توقيت القاهرة المحلي 08:37:44 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ماذا وصل إلى البصرة؟

  مصر اليوم -

ماذا وصل إلى البصرة

بقلم - سمير عطا الله

الشماتة سوءة من سوءات الحياة. لا يتعداها في الانحطاط الأخلاقي سوى النميمة والبخل. والأخير قعر الدناءة بكل درجاتها لأنه أبو الرداءة البشرية، وأولها الحسد. عناوين صحف الكويت أعلنت قبل أيام وصول شحنات النفط، والمياه العذبة، والأغذية إلى البصرة!

العام 1961 كان الزعيم الأوحد عبد الكريم قاسم يشير إلى «البقعة المعروفة باسم الكويت في محافظة البصرة». والحمد لله على هذه البقعة التي نجت من آداب قاسم وأحلام صدام لكي تتمكن من إدارة إعمار العراق، ونقل المياه إلى بلاد ما بين النهرين! ما من صورة أكثر سخرية ومأساوية لتاريخ السلوك العربي الكارثي.

يفهم المرء - إذا شاء - أن يتطلع عبد الناصر إلى نفط الخليج لأن مصر تعاني تاريخياً من النقص في الموارد الطبيعية. أما العراق ونفطه ومياهه وخصبه، فعلى ماذا يحسد الكويت، ويمد يده ليخطف جارته ويندد بسيادتها ويشكك في شرعيتها ويحتل أرضها وينكل بأهلها؟ الحمد لله أن الكويت بقيت حرة لكي تتمكن من إسعاف البصرة، واللهم لا شماتة. ولكن ما هذا الذي يجري أمام أبصار العرب ولا يبصرون؟ ما هذه «البقعة المعروفة باسم الكويت في محافظة البصرة» التي تتصدر، منذ 1961، صفوف الدول المحترمة في العالم، رغم كل ما حل بها، واليوم ترسل المياه العذبة إلى بصرة أنهكها الفساد، ودمرتها الحكومات المتعاقبة في بغداد: دولة خيارها ما بين عبد الكريم قاسم وصدام حسين، وجارة صغيرة تلملم جروح العراق ومآسيه، وتستمر، كعادتها، في بناء نفسها واحترام نفسها والسلوك مسلك الأمم، غالباً، برقي وتميّز.

يبدو كل شيء الآن مضحكاً ومبكياً ومفزعاً معاً. الجماهير تمضي خلف عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف، وتدمر كل ما يريدان، ثم يقتلان بعضهما البعض، ثم يتيه العراق في بحر من السجون والمشانق والحروب، ثم تبدأ تصفية الرفاق، بالعزل أو بالقتل. ما بين مرحلة «الأب» أحمد حسن البكر صدام في الرحلة الطويلة من محاولة اغتيال قاسم، عرف العراق نهضة صناعية واقتصادية وتعليمية لم يعرفها من قبل - ولا من بعد.

كما بدأ قاسم تصفية أعدائه بالأكراد، بدأ صدام بهم وانتقل إلى سواهم. خرج على إيران، ثم خرج على الكويت. وفي الطريق، هدد السعودية والإمارات. ومشت خلفه الجماهير تهتف ضد الرجعية العربية! والرجعية العربية كانت ضمن حدودها، تبني دولها، وتوفر لشعوبها فرص حياة لم يعرفها أي شعب آخر على وجه الأرض.

رجعية، ولكن بلا فقر، وبلا ذل، وبلا ديون، وبلا سجون، وبلا خراب، وبلا جنون كلامي مثل الدق على النحاس في وادٍ ذي صدى. واللهم لا شماتة. ونتمنى للعراق أن يكون نفسه، وأن يستعيد ذاته، وألاَّ تحتاج بلاد ما بين النهرين ماءً ولا نفطاً من أحد!

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماذا وصل إلى البصرة ماذا وصل إلى البصرة



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 06:28 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

تناول الزبادي الطبيعي يومياً قد يقلل من خطر الإصابة بسرطان
  مصر اليوم - تناول الزبادي الطبيعي يومياً قد يقلل من خطر الإصابة بسرطان

GMT 11:22 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 09:15 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أهم 3 نصائح لاختيار العباية في فصل الشتاء

GMT 02:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"الزراعة" تؤكد البلاد على وشك الاكتفاء الذاتي من الدواجن

GMT 13:41 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو جديد لـ"طفل المرور" يسخر من رجل شرطة آخر

GMT 02:57 2020 الإثنين ,06 إبريل / نيسان

رامى جمال يوجه رسالة لـ 2020

GMT 02:40 2020 السبت ,22 شباط / فبراير

المغني المصري رامي جمال يحرج زوجته على الملأ
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon