توقيت القاهرة المحلي 15:24:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كم أبصرنا في عماه

  مصر اليوم -

كم أبصرنا في عماه

سمير عطا الله
بقلم - سمير عطا الله

ماذا تقول في مرور مائة عام على غياب سيد درويش، ونصف قرن على غياب طه حسين؟ مصر تحتفل؟ مصر تتذكر؟ يقول الشاعر عبد الوهاب محمد في «فكروني»: «فكروني ازاي هو انا نسيتك»؟ هل يمكن أن يمر يوم من دون أن تذكر مصر أو تتذكر أو تسمع؟ سيد درويش يفتح صباح النيل بأغنية بديع خيري «الحلوة دي قامت تعجن في البدرية»، أو «يا ماريا، يا مسوسحة القبطان والبحرية».

ولكن ماذا يجمع موسيقار الأغنية الشعبية بعميد الأدب العربي المعاصر، كي نحتفي بهما معاً؟ يجمع بينهما ما سمّاه عالم الاجتماع جمال حمدان، «شخصية مصر» و«عبقرية المكان». عبقرية عابرة للقرون. بعد مائة عام يحيا سيد درويش سعيداً في أغانيه. العشرات، وربما المئات من الأناشيد والأدوار والطقاطيق والمسرحيات و«الحلوة دي قامت تعجن في البدرية».

والضرير الأزهري الصعيدي الذي بلغ جامعة السوربون وعاد منها بالدكتوراه عن الضرير الأول، أبو العلاء المعرّي. أما ذلك الضرير طه، فقد عبر قرنين ولا يزال يملأ مصر، بفيض عزيمته العظمى، عشرات المؤلّفات في الرواية، وفي المحاضرة، وفي المسرح، وفي النقد، وفي السيرة، وأستاذاً جامعياً وعميد عمداء الجامعات، وكاشفاً غطاء الاستعارات، ومسافراً في البلدان تهوي به المراكب. كل ذلك وطه، أو «صاحبنا»، كما كان يشير إلى نفسه، كل ذلك وطه ضرير منذ الرابعة من العمر. وأما الآخر، الذي أنشأ فولكلوراً كاملاً بمفرده، فكم كان عمره يوم غاب؟ 31 عاماً. إذن، اسمح لي بالسؤال: هل تكرر سيد درويش؟ هل تكرر طه حسين؟ كم أديباً وكم ملحناً أعطت مصر وكم طه وكم سيد بينهم؟

ما هذه الغزارة الإعجازية؟ ما هذا الجمال؟ ما هذا الطرب؟ ما هذا الذي يغني «للعربجية» و«الغرسونات» و«بياعين اللبن» و«التحفجية» (الحشاشين)، ثم يمضي عن 31 عاماً؟

وأنت يا عزيزي وسيدي العميد، أنت وروائعك: «دعاء الكروان»، و«شجرة البؤس»، و«الأيام»، و«رحلة الربيع». والأثر بعد الأثر. والمبارزة بعد المبارزة. وأنت أعمى. لم يشاهدك أحدٌ من دون ربطة عنق. من دون أناقة تامة كأنك في حفل للرائين. لم يسمعك أحد تستخف بمخارج الألفاظ. لم يأت أحد بما أتيت في «حديث الأربعاء». ذلك الدرس الأسبوعي الذي فاق (تعبيرك المفضل) جميع دروسك الجامعية.

البعض يعبر من عصر إلى عصر. من قرن إلى قرن. واحد لأنه عبقري الأغنية الشعبية، وواحد لأنه عبقري النخبة في كنوز الأدب. في كل مكتبة عربية عامة أو خاصة، جناح لطه حسين. وفي كل مقهى شعبي صوت يتكرر منذ مائة سنة، مُفرحاً، مُبهجاً، ملوناً بساطة الحياة: الحلوة دي ... في البدرية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كم أبصرنا في عماه كم أبصرنا في عماه



GMT 20:59 2023 السبت ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

ليتك بقيت صامتا لكن أفضل !!

GMT 04:28 2023 السبت ,14 تشرين الأول / أكتوبر

الخطر والألق

GMT 04:25 2023 السبت ,14 تشرين الأول / أكتوبر

غزة وسيناريو الخروج من بيروت

GMT 04:23 2023 السبت ,14 تشرين الأول / أكتوبر

خنادق الخوف العالية

GMT 04:17 2023 السبت ,14 تشرين الأول / أكتوبر

أميركا... الأكلاف الداخلية للأزمة الشرق أوسطية

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 13:16 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية
  مصر اليوم - شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها بالسعودية

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon