توقيت القاهرة المحلي 21:12:59 آخر تحديث
  مصر اليوم -

العضل والعقل

  مصر اليوم -

العضل والعقل

بقلم : سمير عطا الله

كان توفيق الحكيم الكاتب الأعلى أجراً في مصر. ومع ذلك، كان عليه أن يقطّر على نفسه وعائلته خوفاً أن يفتقر ذات يوم. ففي عالم الأدب والأدباء والكتب والكتّاب، لا ضمانة مادية. وعندما أخذت أخبار كرة القدم وأبطالها تنتشر في مصر والعالم، قال جملته الشهيرة متحسّراً: انتقلنا من سحر القلم إلى سحر القدم.

يصادف كل يوليو (تموز) من كل عام أن أكون في فرنسا، حيث يُمضي الفرنسيّون وضيوفهم كثيراً من الوقت في متابعة ما يُعرف باسم «دورة فرنسا»، وهي المسابقة التي يشارك فيها نحو 160 دراجاً يعبرون جبال فرنسا ووديانها وسهولها، وأحياناً يخرجون منها إلى دول أخرى، وفي النهاية يقطعون مسافة 3500 كلم. تمت الدورة هذا العام فيما ضربت فرنسا الموجة الأكثر حراً في تاريخها. وإذا كانت الناس قد تضايقت من شدة الحر في بيوتها أو على الشطآن، فتخيّل ماذا كان وضع المتسابقين على دراجاتهم، بين جبال الألب وجبال البيرينيه.

في الوقت نفسه، تجري خلال هذه المرحلة مسابقات شعرية كثيرة، لا تزيد الجائزة الكبرى فيها على 10 آلاف يورو. وهذا هو الرقم المألوف أيضاً في بريطانيا والولايات المتحدة. وتُعطى جوائز مماثلة لكتاب القصص القصيرة والمسرحيات. أما الجهد العضلي، أو الجسماني، فقد تخطّت مكافأته كل خيال. هذا هو حال الدنيا، يا سيدي الحكيم. فلاعب الكرة يعيش حياة من التدريب والتعب والركض والتعرّق لا يعرفها أصحاب الأقلام الجالسين وراء مكاتبهم، لا يركض أمامهم سوى الخيال والمخيلة، وما سماه ثقلاء الكلام ومدَّعو اللغة «المخْيال».

لا أحد منّا يعرف اليوم أسماء المشاركين في سباق الماراثون الذي اخترعه اليونانيون، لكننا نعرف جميعاً أسماء سقراط وأفلاطون ويوربيديس. الفارق أن الجهد العقلي يبقى عبر القرون، بينما يغيب ذوو العضلات مع ضمورها. لكل مكافأته في هذه الدنيا، وقد يكون جمهور محمد صلاح اليوم أكبر بكثير من جمهور توفيق الحكيم، لكن صلاح لن يمثل يوماً لمصر، أو للعرب، ما يمثل الحكيم للأدب المصري والثقافة العربية.
لقد أخطأ صاحب «يوميات نائب في الأرياف» باختيار غريمه؛ كان عليه أن يغبط أدباء الولايات المتحدة الذين يحصدون من أعمالهم الملايين، أو أدباء فرنسا، أو حتى أدباء إيطاليا الذين يتسنى لهم أن تنقل أعمالهم إلى لغات أخرى.

ولعله كان سوف يضيق ذرعاً بأمين معلوف الذي باعت كتبه ملايين النسخ في أربعين لغة من لغات العالم. وإلى جميع هذه اللغات تُرجِمت الآن أعمال الروائية هدى بركات. أما مع صديقه ورفيقه نجيب محفوظ، فما تزال مطابع العالم منهمكة في إعادة طبع كتبه في جميع البلدان، واللغات أيضاً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العضل والعقل العضل والعقل



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 10:20 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن
  مصر اليوم - فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن

GMT 11:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تتفاوض مع شركات أجنبية بشأن صفقة غاز مسال طويلة الأجل

GMT 09:48 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

جيش الاحتلال يعلن اغتيال 5 قادة من حماس

GMT 10:21 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

ميلان يفرض سيطرته على الدوريات الكبرى برقم مميز

GMT 08:40 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الدلو الخمس 29 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 08:19 2020 الخميس ,13 آب / أغسطس

تعرفي على 5 طرق مبتكرة للتنظيف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon