توقيت القاهرة المحلي 08:37:44 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الزعيم والإنسان: ابنته ومحزنته

  مصر اليوم -

الزعيم والإنسان ابنته ومحزنته

بقلم - سمير عطا الله

بالنسبة إليَّ، كان الجنرال شارل ديغول، أفضل زعيم في الغرب، والسبب تميزه الأخلاقي، والسياسي والشخصي. وبالنسبة إلينا كعرب، لا ننسى وقوفه ضد المتطرفين في الجزائر، وضد إسرائيل عام 67، ومع القضية الفلسطينية. أما بالنسبة إلينا في لبنان، فقد حال دوره دون هدر الدماء في طلب الاستقلال، وظل مؤيداً لنا ضد الاعتداءات الإسرائيلية.

كان ديغول، قبل كل شيء، رجلاً عائلياً، أباً وجداً. وأجمل صفحة كانت علاقته بابنته آن، التي ولدت معاقة عام 1928. في تلك المرحلة، كان شائعاً في فرنسا أن يُرسَل الأطفال المختلفون إلى المستشفيات المؤهلة للعناية بهم. لكن ديغول رفض «إرسالها إلى العيش مع الغرباء. لقد أعطانا الله إياها وحمّلنا مسؤوليتها، أينما كانت ومهما كانت». ثم راح ديغول وزوجته يتعلمان كيفية العناية بالطفلة، محاولَين بالدرجة الأولى، ألا تشعر بأي فرق بينها وبين أخويها.

لذلك، كان الضابط العملاق يُشاهَد داباً على الأرض لإضحاكها. بل ترك لها أن تلعب بقبعته، رمز الشرف العسكري. وقبل النوم كان يعلمها كيف تردد من بعده الدعوات. ورغم أن العائلة حرصت كثيراً على عدم الظهور اجتماعياً، ففي المناسبات كانت تأخذ آن معها دائماً.

شمل ذلك الأماكن التي كانت فيها النظرة إلى الأطفال المختلفين، متخلفة وهمجية مثل سوريا ولبنان، إلى حيث أبعد ديغول عام 1929، بسبب غيرة الضباط الكبار وحسدهم من ألمعيّته ورؤيته. كان يصرّ على أن حرباً عالمية ثانية على الأبواب، وكانوا يصرّون على الجهل.

كان راتب ديغول محدوداً. لكن قسماً منه كان يُصرف للعناية بالابنة آن. وبعد الاحتلال النازي، بدأ الألمان في فصل الأبناء المختلفين عن والديهم. ودافع ديغول عن ابنته كما دافع عن فرنسا. توفيت آن عام 1949 عن عمر مبكر ودُفنت في حديقة المنزل القروي. لكن ديغول كان قد جمع عام 1945 من التبرعات ما يكفي لشراء قصر «فيركور» قرب باريس، لإقامة «مؤسسة آن ديغول» للمختلفين، التي لا تزال قائمة إلى الآن من خلال مداخيل ديغول ومؤلفاته.

وكتب جان لاكوتور، أشهر مؤرخي ديغول، أن ابنته كانت الحافز وراء كل أعماله. بسببها عمل على إنقاذ فرنسا، لكنه لم يستطع أن يفعل من أجلها سوى حفظ كرامتها الإنسانية.

* أتمنى استخدام مصطلح «المختلفين» بدل «المعاقين» و«ذوي الحاجات الخاصة».

إلى اللقاء..

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الزعيم والإنسان ابنته ومحزنته الزعيم والإنسان ابنته ومحزنته



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 06:28 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

تناول الزبادي الطبيعي يومياً قد يقلل من خطر الإصابة بسرطان
  مصر اليوم - تناول الزبادي الطبيعي يومياً قد يقلل من خطر الإصابة بسرطان

GMT 11:22 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 09:15 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أهم 3 نصائح لاختيار العباية في فصل الشتاء

GMT 02:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"الزراعة" تؤكد البلاد على وشك الاكتفاء الذاتي من الدواجن

GMT 13:41 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو جديد لـ"طفل المرور" يسخر من رجل شرطة آخر

GMT 02:57 2020 الإثنين ,06 إبريل / نيسان

رامى جمال يوجه رسالة لـ 2020

GMT 02:40 2020 السبت ,22 شباط / فبراير

المغني المصري رامي جمال يحرج زوجته على الملأ
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon