ في أحد الكهوف خوفاً من ديكتاتور كان يلاحقه. وفي الكهف لامس نبتة من الفاصوليا، فمرض ومات. وفي رواية أخرى، أن رجال الديكتاتور طاردوه في البرية إلى أن هدَّه التعب في حقلٍ من حقول الفاصوليا، وهناك احتجز وقُتل.

كتب الطبخ التي تصدر الآن تعدد أنواع الوجبات التي يمكن صنعها من هذه النبتة الغامضة. ويعدد المتخصصون في التغذية فوائدها الكثيرة؛ إلا أنهم لا يزالون يؤكدون على تسببها في حساسية كانت قاتلة في حوض المتوسط في الزمان الثالث. ولذا أعطي اسمها إلى أحد الاضطرابات المعوية التي كانت تصيب الأطفال.بعيداً عن فنون الطهي الفرنسية، وخصوصاً الإيطالية، فإن أهل الأرياف العرب عشقوا هذه النبتة على أنواعها، عريضة أو نحيلة أو صغيرة، بيضاء أو حمراء، أو بين بين. والداعي لكم بدوام الصحة والعافية، لا يفتقد نوعاً معيناً من أنواع الطعام إلا ما تعوَّده على يد جدته وبركاتها. وهو بالتأكيد الطعام النباتي الذي لم يكن متوفراً سواه. وإذا كان لا بد من خيار واحد، فالفاصوليا على أحجامها وألوانها، متبلة، أو مطبوخة، أو مسلوقة مجردة.

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفلسفة والفاصوليا الفلسفة والفاصوليا



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 17:41 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
  مصر اليوم - أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة

GMT 02:00 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

تحذير من عقار لعلاج الربو يؤثر على الدماغ
  مصر اليوم - تحذير من عقار لعلاج الربو يؤثر على الدماغ

GMT 17:46 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تواصل النجاح على المسرح بعد السينما
  مصر اليوم - منة شلبي تواصل النجاح على المسرح بعد السينما

GMT 02:08 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعقد اجتماعًا أمنيًا لبحث التطورات في سوريا
  مصر اليوم - نتنياهو يعقد اجتماعًا أمنيًا لبحث التطورات في سوريا

GMT 04:49 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

"الأرصاد المصرية " تعلن عن درجات الحرارة المتوقعة الأربعاء

GMT 03:57 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

توماس توخيل يتوج بـ11 لقبًا قبل بداية مشواره مع منتخب إنجلترا

GMT 12:10 2021 الأحد ,24 كانون الثاني / يناير

صدام جديد بين مانشستر يونايتد وليفربول في كأس الاتحاد

GMT 12:38 2021 الأربعاء ,20 كانون الثاني / يناير

تفاصيل القبض على والد طفلة التعرية في الدقهلية

GMT 07:05 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

تعرف على أبرز 5 أسباب للشعور بالتعب طوال الوقت

GMT 18:17 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

بسنت شوقي تكشف تفاصيل زواجها من محمد فراج

GMT 06:26 2020 السبت ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

صبحي يطمئن على الأولمبي والفريق يختتم معسكره

GMT 09:26 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

الحكومة المصرية تُقدم تسهيلات وخدمات لكبار السن

GMT 06:08 2020 الإثنين ,28 كانون الأول / ديسمبر

دراسة تؤكد أن نصف البالغين لا يغسلون أسنانهم مساء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon