توقيت القاهرة المحلي 11:49:54 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أفندم

  مصر اليوم -

أفندم

بقلم - سمير عطا الله

جاء محمد حسني مبارك إلى المحكمة مستقيم القامة والنفس. في السابق، كان يمثل أمامها محمولاً على محفة، وعندما ينادى عليه بالاسم، مجرداً من المرتبة السياسية والرتبة العسكرية، كان يجيب: أفندم! وأفندم هذه تعبير من تعابير مصر وآدابها ومدنياتها، يستخدمه الكبار في لحظات المحنة.
في الحالتين، على محفة ومستقيماً، دخل حسني مبارك المحكمة وخرج منها، كرجل دولة. لا ثورة 25 يناير استطاعت أن تجرده من آداب الرئاسة، ولا السجن، ولا مستشفى السجن، ولا التشفي الصامت من قبل بعض رفاق الأمس، عسكراً ومدنيين. الرجل الذي لم يدخل السجن في عهده سياسي أو صحافي أو عسكري أعطى الجميع درساً في الأدب والشجاعة: رفض أن يترك مصر إلى أي مكان، وقرر أن يتخلى عن الحكم ويحقن الدماء، ومثل مُتهماً عادياً بعد ثلاثين عاماً من كرسي الرئاسة.
حضر حسني مبارك وحضرت معه آدابه، وحضرت معه ذاكرة رئاسية سياسية تليق برجل دولة من هذا الطراز. تحدث كرئيس سابق يحفظ جميع أصول الحكم والقانون، ولا يقبل تجاوزها. الفارق بين الشاهد حسني مبارك والمتهم محمد مرسي أن الأول جاء من مدرسة علنية في المواطنة والسلاح الجوي ورئاسة الجمهورية. الثاني وصل إلى الرئاسة ولم يدرك بعد أن الدولة ليست سراً ولا شِفرات ولا حزباً ضيقاً له مرشد. مصر هرم بشري، لا جمعية.
هامت مصر بسعد زغلول لأنه أعطاها قلبه أولاً. كان يساررها، ويشعرها أنه كبير بها وحدها. وكبرت هي به، وطفقت في الشوارع تهتف له. وروى الطفل نجيب محفوظ أن والده حمله على كتفيه لكي يمكنه من أن يلمح زعيم الأمة الخارجة إلى استقباله. ورافقت عمره غصة بأنه لم يستطع أن يدوِّن، فيما دوّن، أن اللمحة تسنت له!
لا يُرضي أحداً مشهد رئيس مصري في السجن، ولو حَكَمَ ليوم واحد، أو حُكِمَ ليوم واحد. مشهد غير مريح، سواء كان السجين رجل دولة فائقاً، أو رجلاً كان أول ما فعله فتح أبواب السجون في وجه الدولة والقانون. سوف نظل نأمل بأن تنهي مصر ثقافة السجن السياسي. وسوف يسرّع في هذا الأمر أن تعود مصر إلى روحها المدنية، وتتخلى عن جمعيات السر والعنف. تخيل حزباً يقوم على سرية القرون الوسطى في هذا العصر.
حسني مبارك كان أقرب النماذج إلى الدولة الحقانية، لولا إضافات السنوات الأخيرة، وما رافقها من ضعف بشري أخفى صورة سنوات العمل والخلاص. ظل مبارك أقرب إلى القانون، إلى أن زيّن له تجاوزه. وقد ثأر لنفسه ولمأساته وإخفاقاته عندما عاد إلى المحكمة رجل قانون من الطراز الرفيع، مرفوع الرأس، وإن كانت الكتفان انحنيتا قليلاً.

 

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أفندم أفندم



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 10:20 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن
  مصر اليوم - فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن

GMT 11:22 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 09:15 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أهم 3 نصائح لاختيار العباية في فصل الشتاء

GMT 02:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"الزراعة" تؤكد البلاد على وشك الاكتفاء الذاتي من الدواجن

GMT 13:41 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو جديد لـ"طفل المرور" يسخر من رجل شرطة آخر

GMT 02:57 2020 الإثنين ,06 إبريل / نيسان

رامى جمال يوجه رسالة لـ 2020

GMT 02:40 2020 السبت ,22 شباط / فبراير

المغني المصري رامي جمال يحرج زوجته على الملأ
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon