توقيت القاهرة المحلي 07:53:02 آخر تحديث
  مصر اليوم -

وجوه من رمضان: هرم الاقتصاد

  مصر اليوم -

وجوه من رمضان هرم الاقتصاد

بقلم : سمير عطا الله

  لو لم يمت فرانكلين ديلانو روزفلت في منتصف ولايته الرابعة لمضى الأميركيون يجدّدون له إلى ما شاء الله. فهو لم يكن الرئيس الذي حسم الحرب، وإنما كان الرجل الذي أنهى موجة الكساد القاتل ووعد كل أميركي بأن تكون له دجاجة في مطبخه. فيما كان سعد زغلول يقود ثورة مصر من أجل الحرية، كان طلعت حرب يقود ثورتها من أجل الاستقلال المادي مدركاً أنه لا حرية للشعوب مع الفقر. وبدل أن يدعو إلى التأميم راح ينشئ الشركات والبنوك والمزارع والفبارك بأيدٍ مصرية، ورأسمال مصري، وأشهرها طبعاً بنك مصر الذي التف حوله المصريون أغنياء وفقراء.

لم يترك صاحب هذه الشخصية الحيوية وصاحب الرؤية الاقتصادية البعيدة، حقلاً من الحقول إلا وحاول تمصيره. مثل السياحة، مثل الأقطان، مثل الغزل والنسيج، مثل التمثيل والسينما. وقال فيه المستشرق الفرنسي الكبير جاك بيرك إن ميزته الأولى كانت في إدراكه للقوة الكامنة والإمكانات الهائلة التي لم تستغل بعد عند الشعب المصري، ورأى حرب أن الخلاص يبدأ بنقل الناس من المجتمع الزراعي إلى المجتمع الصناعي. وقبل غيره بعقود طويلة أخذ يموّل المشاريع الصغيرة بمنح القروض الميسرة للفلاحين والمزارعين واستطاع في نهضته الاقتصادية أن يؤمّن الأعمال والوظائف للآلاف من مواطنيه. وزيادة في الشعور بالاعتزاز الوطني جعل جميع مباني بنك مصر التي زادت على الـ37 وحدة مصرفية العام 1938 – جعلها ذات مظهر معماري فائق الجمال تماشياً مع حضارة مصر المعمارية القديمة. ومن خلال سياسة التمويل أسعف التجار الصغار على الوقوف في وجه المنافسة الأجنبية، وأوقف عمليات الاستيلاء على الأراضي المرهونة كما كان يفعل الإنجليز، ثم أنشأ بنكاً عقارياً يحمي المزارعين.

وفي كل استثماراته رفض أن يموّل أي مشروع يشتم منه الإساءة إلى الأخلاق العامة. وكان هذا الرائد المتعدد الرؤية أول من أنشأ مطبعة مصرية برأسمال قدره 5000 جنيه في سبيل دعم النتاج الفكري المصري وتحريره من السلطة الأجنبية المباشرة وغير المباشرة. وأسس أول شركة حافلات لنقل الركاب ثم شركة للنقل النهري، وأوفد إلى الخارج بعثات من العمال والخبراء لدراسة تطوير جميع أنواع التجارات التي أسسها من صناعات الأدوية إلى الألبان إلى الكيماويات إلى الفنادق، إلى أن أصبح أول من يؤسس شركة طيران في العالم العربي العام 1934 وكانت الرحلة الأولى بين القاهرة والقدس. يحمل ميدان بقلب القاهرة اسم سعد زغلول الاقتصاد. لكن كل ميدان في مصر فيه شيء من آثار ذلك المؤسس العظيم. ولا شبه له في جميع تجارب العلم العربي. فمن السهل أن تعثر على سياسي آخر ولا توأم للرجل الذي بنى أهراماً من دون حجارة.

نقلًا عن الشرق الآوسط اللندتية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وجوه من رمضان هرم الاقتصاد وجوه من رمضان هرم الاقتصاد



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon