توقيت القاهرة المحلي 12:04:58 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التحرش والتوحش

  مصر اليوم -

التحرش والتوحش

بقلم: سمير عطا الله

وصلت ظاهرة التحرش، ذلك التوحش الجماعي الهستيري، إلى السودان. ربما كانت قد حدثت من قبل ولم نعرف بها إلى أن وقعت ضحيتها إحدى نجوم البلد. لكن هذه الظاهرة المرضية تكتسح بلداناً كثيرة في العالم الثالث، منها مصر والهند. أتابع الأخبار القضائية ونصوص المحاكمات في مصر، خائفاً دائماً من دلالتها الاجتماعية. وأجد - بلا مفاجأة طبعاً - أنَّ ثمة قاسماً مشتركاً في محاكمات القتل الزوجي وسقوط العشاق من الطابق السابع، هرباً من الزوج العائد إلى منزله في ساعة غير متوقعة. أو في محاكمات نجوم «التيك توك» وعالمهم الغريب، أو في حكايات «تفاريح» الحشيش، وهو مصطلح لا يمكن أن يصدر إلا... عن حشاش.
القاسم المشترك في هذه القصص اليومية أنها تقع في المناطق الفقيرة وفي الأسر الفقيرة. ولست أذكر من قال إن سبب تعثر ذوي البشرة الملونة في أميركا، ليس عنصرية الرجل الأبيض، بل غياب الأب الأسمر عن عائلته.
تلاحظ فوراً أن عالم «التيك توك» والتحرش والانفلات الأسري غير المسبوق، إما غياب ربّ العائلة الفقير، أو تواطؤه مع ابنة أو زوجة توفر الدخل للجميع. أهم من أبرز هذا التواطؤ الانحلالي كان يوسف إدريس في قصته البركانية «بيت من لحم».
هذا لا يعني إطلاقاً أن الموسرين أكثر أخلاقاً أو محافظةً من أرقاء الحال، لكنهم أكثر قدرة على إخفاء المحن العائلية. أو أكثر تسامحاً واتقاءً للفضيحة. ولذا فإن هذا المجتمع البائس، الذي تخرج منه كل يوم، حكاية من حكايات التسيب العائلي الغريب على المجتمع المصري، أو حادث من حوادث التحرش الجماعي في الأمكنة العامة، هو واحد في مصر والهند ولبنان وأحياء الصفيح في نيويورك أو شيكاغو، ينمو في الفقر والأحياء الشعبية المزدحمة، وانهزام الحاجة أمام القيمة، والعوز أمام القواعد والأصول.
أخطر قنبلة موقوتة، يقول العالم البريطاني الراحل ستفن هوكنغ، هي القنبلة السكانية. إنها تفقد الشعوب والدول توازنها الاجتماعي. وتؤدي دائماً إلى نشوء طبقة هامشية مهمشة من الناس. وعندما يطغى الفقر يُذل شعوباً عظيمة، كما حدث في ألمانيا بعد الحرب، أو في فرنسا خلالها، عندما أصبحت المرأة تبيع نفسها أحياناً لجنود الاحتلال.
أكثر ما أخافني عندما بدأ الاقتصاد اللبناني في الانهيار الكبير، هو أثره على الحياة الاجتماعية. العائلات التي لم تعد تملك الأقساط المدرسية لأبنائها، وآلاف الآباء الذين سوف يفقدون أعمالهم. مائة ألف وظيفة في القطاع السياحي وحده. يفسِّخ الفقر المجتمعات ويذل القيم. وللمرة الأولى رجل - أو رجال - ينقبون في القمامة عن طعامهم. وللمرة الأولى أصبحنا نرى رجالاً ونساءً وشباباً يفترشون الأرصفة. وقد ارتفعت نسبة الذين على خط الفقر من 20 في المائة، إلى 55 في المائة، أي أكثر من نصف الشعب. ستة ملايين إنسان فوق عشرة آلاف كيلو متر مربع. وبلد بلا إدارة وبلا أفق ولا إحساس. مروّع المشهد التالي.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التحرش والتوحش التحرش والتوحش



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

جورجينا رودريغيز تتألق بالأسود في حفل إطلاق عطرها الجديد

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 08:22 2024 الأربعاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

قبرص وجهة سياحية رومانسية لعشاق الطبيعة والهدوء
  مصر اليوم - قبرص وجهة سياحية رومانسية لعشاق الطبيعة والهدوء

GMT 06:42 2024 الأربعاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

أول تصريح لوزير دفاع أميركا عن الهجوم الإيراني ضد إسرائيل
  مصر اليوم - أول تصريح لوزير دفاع أميركا عن الهجوم الإيراني ضد إسرائيل

GMT 07:57 2024 الأربعاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

الإعلان عن قوائم المرشحين لجوائز الأفضل في آسيا 2023
  مصر اليوم - الإعلان عن قوائم المرشحين لجوائز الأفضل في آسيا 2023

GMT 08:10 2024 الأربعاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

أفكار لتزيين الحمام بأسلوب عصري ومريح
  مصر اليوم - أفكار لتزيين الحمام بأسلوب عصري ومريح

GMT 09:52 2024 الأربعاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

غادة عادل تكرر تعاونها حمادة هلال بعد 19 عاماً
  مصر اليوم - غادة عادل تكرر تعاونها حمادة هلال بعد 19 عاماً

GMT 06:31 2024 الأربعاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

أبو عبيدة يُشيد بالقصف الصاروخي الذي شنته إيران على إسرائيل
  مصر اليوم - أبو عبيدة يُشيد بالقصف الصاروخي الذي شنته إيران على إسرائيل

GMT 08:00 2024 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

القمر في منزلك الثامن يدفعك لتحقق مكاسب وفوائد

GMT 22:01 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

اعتذار من رئيس الاتحاد الإسباني لنادي ريال مدريد

GMT 17:40 2021 الأحد ,03 كانون الثاني / يناير

الستينزنز يستعد لإعلان تجديد عقد دي بروين لمدة 5 أعوام

GMT 07:53 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

القصة الكاملة لـ"المرض الغامض" في الهند

GMT 09:06 2020 الإثنين ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"سامسونغ" تبرم أكبر صفقة على الإطلاق في تاريخها

GMT 04:09 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

ميدو يطالب بعودة الجماهير للمدرجات في مصر

GMT 07:27 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

تعرف على أفضل الفنادق قرب كومو الإيطالية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon