بقلم : سمير عطا الله
تجنبت الكتابة في موضوع «ورشة البحرين» لأسباب عميقة عندي. من الناحية المبدئية والشخصية؛ أنا مع البحرين مذ تعرفت إليها أول مرة عام 1964، صحافياً مع وفد الجامعة العربية. ربطتني بأهلها تلك المودة التي تبسطها البحرين على كل من يعرفها وتعرفه. لا هي تغيرت في مودّاتها، ولا يمكن أن أغيِّر في مودتي.
لكن المودة المطلقة لا تعني اتفاقاً مطلقاً. وقد شعرت بأن «الورشة» عبء أثقل من طاقة البلد. وفي الوقت نفسه، لم يكن ممكناً أن أنضم إلى جوقة تبنّت مواقفها مسبقاً ضد دولة تتعرض لجميع أنواع الحملات والأذى والتحامل الفظّ، فيما ترفض هي الانجرار إلى سياسات التعدي والافتراء. ليس من مخلوق موضوعي ذي ضمير؛ لا يعرف أن البحرين ضحية بُغض مستمر ومعلن وفظّ من إيران وقطر.
الأولى تريد سيادة البحرين ووجودها وهويته، بلا أي تردد، والثانية تريد نصف أرضها وكامل سيادتها، رغم الأحكام الدولية وسياسات العالم، واعتماداً لسياسة الشيخ حمد بن جاسم؛ مؤسس الدبلوماسية القطرية الجديدة. ولقد قررتُ الكتابة في الأمر فقط بعدما بثت «الجزيرة» برنامج «ما خفي أعظم»، الذي يتحدث عن تعامل البحرين مع إسرائيل ومع «داعش».
قطر أول دولة خليجية أقامت علاقات خاصة مع إسرائيل. والدوحة لم تترك حركة متطرفة إلا واستضافت زعماءها ومؤسسيها. وكذلك إيران. ومن المثير للشفقة أن تبحث «الجزيرة» عن «داعش» في تسجيل هزيل من هنا أو هناك، بينما تنام على أطنان التسجيلات التحريضية والزعيقية والداعية إلى تخريب الخليج ومصر، إضافة إلى الاتفاقات العسكرية مع أميركا وتركيا وإيران.
وبعد كل ذلك، يطلع مع «الجزيرة» أن «المخفي الأعظم» هو عند شقيقتها وتوأمها الطبيعي والتاريخي، البحرين. وتجيّش قطر شبكة كبرى من الصحف والقنوات و«اللوبيات» وشركات الدعاية في حربها الإعلامية. ومع ذلك يظل «المخفي الأعظم» في دولة صحفها محلية وتلفزيونها محلي، وترى في الوحدة الخليجية خلاصها وخلاص الخليج، فيما لم تكفّ جارتها عن الصراخ على مجلس التعاون، من داخله ومن خارجه.
يبدو أحياناً كأن «الجزيرة» أنشئت فقط من أجل الهجوم على البحرين. لكن ما نلبث أن نرى أنها قامت من أجل الحملة على السعودية... لا؛ بل الخليج برمّته؛ فمصر؛ فالإمارات. الإعلام المباشر لا يوثق به ولا يعوَّل عليه. مدرسة أخذها أحمد سعيد معه... رحمه الله.