بقلم - سمير عطا الله
تناولت الغداء مرة عند الرئيس إلياس الهراوي على شرف السفير الروسي وزوجته. ولست أدري ما الذي دفعني إلى دعابة دبيَّة (د. د.) عندما قلت إن زوجات الزعماء السوفيات كنَّ من نوع نينا بتروفنا خروشوف، وأصبحن بعد السوفيات من طراز رايسا غورباتشوف.
تضايقت زوجة السفير من الدعابة وتضايق زوجها. وقال كلاهما إن نينا بتروفنا كانت من أعظم النساء. والتفت إليَّ الرئيس الهراوي قائلاً بكل ظرفه «شو كان بدك بهالخبصة».
كانت تلك حقيقة لا «خبصة». رايسا غورباتشوف كانت أول سيدة سوفياتية أولى، أكثر أناقة من الغربيات. وإلى حد ما، كانت جاكلين كيندي روسيا. وكما كان ميخائيل غورباتشوف أول زعيم سوفياتي يطل على الغرب بأناقة حديثة وربطة عنق فرنسية، لكن آلات التصوير لاحقت السيدة الشقراء التي إلى جانبه، وهي تعرض قبعات الفراء الروسي.
لم يكن لدى السوفيات أفضل من هذين الزوجين مثالاً على بلاد الفرص في مقابل النموذج الأميركي حول قصص النجاح. فالزوج كان صبياً حافياً لم يدخل المدرسة قبل الرابعة عشرة من العمر. والزوجة كانت ابنة عامل سكك حديدية ينقل عائلته من مكان إلى مكان في شاحنة عتيقة. لكنهما التقيا في جامعة موسكو، حيث كانت طالبة الفلسفة تتقدم طالب العلوم السياسية بعام واحد.
ومنذ تلك اللحظة سوف تكون الإنسان الأكثر تأثيراً في حياته. غير أن السيدة التي أعطت صورة الجمال والأناقة، ظلت حتى أواخر أيامها تمارس مهنتها الأساسية: تدريس الفلسفة الماركسية في جامعة موسكو! وأستاذة الفكر الماركسي هي التي قال عنها المصمم بيار كاردان خلال زيارتها باريس: «إنها تعرف أحدث التطورات في عالم الأزياء».
وعندما قامت بزيارة لندن أسرت للبريطانيين بمعرفتها بأعمال شكسبير وعمالقة الأدب الإنجليزي. لم يلق هذا المظهر الترحيب عند المحافظين الروس، أو الشيوعيين حول العالم. لكن رايسا لم تلتفت إلى النقد وهي تقدم للعالم، إلى جانب زوجها، صورة مختلفة تماماً عن روسيا السابقة. لكي تأخذ فكرة بسيطة عما أعني، حاول أن تلقي نظرة على صور السيدة نينا بتروفنا. أو أن تراجع صور الرئيس أندريه غروميكو وزوجته ليديا. عندما كنا نحضر دورة الجمعية العمومية للأمم المتحدة، كانت الصحف تنشر صور غروميكو يشتري الثياب لزوجته. من أين؟ من عند المخزن الشعبي «ميسيز». وكانت السيدة ليديا أقل حجماً من نينا بتروفنا.
إلى اللقاء...
نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع