توقيت القاهرة المحلي 16:48:39 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مفكرة القرية: زهر الليمون

  مصر اليوم -

مفكرة القرية زهر الليمون

بقلم : سمير عطا الله

إلى ما قبل الحرب اللبنانية (1975) كان زهر الليمون يعني لنا شيئاً واحداً: صيدا وبساتينها. ففي الطريق من القرية إلى بيروت، نطل على صيدا من مشارفها بعد نصف ساعة. وما إن نبلغ تلالها حتى تأتينا روائح زهر الليمون مثل موجة عارمة. ويظل هذا الفوح يرافقنا إلى أن نبتعد عن صيدا على الشاطئ، حيث تتسلم الفوح رائحة البحر.

عندما تطالعنا صيدا الآن، تطالعنا مبانٍ بلا نهايات. حجارة وإسمنت، ولا بساتين. وقد فاضت المدنية نحو جدارها في كل اتجاه. وفيما كانت قبلاً قرية في الضواحي المرتفعة، البعيدة عن «صيدا القديمة»، أو التاريخية، تقوم الآن دارة النائبة العزيزة بهية الحريري. وعندما نمر للسلام عليها، يتبادل الضيوف ذكريات زهر الليمون وفوح البساتين. الضيوف من الشبان يعتقدون أننا نتحدث عن صيدا الفينيقية.

كنا نعتقد أن البرتقال والليمون شجر ساحلي لا يعيش في الجبال، لأن حبات البَرَد تقتل الزهر في الشتاء، فيورق ولا يثمر. ذات مرة أذهلني شجر الكستناء في فلورنسا، فعدت منها وزرعت شجرتين. وهما تثمران الآن كثيراً. ومرة أخرى عدت من الإجازة الحقيقية الوحيدة في حياتي في بوزيتانو، الإيطالية أيضاً، وقد سحرني مشهد البرتقال الكثيف مثل غابة.

زرعنا شجرتي ليمون وشجرة برتقال في مساحة 20 متراً. تزهر جميعها وتثمر على ارتفاع 900 متر. وكما في عجائب الخلق والأرض: شجرة تعطي ليموناً ضخماً شديد الصفرة، وشجرة تعطي ليموناً متوسطاً قليل الصفرة. وطوال العام. والبرتقالة تحمل من الزهر ما تنوء به، لكنه لا يعقد كله، لأن لا مكان للثمار إذا اصطفت. إلا أن ما يبقى يفرح ويذكِّر بأيام صيدا والرحلة إلى بوزيتانو، المكان الوحيد في العالم حيث تتمتع بالنصب والاحتيال لشدة ما هو متقن وظريف. ومثل كل شيء آخر يغلفه الإيطاليون بالموسيقى والغناء وألذ أنواع السباغيتي.

وفي المطعم الأكثر لذةً واحتيالاً، جلس صاحبه أمامنا يفصل الفاتورة (اسمها الإيطالي). وكان كلما جمع الحساب يرى المجموع أقل من حجم الاحتيال، فيضيف بنداً آخر يدعي أنه نسيه. إلى أن شعر أنه لم يبق سوى ثمن الهواء لم يضفه، فاكتفى وضحك وضحكنا. ثم اكتشفنا شيئاً آخر قبل أن نغادر: أن هوايته هي جمع الأحذية من الزبائن، فوقع نظره على حذاء صاحب الرحلة، أخي سامي الصيداوي، فأعطي له. وفي اليوم التالي عدنا من جديد. لم يكن الغبي يعرف أن الفرح الذي يقدمه أغلى بكثير من مجموع النصب.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مفكرة القرية زهر الليمون مفكرة القرية زهر الليمون



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 10:20 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن
  مصر اليوم - فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن

GMT 11:22 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 09:15 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أهم 3 نصائح لاختيار العباية في فصل الشتاء

GMT 02:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"الزراعة" تؤكد البلاد على وشك الاكتفاء الذاتي من الدواجن

GMT 13:41 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو جديد لـ"طفل المرور" يسخر من رجل شرطة آخر

GMT 02:57 2020 الإثنين ,06 إبريل / نيسان

رامى جمال يوجه رسالة لـ 2020

GMT 02:40 2020 السبت ,22 شباط / فبراير

المغني المصري رامي جمال يحرج زوجته على الملأ
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon